ماهي قاعدة الخمس ثوان؟

قاعدة الخمس ثوان هي تقنية للإدارة الذاتية، وهي تدعو إلى أن يبدأ الأشخاص في إكمال مهمة ما قد تكون غير سارة في غضون 5 ثوانٍ، وإلا فقد يحاولون الميل إلى تأجيل إكمال المهمة، ويتشبثون بأعذار غير منطقية، وبالتالي فإنّ هذه التقنية تعمل على تعزيز الدافع للانتقال من حيز التفكير إلى مجال العمل قبل أنْ يخفت ذلك الوهجُ بسبب تلك الأعذار.

لاحظ أنَّ هذه القاعدة في الواقع تركّزُ على التعامل مع الأعذار والعقبات النفسية الداخلية، التي قد تكون حسب وجهة نظر الشخص أنَّها موانع ذات قيمة عالية تصده عن القيام بفعل أو عمل ما، في حين أن تلك العقبات هي من صنيعة الشخص حتى يتوقف عن إنجاز أي مهمة، بالتالي فإنَّ العقبات ما هي إلا وَهْمٌ من أجل الهروب عن أداء المهمة وتحقيق الأهداف.

ووفقًا لميل روبنز: فإنَّ قاعدة ال٥ ثوان هي أداةُ ما وراء المعرفة، بسيطةٌ ومدعومةٌ بالبحث، وتخلقُ تغييرًا فوريًا ودائمًا في السلوك، وما وراء المعرفة هو مجرد كلمةٍ خيّاليةٍ لأي تقنيةٍ تسمحُ لك بالتغلب على عقلك من أجل تحقيق أهدافك الأكبر.

كيف تستخدم قاعدة الخمس ثوان ؟

استخدام القاعدة بسيط جدًا، فكلما شعرتِ وأحسسْتَ بالعمل على هدفٍ ما أو التزام بتحقيق مشروع ما، أو حتى في اللحظة التي تشعرُ فيها أنك مترددٌ في فعل شيءٍ ما وتعلم أنَّهُ يجبُ عليك فعلُهُ، استخدم القاعدة. 

ابدأ بالعد التنازلي لنفسك: ٥-٤-٣-٢-١، حيث سوف يساعدك العدُّ على التركيز على الهدف أو الالتزام، ويصرفك عن الهموم والأفكار والمخاوف في عقلك، بمجرد أنْ تصل إلى “١” ابدأ بالتحرك فورًا، والأمر بسيطٌ  للغاية فبمجرد أنْ تشعر أنَّ هناك ثمة شيء يجبُ عليك فعلُهُ، لكنَّك تشعر بعدم اليقين أو الخوف أو الإرهاق يمنعك من الإقدام فقط تحكّم بالعد التنازلي ٥-٤-٣-٢-١، ستأخذك هذه الخطوة لمرحلة من التوازن والهدوء وسوف تساعدك بنسبة كبيرة في التحكم بعقلك، بعد ذلك تحرّك عندما تصل إلى “١”.

العدُّ التنازلي ومن ثمّ التحرك هي مجموعة أفعال من خلال تعليم وتدريب نفسك لاتخاذ إجراء معين سيّما إذا كنت عادة توقف نفسك عن طريق التفكير، وهذا ما يناسب مقولة “فكّر قبل أنْ تعمل“، يمكنُكَ إحداث تغيير ملحوظ، فالعدُّ العكسي يؤدي إلى تحقيق بعض الأشياء المهمة في وقت واحد: فهو يصرفك عن مخاوفك، ويركّز انتباهُك على ما تحتاج إلى القيام به، ويحثُّك على التصرف، ويقطعُ عادات التردد والإفراط في التفكير، وكبح جماح نفسك، فإذا ما أقدمتَ بالتفكير على القيام بمعصيةٍ ما صغيرة كانت أو كبيرة عليك أنْ تركن إلى ذاتك الحقيقية في صورتها الخيّرة وتستمع لنداء الحق، وتقاوم ذلك بالتأنّي والتفكير باستخدام تقنية العد التنازلي والتي من شأنها أن تعيد لك استقرارك النفسي والعاطفي وتحفزك على التفكير قبل الإقدام على عمل شيطاني.

الدافع لـ ٥…٤…٣…٢…١ الانطلاق!

وفقًا لميل روبينز، يجب عليك القيام بما يلي بمجرد أنْ تشعر بالاندفاع أو الالتزام أو حتى الرغبة في إكمال المهمة: عدْ تنازليًا من ٥ إلى ١ وانطلق ٥…٤…٣…٢…١، ومن خلال هذا العد النشط إلى الوراء – العد التنازلي – ستجلب الزخم إلى جانبك وتقوِّي لديك الدافع وتحفّز نفسك قبل أنْ تفكرَ في العقبات والموانع والأعذار المحتملة، لا تتبع دافعك الأولي، فمن المحتمل أنَّك ستتوقف بمجرد الالتفات إليه، بل ابدأ بالعد التنازلي والذي يعيد لك التوازن والذي يساعدك على تجاوز سلسلة الموانع والعقبات والأعذار.

في أي الأمور يمكنني استخدام قاعدة الخمس ثوان ؟

● يمكنك استخدامها لتغيير سلوكك

يمكنك استخدام قاعدة الخمس ثوان لدفع وتحفيز نفسك لخلق عادات جديدة ومفيدة، والابتعاد عن العادات السيئة والمدمرة، وإتقان مهارات المراقبة الذاتية والتحكم في النفس حتى تكون أكثر إصرارًا وفعالية في علاقاتك مع نفسك ومع الآخرين.

● يمكنك استخدامها للعمل بشجاعة 

يمكنك استخدام القاعدة لاكتشاف الشجاعة التي تحتاجها للقيام بأشياء جديدة أو مخيفة لأن فيها نوع من المغامرة أو غير مؤكدة، وسوف تهدئ القاعدة شكوكك الذاتية وتبني الثقة بينما تدفع نفسَكَ وتحفزُها لمتابعة شغفك وحبك للإنجاز، ومشاركة أفكارك في العمل وذلك بطرحها أمام الآخرين دون تردد أو شكٍّ بقيمتها، كما ستدفعك للتطوع في المشاريع التي تمدك براحة نفسية، ومن جهة أخرى ستخلق وتصقل مواهبك و فنك، كما أنّها ستساعدك على أن تصبح قائدًا أفضل.

● يمكنك استخدامها للسيطرة على عقلك

يمكنك استخدام القاعدة لإيقاف وابل الأفكار السلبية والمخاوف التي لا تنتهي و تثقل كاهلك، كما يمكنك أيضًا التخلص من عادة القلق والتغلب على أي خوف قد يداخلك، عندما تتحكم في عقلك، فأنت بذلك ستكون قادرًا على التفكير في الأشياء التي تجلب لك السعادة بدلاً من التركيز على الجوانب المظلمة والسلبية. 

لماذا تعمل هذه القاعدة رغم بساطتها الشديدة؟

تعمل القاعدة لأنها بسيطة للغاية، هناك جميع أنواع الطرق المخادعة التي يقتل بها عقلُك رغبتَك في التصرف، كتب بعض الباحثين والأساتذة والمفكرين كيف أنّ عقولَنَا تخونُنَا بقائمة لا نهاية لها من الحيل بما في ذلك ما يسمّى بالتحيزات المعرفية، ومفارقة الاختيار، ونظام المناعة النفسي، والأضواء، في اللحظة التي تريد فيها التغيير، أو التخلص من عادة، أو القيام بشيء صعب أو مخيف، فإنَّ عقلك يذهب للعمل على إيقافك، هل تتصور ذلك ؟ إذن من الذي يحفزني على فرملة ذلك والبدْء بالانطلاق نحو الإنجاز ؟ نمط التفكير يلعب دورًا كبيرًا في في التغلب على مرحلة سكون العقل والتوقف عن القفز على تلك الحواجز ومن الأدوات البسيطة القادرة على تحريك العقل نحو الإنجاز هي قاعدة الخمس ثوان.

في الأساس يخدعك عقلك في التفكير في الأشياء، وفي اللحظة التي يتمُّ فيها خداعك للقيام بذلك، ستُحَاصِرُ أفكارُك عقلَكَ لديه طرق متعددة لإبعادك عن الفعلِ، هذا هو السبب العصبي وراء صعوبة التغيير، يتطلبُ منك التغييرُ القيام بأشياء غير مؤكدة أو مخيفة أو جديدة، لن يسمحَ لك عقلُكَ حسب التصميم بفعل مثل هذه الأشياء، يخاف عقلُكَ من الأشياء التي تشعر بعدم اليقين أو المخيفة أو الجديدة، لذلك سيفعل كل ما في وسعه لإخبارك عن عدم القيام بهذه الأشياء، إنَّهُ جزءٌ من أسلاكك الشاقّة، وهذا الترددُ يحدث بسرعة كبيرة، لهذا السبب عليك أنْ تتصرف بشكل أسرع للتغلب عليها.

عناصر قاعدة الخمس ثوان

هناك بعض الجوانب التي يجب مراعاتها عند تطبيق القاعدة:

١- لا يتعلق الأمر بتجنّب المخاطر أو تجاهل التجارب، بل يتعلق بصورة أكبر بالشعور أو النية.

٢- هناك علاقة بين الدافع والهدف، ربما ترغب في المضي قدمًا في مشروع ما، ولديك دافع حول كيفية المضي قدمًا بالمشروع، واتباع هذا الدافع والتعبيرعن رأيك.

٣- تحتاج إلى البدء في العمل وربما تجبر نفسك على فعل “شيء ما“، فقد تخطط لاتخاذ قرار الابتعاد عن أحد أصدقاء السوء نظرًا لأفكاره المنحرفة أو معتقداته الملوثة عن الدين وقد جمعت كل تلك الحجج والأسباب لاتخاذ تلك الخطوة ثم تتحدث إليه، ربما لا توجد “لحظة مثالية” لبدء الحديث ومصارحته، ولكن إذا كنت تنتظر أنْ تأتي تلك اللحظة من تلقاء نفسها، أو أن يمنحك هو تلك الفرصة بمفرده، فقد تنتظر وتضطر للتسويف والتأجيل وأنت لازلت لم تتخذ أي خطوة للأمام، وقسْ على ذلك كل المشاريع التي تخطط لأن تنجز فيها لكنك لا تتخذ الخطوات العملية بداعي انتظار الفرصة ! الفرصة لن تأتي أبدًا ما لم تبدأ خطواتك الأولى نحوها فانت من يقرب الفرص أما الفرص فهي لاتتحرك.

٤- ما تحتاجه هو “دفعة“، وأنت تعطي هذه الدفعة لنفسك، إذا كان هناك الدافع والرغبة بتحقيق هدف ما، كأن تستهدف التوقف عن عادة التدخين على سبيل المثال فابدأ العد التنازلي: ٥…٤…٣…٢…١ ثم انطلق!

٥- بعد أنْ تحقق الدفع الذهني لابد أن تتبع ذلك بالحركة الجسدية. قم بالوصول إلى سماعة الهاتف واتصل بـ “العميل الصعب“، اذهب إلى زميلك وأخبره برأيك، ربما يكون العكس هو الصحيح وتمنعك الحركة الجسدية من القيام بشيء ما، على سبيل المثال لا ترد على إهانة.

٦- من المهم أن تبدأ في غضون ٥ ثوانٍ – نظريًا في ٤ أو ٣ ثوانٍ، اعتمادًا على مستوى ممارستك ومدى قدرتك في تطبيق هذه القاعدة، إذا كنت غير قادر على التفاعل بنشاط مع الدافع، فسوف يمر الدافع ولن يتغير شيء، ربما يكون هذا مؤكدًا بطريقة ما، لكنَّهُ – على الأقل وفقًا لميل روبينز مؤلفة كتاب قاعد الـ ٥ ثوان – غير فعّال.