أعزَّ أصدقائه الذي لا يفارقه، وكذلك صديقه يحبُّه ولا يفارقه – باختصار هما توأما روح – ففي إحدى جلسات السَّمر بينهما ذَكَر له صديقه قصَّة جاره، الذي تفاجأ بخيانة زوجته مع حبِّه لها، ولاحقًا اكتشف أنَّ ابنه ليس من صلبه، فلم يتردَّد في تطليقها، ولكن الولد مازال يحمل اسمه.
لم يغادر صديقَهُ حتَّى جاءته أفكارٌ سوداويةٌ في طريق رجوعه للمنزل، وهو يسوق سيارته والأفكار الملتهبة تلعب في مخيلته، لديه طفل ملائكيٌّ يوزن بالدُّنيا ذهبًا، ونعمة يتلَّهف الكثيرون في هذا الزَّمان؛ لينالوها، فغزتْهُ فكرة أنَّ الولد ليس ابنَهُ، ولم تتوقَّف هذه الفكرة من فرض نفسها عليه رغم أنَّ زوجته تشهد لها الملائكة بالعفَّة والتَّقوى!
ويتمنَّى كلُّ الآباء أنْ تتخلَّق بناتهم بأخلاق هذا المرأة الرَّزينة، وهي تعمل في وظيفة شريفة تساعد زوجها على شظف الحياة، وصعوبة العيش، ولا تفارق عند استقبالها زوجها البسمة محيَّاها.
تصارعتْ الأفكارُ لديه، لعلَّ هذا المظهر الإيمانيَّ هو غلاف الخيانة.
وراح يحدِّث نفسه: لا أدري ماذا تفعل في وظيفتها؟، فهي تقضي مدَّة عشر ساعات في وظيفتها!
وألَّحت عليه أفكار الشَّيطان وحوَّلت كلَّ لحظة سعادة إلى شقاء، تبدَّلت فرحة الولد لنقمة مستمرَّة!
صارتْ النِّعمة حزنًا به يطول شرود الذِّهن، والشَّكُّ يغرسُ فكرة الشَّيطان بأنَّ الولد ليس ابنك، فاذهب وافحص، ولا تَبقَ مغفَّلًا!
مع علمه، ويقينه، وشهادة كلِّ أقاربه أنَّ الولد هو أنت في كلِّ تقاسيم الوجه، سبحان البارئ الخالق!
١- وسواس فكري لا طوعي.
٢- شعور بالضِّيق، وكتمان النَّفس يصاحبه حزن عميق.
٣- فقدان القدرة على الاستمتاع بالحياة.
شرود ذهنيٌّ، وعدم التَّفاعل بالمحيط.
١- مخاطبة النَّفس: إنَّ هذه الأفكار مجرَّد رسائل وهميَّة عَبَث بها الشَّيطان رغبةً منه في إدخال الحزن، والسَّيطرة.
٢- تصنيف هذه الأفكار بأنَّها أفكار مُضلِّلة.
٣- تشديد الرَّقابة على الانفعلات، والاتِّجاه بالأفعال باتِّجاه مضاد: احتضان الطِّفل – ملاطفة الأم، ومعانقتها – دائم الذِّكر لملامح الشَّبه بينهما.
٤- استدامة ذِكْر الله تعالى على كلِّ حال لا سيما الذِّكْر القلبي، وترديد قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ﴾ (سورة الأعراف: الآية 201).
نتوقَّع انخفاض درجة الوسواس عند الالتزام بالعلاج المقترح لمدَّة شهر كامل.
في الأسبوع الأول فيه تحسُّن لافت، والأسبوع الثَّاني كان أفضل بكثير، وتخلَّص من مرضه في نهاية الأسبوع الثَّالث.