الوسواس عند الأطفال

الوسواس ٦ : الوسواس عند الأطفال

الوسواس عند الأطفال

يُعبرُ الوسواسُ عن نفسِهِ عند الأطفال ضمن صور مُختلفة كقضم الأظفار أو تكرار غسل اليد، وقد يغضب الطِّفل وبشدة لأنَّ أحدًا ما لمس وجهَهُ، فتجده متوتِّرًا يُكثر من غسل الوجه، في بعض الصور تجده يجلس في زاوية يمتص إبهامه، وقد يمشي في البيت ضمن طريقة وطقس خاص.

 بعض الأطفال يرتبط وسواسُهُ بأفكار حيث يبدأ القلق عنده على لعبته وتراه مهوسًا أن تؤخذ منه، وقد يرتبط بمشاعر خاصة: “لا يُحبُّنِي أو لا يفهمني أحد”.

القمعُ والكبتُ والحاجاتُ المحبطةُ للطِّفل في أحيان  تُحفِّزُ نوعًا من الوسواس، فشكُّ الأسرة الدَّائم في تصرُّفاته، أو التَّدقيق على جودة أكله أو لباسه أو سلوكه يشعره بالذَّنب أو النَّقص، لِيهرب الطِّفل من هذا الشُّعور ويمحوه تراه مثلًا يُكرِّر غسل اليدين أو يتأنق مُبالغًا في تأنقه، أو يمشي وكأنَّه غريب الأطوار.

قد يجهل الوالدان أمرًا آخر، وهو أنَّ سُموم الوسواس لا تنتقل للأطفال بسبب عامل جينيٍّ أو تربويٍّ فقط، فالشِّجار بينهما وعُنف الأبِّ وقسوته وعصبيته، فضلًا عن عبثيَّة والديهم المدمرة تُسبب لِلطفل ألمًا عاطِفيًّا لا يٌطاق فيستخدم الوسواس كآليَّة دفاع لِلتخلُّص من ذلك الألم العاطفيّ.

لذا يجدر بالأبوين قبل أخذ طفلهما ليعالجَ عن الوسواس أنْ يلاحظا ما هو دورهما في إطلاق الوسواس وتغذيته؛ هل هما مستعدان لليقظة بشكل كافٍ لسلوكهما وأثره على الطِّفل؟ 

لِيتعافى طفلك من الوسواس عليك أنْ تَكُون في قِمة وعيك لِمشاعره قَبْل أنْ تتحوَّل لأفكارٍ، ولِأفكاره قَبْل أنْ تتحوَّل إلى سلوكٍ وردودِ أفعال، ينبغي أنْ لا تنجرفَ، وأنْ لا تحملَ نشاط الوسواس عنده على محمل الجدِّ؛ لهذا لا تدع وسواسه يستدرجك لتكون شريكًا في الطقوس، لأن خطته قائمة على أساس الإيحاء لِصغيرك بفكرةٍ مفادها ” كُلَّما كان وسواسك أشدُّ ستحصل على تعاطفٍ أكبر”.

تحتاج لِلصبر واغتنام الوقت لِتتمكن من إيقاظ الوعي والمراقبة عند الطِّفل، فإذا هدأ تحفِّزه ليَّصف لك ما يجري في داخله، ربَّما تطلب منه أنْ يرسم ما يُعاني منه، قد تُخبره أنَّ هذا نوعَ تحدٍ بين فريقين وأنَّه هو اللاعب الأساس، وأنَّ علينا أنْ لا نسمحَ للوسواس بتحقيق أي هدفٍ في مرمانا، وفي الغالب سيحتاج عقل الطِّفل الباطن الوقت لِيلتقط كُلَّ هَذِه الإشارات منك ويبدأ التَّحدي.

إذا تَمكَّن الوالِدان من ترك الانفِعال، وتشجيع الطِّفل بصورةٍ ذكيَّةٍ، فسوف تتوفَّر له فرصةً مُفاجِئَةً لِليقظةِ، قد يحصل ذلك أثناء اللَّعب مع الطِّفل في صينيةِ الرَّملِ داخل المنزل، أو أثناء حكايتك له قصص تحفيزِّيةٍ.

سيُكرِّر عليك الطِّفل القُصَّة والأسئلة والمخاوف، وهو في قمَّة الانفعالات النَّفسيَّة، وما عليك فعله هو أنْ تكون مُراقِبًا، ولكن دون أنْ تكون مُتفاعلاً، لا تُؤَكِّد له القِصَّة؛ لأنَّك إذا تحوَّلتَ لِلتفاعل فسوف تُغذِّي أفكاره المُضلَّلة والمُشوَّشة بالمزيد من الأفكار المُشابِهة، وستٌضيف لعاطفة التَّعاسة عنده المزيد من العاطفة، كن على ثقة من أنَّ التَّعَرُّف على نوبة الوسواس عند نشوئها وتسليط الضَّوء عليها يُفضي إلى إرباك الوسواس وتعطيل قُدرَته على المناورة.

يُمكنك جعل الطِّفل يُراقب كيف أنَّ الوسواس يَشحنه بطاقةٍ سلبيَّة تؤثر على جسده ولِيتحرر من هذه الطاقة المُؤلِمة الَّتي بدأ يشعر بها في داخله، عليه أن يُوقف التَّفاعل معها، في لحظة الوعي هذه لثقل التَّعاسة وعدم الانفعال العملي سيكون الخلاص.

تذكر هذا جيدًا:

أنَّ التَّعاسة الَّتي يسبِّبُها الوسواس لِطفلك هي مبالغةٌ في ردَّة الفِعل، وأنَّها نتيجةٌ لمُنبه يُحْيِي عاطِفةَ قديمةً متراكمةً، ثُمَّ تشتغل التَّصوُّرات الذِّهنيَّة.

شارك المقال:
هل وجدت هذا المقال مفيدًا ، يمكنك الاشتراك لتصلك مقالات مشابهة
مواضيع ذات علاقة
التعرض ومنع الاستجابة | الطمأنينةُ و الوقار في سَكينَة

التعرض ومنع الاستجابة

التقاعد جذوة نشاط - ماذا أفعل بعد التقاعد ؟

التقاعد جذوة نشاط

الوسواس ٨ : صوت الوسواس يتحول إلى إدمان | الطمأنينةُ و الوقار في سَكينَة

الوسواس ٨ : صوت الوسواس يتحول إلى إدمان

الاستشفاء بالقرآن عند أهل البيت

الاستشفاء بالقرآن عند أهل البيت

الوسواس ٢: الوسواس قاطع طريق | الطمأنينةُ و الوقار في سَكينَة

الوسواس ٢: الوسواس قاطع طريق

العلاج بالتوعية | الطمأنينةُ و الوقار في سَكينَة

العلاج بالتوعية

التخلية والتحلية | الطمأنينةُ و الوقار في سَكينَة

التخلية والتحلية

خوف شديد منذ الطفولة -A man is hugging his son tenderly in the kitchen, overcoming a deep fear since childhood.

خوف شديد منذ الطفولة

هل تكتب مقالات؟

تستطيع الكتابة لمساعدة الآخرين، اكتب لنا و سننشر لك مع الاعتبار لسياسة كتابة المقالات التي نتبعها

Survey
Interested in reading articles
Articles Writer