الإمام علي (عليه السَّلام): «من سعادةِ المرءِ أنْ تكونَ صنايِعُهُ عندَ مَن يشْكُرُهُ …».
موقع التَّصفُّح المرئي (اليوتيوب) فيه محاضرات كثيرة عن الإلحاد وتبعاته، فهذا الشَّاب يستمع للذين يفنِّدون عقيدة الإلحاد الباطلة، وهو متزوِّج وقد رزقه الله أطفالًا كطيور الجنَّة، ويقرُّ هو نفسه: إنَّ زوجته من أفضل النِّعَم الإلهيَّة التي أنعمها الله تعالى بها عليه، ولكن بعد استماعه لهذه المحاضرات هجر زوجته في الفراش لاعتقاده أنَّ الإلحاد قد دخل قلبه، وحرُمتْ عليه شرعًا!!
تحوَّلت تلك الحياة الجميلة الهانئة مع زوجته وأولاده إلى جحيم لا يطاق، فلا يرد على أسئلة أولاده، ولا يبتسم في وجه زوجته، ويلحُّ أبناؤه عليه للخروج إلى المتنزَّه كما كان يفعل من قبل، ويمزح معهم، ولكنَّه قَد فقد معنى الرَّاحة وهدوء البال، وتأتي الأسئلة كرشِّ المَطَر دون توقف: هل تحلُّ لي زوجتي؟
هل سيبقى الأبناء معي؟
وتستمر هذه العاصفة من الأسئلة والوسوسة تقضُّ مضجعه وتُقلقه، ولا قدرةَ له على صدِّها، وإيقافها.
لم ينتظر حتَّى يقضي الخوف عليه وعلى أسرته، فبدأ محالات العلاج، بقراءة بعض الزِّيارات حسبما أوصاه منْ يثق به لعلَّ وعسى ينزاح هذا الألم النَّفسيُّ منه، فلم ينتفع بما يقرؤُه!
وهو يقول: السَّبب فيَّ، وليس في الزِّيارات، فذهب بعدها لمعالجٍ عن الجنِّ، وقد وصف له بعض الوصفات العلاجيَّة، فلم تتحقَّق أيُّ فائدة منتظَرَة، ولم يتغيَّر ساكنٌ في حالته الفظيعة، حتَّى عندما زار الطِّبيبَ النَّفسانيَّ لم يستطع أنْ يعمل له شيئًا – كما يتصوَّر – بل ملَّ منه ونفر من معالجته، فأصبحت حياته يسكنها الخوف المرعب، والمجهول الذي يغرق في وُحُوله.
١- وسواس فكري لا طوعي.
٢- ضيق مصحوب بحزن شديد.
٣- فقدان القدرة على تذوُّق طعم الحياة.
١- شرود البال، وعدم القدرة على التَّفاعل مع المحيط.
٢- فقدان الشهية.
٣- عدم القدرة على المعاشرة الزَّوجيَّة، وضعف في الانتصاب.
هذا وسواس فكري قهري، عليه أنْ:
١- يخاطب نفسه: إنَّ ما يصله من أفكار هو بمثابة رسائل كاذبة، ووسوسة شيطان لعين، يهدف لإدخال الحزن إلى قلبه، فلا مناقشة لهذه الرَّسائل، ولا لقمعها، ولا كبتها، ولا الهروب منها، يجب تصنيفها على أنَّها رسائل مضلِّلة.
٢- مراقبة الانفعالات مراقبة جادَّة وشديدة، وأنْ تكون ردَّة الفعل مضادَّة تمامًا بأنْ تبدأ بلقاء الزَّوجيَّة.
٣- المداومة على ذِكْر الله تعالى، وضرورة ترديد قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ﴾ (سورة الأعراف: الآية 201).
٤- الاستعانة بالله تعالى، والاستعاذة به إنَّه هو القويُّ الذي يدفعُ شرَّ الشَّيطان الغويِّ.
٥- يجب الابتعاد عن تلك المحاضرات خاصَّة للإنسان الذي مثلك حيث لا يمتلك وعيًا عقائديًّا فيخوض في بحر العقيدة.
٦- ملْءُ الوقتِ بطلب الرِّزق لمَن هم في عهدتك، واسعَ في الكدِّ والكدح.
٧- التَّأمل في روايات الوسواس، وروايات الإيمان.
نتوقع أنْ تهاجمه نوباتٌ من الخوف المتقطِّع، وقد تستمرُّ معه لمدَّة ستَّة أشهر إلى عام كامل.
استعمل أسلوب العلاج بالعمل واستغرق جل وقته في عمله اليدوي، وكان لصاحبه دور في إهمال أفكاره الشيطانية وكان يقول له: اهمل كل الأفكار دون مناقشة ولا ترد عليها، ثم استطاع التغلب على الوسواس الشيطاني ولله الحمد، واستمرت تلك المجاهدات سنة كاملة، وعاد إلى حياته الطبيعية مع زوجته وأولاده.