الإيذاء العاطفي

الإيذاء العاطفي ٥: الأمثلة الشائعة للمبتزين عاطفيًا

أمثلة شائعة للمبتزين عاطفيًا

كما ذكرنا سابقا فإنّ المبتزين يمارسونَ سلوكَهم بوعيٍ وبغير وعيٍ مستخدمينَ استراتيجيات وأساليبَ متعددةً، وذلك إرضاءً لأنفسهم وتحقيقًا لأهدافهم دون النظرِ إلى تلك النتائج، فهم يحمّلونَ الآخرين تلك النّتائج ويبرّرون ذلك بأسبابٍ قد تكون منطقيةً ولكن لا يبرر لهم إهانةَ وابتزازَ الآخرين، إلا أنّهم يمارسون عن سبق إصرار أو عن غفلة تلك الأساليب كنوع من الانتقام والتشفي والإحساس بالإنجاز، تقول فوروارد أنَّ سلوكهم يتماشى بشكل عام مع واحد من أربعة أنماط رئيسة:

١- المعاقِب

هذا الشخص سيقول ما يريد أو يطلب، ثمَّ يخبرك بما سيحدث إذا لم تمتثل، وغالبًا ما يعني هذا تهديدات مباشرة، ولكن يستخدم أيضًا الغضب أو الصمت للتلاعب بك، إليك أحد الأمثلة التي يجب وضعها في الاعتبار ليكون الأمرُ واضحًا لديك:

تدخل على أحد أصدقائك فرحًا لا تسعك الحياة قائلًا: لقد فزت بجائزة أحد البنوك بمبلغ مليون دينار، ما رأيك أنْ أدعوك على وجبة غداء بهذه المناسبة؟ لكنّه يبدي عدم اكتراثه بما تقول، بل وسرعان ما تتغير ملامحه ولا يبدي أية ردة فعل سوى كلمة مبروك، ويتطور موقفه ليهمّ بمغادرة المكان، ويتغير مزاجه على الفور، فهو يحاول قدر الإمكان أنْ يسبّب لك الألم، وهو ما يُطلق عليه بالتهميش العاطفي؛ لأنّك حصلت على جائزة وهو يعتقد أنّه من  يستحق ذلك، ولهذا فهو يتصرف وفق مشاعره بغض النظر عن مشاعر الفرحة لديك، وهي صفة لا تتماشى مع المنهج الأخلاقي الإسلامي، إذ يعتبر الإسلام أنَّ مشاركة فرحة الآخرين فيها ثواب كبير، ونوع من أنواع التكافل الاجتماعي، فعن أبي عبد الله عليه السلام كما في الرواية المنقولة عنه قال: “تواصلوا وتبارّوا وتراحموا وتعاطفوا، إذن مشاركة الآخرين سرورهم ونجاحهم وفرحتهم نوع من أنواع التعاطف والتعاضد المقوّي للعلاقات الإجتماعية.

٢- معاقبة الذات

يتضمن هذا النوع من الإيذاء العاطفي أيضًا على تهديدات، لكن بدلاً من تهديدك بشكل مباشر وبأساليب واضحة، فإنّ المعاقبين الذاتيين يقومون بتوضيح نتائج مقاومتك ومدى تأثيرها عليهم، فمثلًا لو طلب أنْ يقترضَ منك مبلغًا من المال ولاحظ عليك التردد فإنه يبادر بالقول: “إذا لم تقرضني المال، فسوف أفقد سيارتي، أو أنْ يتحايل عليك ويبتزك وذلك بالتلاعب بمشاعرك، من خلال إيلامك ومحاولة استعطافك بكلمات تقودك للاستسلام، من قبيل :”إذا لم تدعنا نعيش معك، سنكون بلا مأوى، ومثال آخر، يأتي أحد أقربائك ممّن يعانون من متلازمة الإيذاء والإساءة للآخرين ويقول لك:  فكر في أبناء عمّك! من يدري ماذا سيحدث لهم؟ هل تريد العيش مع ذلك الشعور؟

قد يستغل الأشخاص الذين يستخدمون تكتيكات العقاب الذاتي الموقف لجعل الأمر يبدو كما لو أن صعوباتهم هي خطؤك ليجعلك تشعر بأنك أكثر ميلًا لتحمّل المسؤولية ومساعدتهم، وهو ما يعبر عنه بتعبيد طريق تحقيق أهداف المسيء من خلال استسلام الضحية لما يريده، ولهذا فالمبتز يضرب على وتر العواطف والأحاسيس بصورة دائمة لأنها الطريق الأسرع والأسهل بالنسبة له، وخصوصًا عندما لا تكون الضحية واعية بألاعيب الجاني.

٣- المُعاني

غالبًا ما ينقل هذا الشخص مشاعره بدون كلمات، فإذا كان يريد منك أنْ تفعل شيئًا له، فقد لا يقول شيئًا عن الأمر وبدلًا من ذلك يبدأ في إظهار الحزن والكآبة والدموع أو يقدّم قائمة كاملة تزيد من بؤسه ليبرهن أنه يعاني بشدة، ولابد أن تساعده بدون أن يخبرك بذلك فعلًا، وكأن لا أحد في هذا العالم الكبير يحمل همًّا كهمِّهِ أو يمر بظروف كظروفه، ولازالت العواطف هي الملاذ الأول للمبتز لتحقيق كل ما يصبو إليه، مثال على ذلك: عندما يكون لديك غرفة فارغة في بيتك وتفكر في تأجيرها، فيقول صديقك أنه يريد أن يسكن معك مجانًا، فتحسبه يمزح وتمرر الحديث، وبعد يومين تجده يتصل بك ويحدثك أنه غير سعيد بالمرة ولا يقدر أن يقوم من السرير ولا يوجد شيء جيد يحدث له، وأنه يتمنى لو كان لديه فقط مكان للإقامة لفترة من الوقت، ولن يضطر لدفع الإيجار ليكون قادرًا على الشعور ببعض التحسن.

٤- المُحرّض أو المُحيّر

شخصية متلاعبة وعلى قدر كبير من المهارة في استخدام الأساليب الملتوية بحيث لا يشعر الضحية أبدًا أنَّ ذلك ابتزازٌ على الإطلاق، فهو يلمّحُ لإمكانية مكافئتك إنْ فعلت كذا، وعندما تفعل تجد أنَّ عليك فعل المزيد والمزيد، وقد يكافئك بالفعل لكن بعد وقت طويل، ويتكرر الأمرُ مرارًا، مثال على ذلك حينما يقول رئيسك في أحد الأيام في مكان عملك: “أن عملك يمتاز بالجودة والمهارات العالية ويؤكد عليك أنّ تلك المهارات والقدرات تؤهلك لأن تكون في منصب مدير مكتب، وهنا يوهمك وبإسلوب هادئ أنَّ الوظيفة تفتح ذراعيها لاستقبالك قريبًا ويمكنك الترقي والحصول على منصب مدير مكتب، ثم يضيف: “هل يمكنني الاعتماد عليك حتى ذلك الحين؟، تبتهج وتوافق، ويطلب مديرك الكثير من العمل فتقوم به على أمل الترقية لكنَّ رئيسك لا يذكر شيئًا عن الموضوع، وعندما تسأله غالبًا ما يقول أنَّهُ مشغولٌ وأنَّكَ لم تنل ثقته عندما لم تقدر ذلك، فالمبتز استطاع استخدامك في تحقيق نتائج عالية على مستوى العمل وفي المقابل فإنَّك أصبحت ضحية ذلك الإيذاء دون أن تشعر بذلك.

شارك المقال:
هل وجدت هذا المقال مفيدًا ، يمكنك الاشتراك لتصلك مقالات مشابهة
مواضيع ذات علاقة
الإيذاء العاطفي ١٣: كيف نتعامل مع المبتز | الطمأنينة و الوقار في سكينة

الإيذاء العاطفي ١٣: كيف نتعامل مع المبتز ؟

آخر الدواء الافتراق-A broken heart and a gavel on a wooden table symbolize the pain of separation.

آخر الدواء الافتراق

التحفيز لتفعيل القدرات وتنشيط السلوك | الطمأنينةُ و الوقار في سَكينَة

التحفيز لتفعيل القدرات وتنشيط السلوك

الإيذاء العاطفي ١٠: أساليب الإيذاء العاطفي | سكينة

الإيذاء العاطفي ١٠: أساليب الإيذاء العاطفي

أهمية تعليم مهارات الحياة | الطمأنينةُ و الوقار في سَكينَة

أهمية تعليم مهارات الحياة

علاج الغيرة-A confident person's hand holding a heart shaped head with a heartbeat on it.

علاج الغيرة : الغيرة العاقلة

الإيذاء العاطفي

الإيذاء العاطفي ٥: الأمثلة الشائعة للمبتزين عاطفيًا

الإجهاد والتوتر

الإجهاد والتوتر ١ : الأنواع والعلامات

مهارات الحياة ٦: تحسين مهارات إرسال الرسائل | الطمأنينةُ و الوقار في سَكينَة

مهارات الحياة ٦: تحسين مهارات إرسال الرسائل

هل تكتب مقالات؟

تستطيع الكتابة لمساعدة الآخرين، اكتب لنا و سننشر لك مع الاعتبار لسياسة كتابة المقالات التي نتبعها

Survey
Interested in reading articles
Articles Writer