علم القلب ومعرفة الخواطر
الخواطر جمع خاطر وهو اسم لما يتحرك في القلب من رأي أو معنى يقال: خطر ببالي وعلى بالي أمر، وأصل الكلمة يدل على الحركة والاضطراب كما قيل ، وكان الكُمَّلُ من البشر يرصدون تلك الخواطر والمعاني التي تتقلب في صدورهم فيُقيّدون ما تُحدِّث به نفوسهم وتهم به، ويحاسبونها عليه، بل ترقى بهم الأمر لدراسة هذه الظاهرة فيما يسمونه علم القلب ومعرفة الخواطر، وقد أثبتوا أن للفكر قوانين كما للطبيعة في للكيمياء والفيزياء قوانين، حتى أن علم النفس أخضع هذه الظاهرة البشرية للكثير من الدراسات ومنه دراسة التخاطر وهي نقل الخاطر من شخص إلى آخر ، وتمركز الفكر دون أن يشاب بخاطر نفسي شعوري أو بمعنى فكري يَحْرِفْهُ، وتداعي الخواطر وتواردها و ازدحمها في عقولنا حتى نكاد نفقد التواصل مع أفكارنا الأصلية .
وقد ثبت بالوجدان أن تدفق الخواطر على العقل والقلب دون وعي يساهم في هدرٍ كبير للطاقة الحيوية، وفي لحظة ما نكتشف أن هناك أمر خفي قد يكون شهوةً مقموعةً أو غضبًا كامنًا في القلب، وربما إيحاء شيطاني هو منبع تلك الخواطر ، يطلقها بكثافة على عقلك وقلبك، إنه يستخدمها “كفيروسات “معادية ، والغرض أن يستحوذ عليك يستخدم عقلك كأداة دائمة العمل وبشكل مستمر لا يتوقف، وغالب تكون ضمن نمط وسياق محدد ولكن في الإتجاه الخاطيء تمامًا ، في البداية ستكون تلك الرسائل الكاذبة التي تملأ بريد عقلك قليلةٌ، مع التعهد وكثرة تكررها تتحول لإرادة، وحينما تترسخ وتستحوذ عليك توهمك أنك أنت هي.
التفكير لا يرادف فوضى الخواطر الذهنيّة
التشافي الذاتي للقلب يتطلب منك البصيرة أن تعي بوضوح أنّ التفكير والوعي لا يرادف فوضي ما يعيشه ذهنك من توارد المعاني لأنَّ الوعي هو إدراكٌ إراديٌّ تقوم به وأنت مختار، غير خاضع لتهديدٍ يصدر من دواخلك اللاإرادية، إنك بحاجة لهدوء ذهنيِّ، وأن تذهب لما هو أعمق من تلك الرسائل الكاذبة التي تشوِّش صفو أفكارك، والتي قد يكون الغيظ المكبوت في داخلك منصة الإطلاق لها حين تتنكر أنت له ولم يجد مُتنفسًا فيبحث عن طريقة للتعبير و كان أسهلها سيل الصور الذهنية والخيالات، ربما يوقظ غيظك هذا بما يمنحك من حيويِّة منخفضة ومن تجاعيد وجهٍ قاسٍ، وضيق في الخُلق غضب الآخرين، ويجعلك موضعًا مناسب لهجوم الغير عليك.
العادة التي نريدك التدرب عليها وتكرارها دائما هي أن تكون أنت المراقب لأنشطة اللاوعي التي تحصل في فضاء روحك ، تلحظها بوصفها لاوعي أي دون أن تسترسل معها، فقط كن أنت الشاهد المراقب لما يحدث في داخلك.
تمرين (مواجهة الشعور مباشرة)
إذا تعرضت لشعور يجعلك تشعر بالغيظ أو العار أو القلق، أو نقصان الذات، واجه هذ الشعور مباشرةً وانصرف عن ملاحظة الأفكار التي يطلقها، إحذر من التماهي والمطابقة والاسترسال معها ، فقط ركز على شعورك بالعار والإهانة أو الغيظ والغضب أو الخوف والقلق، ستكتشف أن هذا الشعور بدأ ينطفيء ويختفي، طبق ذلك كلما أحسست بأي شعور سلبي .
تمرين آخر (حرك خواطر الإيمان)
كما لا يمكن أن تتوارد فكرتين على عقل واحد في آن واحد، كذلك لا يمكن توارد شعورين في نفس الآن على قلب، فحرك خواطر اليقين لتزاحم به حركة الوهم والشهوات والغضب، بعبارة أخرى حرك خاطر الرقيب الإلهي، وتأمل في كلام الله تعالى ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾، وقوله ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ ، كن على يقين أنه ينظر إليك وهو الشاهد على ما يجري في دواخلك.