التسليم ٢ :بوابة الخلوص من زيف الأنا | الطمأنينةُ و الوقار في سَكينَة

التسليم ٢ :بوابة الخلوص من زيف الأنا

صناعة الزيف 

إنَّنا كُلَّما كُنَّا أكثر وعيًا ورقابةً لما يجول في فضاء الرُّوح، كُلَّما كُنَّا أقرب للعمق والطمأنينة والاستقرار والسَّلام الدَّاخلي، والعكس صحيح، فبالقدر الَّذي نشهد فيه اضطرابًا وألمًا نفسيًا فلنعلم أن وسوسة النَّفس هي السبب المباشر له. والسبب في ذلك هي النفس حينما تكون قد فقدت تواصلها مع المطلق وأخلدت للأرض تصنع الزيف وينتعش فيها اللاوعي فيبدأ الخلل ويهيمن الوهم وكل أشكال الألم.

بوابة الخلوص من زيف الأنا:

إذن:

التحرر يمرُّ من بوابة الوعي، وبعبارة أكثر تفصيلًا إن التخلص والخلوص من عبودية الأنا الزائف، والتي نعبر عنها بالشخصية التي تستحوذ على ذاتنا الحقيقية (الروح) لن يكون متيسرًا من دون أن يضيء الوعي بشكل مستمر في قلوبنا ليسمح للروح أن تبصر دونما حجاب التصورات الذهنية أو شحنات المشاعر السلبية.

وهذه هي وظيفة الأنبياء وغرض بعثتهم، أعني تذكيرك بمنسي الفطرة وإثارة دفائن العقول، والذي يمنع هذا الهدف من التحقق هو توارد الخواطر التي يصطنعها الخيال والاستسلام للأنا الزائف.

الفطرة التي هي وعي الروح تحتاج منك لتجربة ذاتية لتسمو بك على سُلَّم كمالك الخاص، إنها تريد منك أن تميز صوت الحقيقة، وتلقي له السمع.

هناك في أعماق الفطرة تجد الغني الذي يحصل لك دائمًا عند الانتباه والتعلق بمنبع الفيض الذي تأتي منه أنت، وهذا يسمى حضورًا، هو سيكشف لك أن فقرك مملوء بالغنى الآتي من الله، حينما تتعود التوجه ستلاحظ أنك في محضر الله تعالى وتتفطن لمعنى التوحيد، في لحظة ما ستذوق طعم السكينة الثابتة، إنك الآن في حالة استسلام تام للوجود، إنه يشع من داخلك، هو يجعل لك نورًا ليس من خارجك ليشرق عليك، بل من عمق ذاتك وكينونتك لتشرق به.

في حالة التسليم هذه تلتقط الروح بشكل بسيط وصافٍ الوجود الذي هو واحدٌ وشفافٌ وذاتي الكشفِ ومُجمل، ولكنه يمكن أن يتحول وهو يشرق منك إلى ألوان الطيف كلها، ربما تجده على شكل شجاعة أو رحمة، قد يكون تسامحًا أو حزمًا، في الواقع هي الأسماء الإلهية تؤثر في كينونتك، وهي ما تظهر على شكل ردود فعل منك؛ لأنه لم يعد أمام مرآة روحك هواجس أو الخواطر المتتالية والأوهام التي تمنعك من الإبصار؛ لأن ذلك النوع من الخواطر ببساطة ينطفئ وقد يتلاشى حينما يتم الانتباه لحديث النفس. 

العالم كيان واحد 

الروح بل كل ما نراه في كل هذا العالم هو في الواقع متصل بالوجود غير المتناهي، كل الأشياء هي في محضره، في الواقع هي أفعاله وآثاره وآياته، وبعبارة أكثر عمقًا: كل هذا العالم في حقيقته كيان واحد، إنه ذلك الفيض وأنت انعكاس وتجلٍّ صغير للوجود، ولكن حينما تلغي خصوصيتك تبصر مَدَياتٍ واسعة من الوجود، وهذا التشويش الذي ينبع من التركيز على خصوصيتك وحدودك (أيماهيتك“) هو ما يمنعك من إيجاد تلك الطبقة والرتبة الراقية من الوجود.

في الحقيقة هذا التفرد والتميز القائم على أساس عزلنا عن الكيان الواحد الذي ننتمي إليه يصنعه تفاعل بين الخواطر النفسية والشعور، وهو ما يراكم الحجب المانعة من إبصار النور؛ لأنّها تقتطعك من العالم العلوي، هي تنحدر بلك لأدنى قعر في عملية نموّك الشخصي، وكلما انحدرت شعرت بانفصال أكثر وغربة وفراغ أشد، وبدأت تجزئة الأمور وإبصار الكثرة بوصفها مستقلة، وهذا يضع أقفالًا وستارًا كثيفًا وغير شفاف بينك وبين كل شيء، ستارًا يبدأ بفصلك عنك، ولا ينتهي بعزلك عن مجتمعك؛ لأنه في باطنه غفلة تقف بينك وبين الله.

تمرينكيف نقع في فخ الكثرة“: 

راقب ما يصنعه حديث النفس من شعور هو يستمر في تقسيم الأمور وبمعدل لا يقف عند حد، ومع كل كثرة وقسمة جديدة تصنع لنفسك عزلة جديدة.

شارك المقال:
هل وجدت هذا المقال مفيدًا ، يمكنك الاشتراك لتصلك مقالات مشابهة
مواضيع ذات علاقة
A family showing support and building trust with a paper cut out.

دعم الأهل بنى الثقة

مراحل الإيذاء العاطفي

الإيذاء العاطفي ٢: مراحل الإيذاء العاطفي

الإيذاء العاطفي ١٣: كيف نتعامل مع المبتز | الطمأنينة و الوقار في سكينة

الإيذاء العاطفي ١٣: كيف نتعامل مع المبتز ؟

التسليم ٢ :بوابة الخلوص من زيف الأنا | الطمأنينةُ و الوقار في سَكينَة

التسليم ٢ :بوابة الخلوص من زيف الأنا

كيف تتعامل مع الإيذاء العاطفي

الإيذاء العاطفي ٦: كيف تتعامل مع الإيذاء العاطفي

التحفيز لتفعيل القدرات وتنشيط السلوك | الطمأنينةُ و الوقار في سَكينَة

التحفيز لتفعيل القدرات وتنشيط السلوك

التواصل اللفظي

مهارات الحياة ٣: التواصل اللفظي وغير اللفظي

التنمر في العمل

التنمر في العمل ٤: منع التنمر

هل تكتب مقالات؟

تستطيع الكتابة لمساعدة الآخرين، اكتب لنا و سننشر لك مع الاعتبار لسياسة كتابة المقالات التي نتبعها

Survey
Interested in reading articles
Articles Writer