يشبه الشيخ النراقي في جامع السعادات الأخلاق بدائرة في مركزها توجد الفضيلة بينما تشكل الرذائل سائر النقاط المبتعدة عن المركز حتى تصل لأقصاها عند المحيط ، وفي المركز نجد الحكمة والشجاعة والعفة والعدالة ، وبما أن نقاط الرذائل لا حصر لها ، ونقطة الاعتدال وهي المركز الحقيقي يصعب معرفته بدقة ويتعسر الاستقامة عليه بعد وجدانه، احتاج الانسان لجهاد أكبر وينقسم إلى:
١- معرفي: يتعرف فيه على فضائل الأخلاق ورذائلها.
٢- سلوكي: يلتزم فيه بالاستقامة على جادة الاعتدال والصراط المستقيم الذي أمرنا الله بالثبات عليه ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ سورة هود، آية 112.
لكل رذيلة طرفان:
الانحراف عن المركز قد يكون بسبب الزيادة والمبالغة وقد يكون بسبب النقصان أو التعطيل، ولنذكر لذلك مثالا توضيحيًا، قد يصاب طفل بأعراض الشخصية التجنبية، سنلاحظ عليه الخجل والعزلة وتجنب الغرباء والشعور بعدم الكفاءة الاجتماعية فهذا انحراف عن حد الاعتدال لجهة التفريط والتعطيل، وربما نلاحظ طفلا آخر تظهر عليه أعراض “الاعتلال الاجتماعي” لا يكترث أبدا بالصواب والخطأ، تصدر منه الكثير من المشاكسات مع نوبات من الهيجان والعنف والعدائية مشوبة بالكذب والخداع والغطرسة، وربما تتمظهر حدته وعدائيته تجاه الحيوانات أو الأفراد أو الممتلكات العامة.
طريقة العلاج
وبشكل عام يعتمد العلاج على درجة الانحراف ثم تحصيل الفضيلة التي هي ضده، و المواظبة على الأفعال التي هي آثار تلك الفضيلة ولذلك:
أولًا: سيبدأ المعالج أو معلم الأخلاق بمراقبة سلوك الطفل وتشخيص حالته عن طريق:
١- جلسات تفريغ وجداني : يتعرف فيها على مشاعر الطفل وأفكاره ، وردود أفعاله ، ويسعى لتخليصه من الإحباطات والقسر والإكراه النفسي.
٢- الملاحظة: يتعرف على ظروف تربيته ونوع الأسرة التي عاش فيها وهل تعرض للإيذاء أو الاهمال .
ثانيًا: يستخدم المعالج وصفتين مختلفتين فالطفل الأول يتم تحفيزه على الاندفاع نحو العلاقات ومطالبته بردود فعل تجاه البيئة الاجتماعية وحثه على شيء من الجرأة الزائدة، بينما يطلب من الطفل الآخر التقليل من اندفاعة وضبط ذاته ومحاولة تفهم مشاعر الآخرين، فالطفل المتهور الذي يقدم على ما ينبغي الحذر منه سوف يتم تمرينه على الحذر، بينما الطفل الجبان الذي يحذر مما ينبغي الإقدام عليه سيتم دفعه نحو الاقدام والمبادرة.
تفصيل معنى العمل بالضد الأخلاقي
تقسّم مدرسة الاعتدال الذهبي ونظرية الأوساط والأطراف مراكز الأخلاق إلى أربع فضائل وبإزاء كل فضيلة جنسان من الرذائل فـــ :
أولًا: الحكمة هي فضيلة العقل والتفكير وهي حد الاعتدال: حد الزيادة والافراط “الجربزة” وهي : المبالغة في التفكير واستعماله فيما لاينبغي أو في الزائد على ما لاينبغي، وحد النقصان والتفريط البله وهو: تعطيل القوة الفكرية عدم استعمالها في ما ينبغي أو في الأقل مما ينبغي .
ثانيًا: الشجاعة وهي فضيلة القوة الغضبية وهي حد الاعتدال، حد الزيادة والإفراط “التهور” هو الإقدام على ما ينبغي الحذر عنه، وحد النقصان والتفريط “الجبن” و هو الحذر عما ينبغي الإقدام عليه.
ثالثًا: العفة وهي فضيلة القوة الشهوية وهي حد الاعتدال، حد الزيادة والإفراط “الشره” وهو الانهماك في اللذات الشهوية على ما لا يحسن شرعا و عقلا، وحد النقصان والتفريط “الخمود” وهو سكون النفس في طلب ما هو ضروري .
رابعًا: العدالة وهي حد الاستقامة في كل القوى مجتمعة، حد الزيادة والإفراط “الظلم“: هو التصرف في حقوق الناس و أموالهم بدون حق، حد النقصان “الإنظلام“: وهو القبول بأن يكون مظلومًا فيمكّن الظالم من نفسه والانقياده له فيما يريده من الجبر والتعدي على سبيل المذلة، وكل من الظلم والانظلام رذيلة ونوع من الظلم.
أساليب يستخدمها معلم الأخلاق:
لتطبيق ناجع لطريقة المعالجة بالضد الأخلاقي سيسعى معلم الأخلاق لما يلي:
١- المراجعة الدورية للمحافظة على المستوى المتقدم من حفظ الفضائل ، ودفع وطرد رذائل الأخلاق .
٢- دمج الأفراد والأطفال في وسط اجتماعي سليم قدر الإمكان وتحفيزهم لمصاحبة الأخيار.
٣- تمرين الافراد تحمل المشاق، فمثلا البخيل سوف يتدرب على إنفاق المال وبذله على المستحق، والجبان سوف يتم تعريضه لمواقف فيها شيء من الخطورة وفق احترازات محددة يراقبه المعلم.
٤- تعويد الفرد على تأديب نفسه بالعمل بالضد، فالانسان الشره اذا خالف الاتفاق يعاقب نفسه بالصوم.