خواطر اللاأمن
يبدأ الإنهيار والتفكك من خاطرة نتجتْ عن سلسلة من المواقف، أنها تسمح بتدفق شعورٍ عميق من الخوف مع ردة فعل تتسم بالانسحاب والإنطواء؛ فالعالمُ خطيرٌ وغيرُ آمن ولذا يحتاج إلى الخصوصية للتفكير كي يتم تزويد النفس بالطاقة، هكذا يشتغل حديث النفس :”مادُمتُ بين النَّاس، عليّ أن اضبط نفس، حتى لا ينتبه الأخرون لشعوري ، لذلك لابد لي من حجب المشاعر ، وتأتي العاطفة لاحقًا، عندما أكون بمفردي حيث أشعر بأمان أكثر” .
وهناك في الخلوة مع الذات يحصل التشظي، فتبدأ الأنا بفصل إلتزامات الحياة عن بعضها البعض، فلكلِّ التزام صندوقه الخاص، ولكل شيء مهلة زمنية، وسيل لا يتوقف من الأفكار اللاطوعية تريد رسم خريطة وفق أنظمة تحليلية تشرح بها طريقة عمل الناس المحيطين بك .
يتولد من هذا الإحساس بعدم الملاءمة والرفض والنقد، حالة من تجنب الانشطة التي تنطوي على التواصل الاجتماعي ، وعدم الرغبة في الانخراط مع الآخرين ، وقد يتطور الأمر ليتراجع – ضحية الخواطر هذه – عن العلاقات الدافئة مع الأهل والزوجة ، مع حذر دائم مختلط بالخجل ، وعلى الصعيد الاجتماعي قد يزعجك جدًا إنتباه الآخرين إليك، وهذا الانتباه ستعتبره نوع تدخل في خصوصياتك، وسنتوقع حينها أنَّ تقليل الاحتياجات والحرص الشامل على عدم تسهيل أي مساحة من النفس والعواطف أو المال أو الجهد للغير .
السعي ضد خواطر التجنب والعزل “التأقلم“
عندما تشعر أن ما سابق ينطبق عليك ، تكون قد اكتشفت أنّ حديث النفس وآلياته المتبعة لا تمنحك الأمان الذي تنشده، بل هي تضيق الخناق عليك، إنَّ الرفض للمجتمع الذي تولده تلك الأفكار والمشاعر اللاطوعية هو الحجاب الذي يسجنُكَ في شرنقته، ولتتحرر من هذا الإصر والأغلال سيكون عليك أن تسير في الاتجاه المعاكس تمامًا، ستبدأ من إشراك العائلة والأصداقاء، ولكن الأهم هو جهاد النفس والرعاية الذاتية، أنْ تأخذ بعين الاعتبار في بحثك وقراءاتك وسعيك مهارات التأقلم الصحية، التي تحول بينك وبين الإنكفاء على الذات، التسليم و الثقة في قدرتك على الموائمة وروح الإبداع والسخاء والنشاط والارتباط بحرارة بالآخرين هو سبيلك للتشافي الذاتي .
تأمل بوعي في هذا التوكيدات
كما أن التحليل والتفكير مصدر قد يساهم في منحك الأمان إلا أنه مصدر مضلل قد يجعلك تفقد أمنك الاجتماعي، فأنت بحاجة أن تشاطر المجتمع كل تجارب الحياة وبقوة، لأنك تمتلك كل ما تحتاجه داخل نفسك، ولن تخسره إذا انفقت منه فهو يتجلى منك ولا يتجافى عنك بل إن المشاعر الطيبة والنبيلة تزكو مع الأنفاق وتزداد .
تمرين ( اكتشف التناقضات)
رقبْ دواخلك ولاحظ التناقض بين التحليلات العقلية والتجربة الحية، والتناقضات بين المشاعر التي تظهر عندما تنكفء على ذاتك ونقصانها في اللقاءات وجهًا لوجه مع الآخرين، ستعرف بوعي حينها قيمة ردود الفعل العفوية والنشاط المفتوح.
