حنو الروح على الجسد
لتسلم قلوبنا علينا أن نهتم بالجسد كما نهتم بالروح، وفي الواقع يوجد بينهما توحد عضوي وكأنما الجسد هو تكثيف شديد طرىء على الروح المجردة أو أن الروح المجردة رقة ولطفت عن ذلك الجسد، لذلك فإن الجسم كما الروح كلهما بحاجة للتناغم التام والإنسجام فيما بينهما وبالقدر الذي يمكن أن يؤدي الوعي والحضور دورًا في هذا التناسق فإن الخواطر بشقيها تلعب دورًا في تخريب تلك العلاقة .
الأحاسيس الكاذبة بالمرض
نوبات الهلع المفزعة من الموت المتوقع قريبًا، أعراض لمرض متنقل في الجسد لايجد له الأطباء سببًا جسمانيًا، وإن وجدوا فهناك ما يضخمه بشكل مهول، فالوهم والخيال يلعبان دورًا في تأجيج الخوف من الأمور الطبيعية التي تحصل في الجسم، في الحقيقة الخوف يشحن الخواطر والخواطر تشحذه، ويبدأ العقل الذي استحوذة عليه تلك الأفكار المُضَلِّلَة برصد أيَّ تغير في الجسد مهما كان خفيفًا، ولسان حاله يقول:” الآن بدأتُ أشعر بوخزات أو تنميل، كأنما نبضات قلبي تتسارع، أحس بالدوار وقد يغمى عليّ ، ها أنا أشعر بالأختناق، إنني أبكي كطفل صغير، وقد بدأتُ مشوارًا مع الفحص المتكرر، ربما تجد صور هيكلي العظمي بأكمله عند الطبيب كل الأنواع المحتملة للفحوص التي تخصني، كل ما يمكن أن يخطر على بالك سيكون سببًا لزيارة الطبيب أو التفتيش في صفحات الشبكة العنكبوتية عن المرض، والذي لم يخبرني به بعد أي طبيب ، وفي كثير من يخبرك الطبيب انه لا نتائج عضوية أوجسدية كبيرة يمكنها تفسير هذا المستوى المرتفع من الألم ، وقد ينصح الطبيب من يعاني من الألم أن يسرد تاريخ هذه الآلام على طبيب أو اختصاصي نفساني ليستنبط منها العوامل النفسية.
لاحظ أنه في كل مرة تهزمك الخواطر وتقنعك بمرضك الجسدي، فإنه تشتد وتكون بحاجة إلى مرض أكبر، وتريد منك أن تعاني منه بشكل مضاعف، أنها مصمم بشكل تحتفظ لك بالألم وللآخرين من حولك. تلك الخواطر وهذا الشعور بالألم يريدان أن يشغلا ذهنك على مدار الساعة؛كي تبقى في ظلمة الحيرة ، لأن كل شيء ينكشف كما هو، حينما يسلط عليه الضوء ، لذا سلط نور وعيك ستكتش أنَّ ما تعاني منه بدأ يتلاشى.
الكوامن الخلاقة للألم
الحمل الثقيل للخوف المتكدس في النفس هو النبع الفياض للخواطر التي تتجسد على شكل أوجاع وألم، واذا كنت مبتلى ـ لا سمح الله ـ بهذه المشكلة وتريد أن تتخلص من هذه الأوجاع فعليك أن تواجه مشاعرك وما يخطر على بالك فور حصولها، لا تؤجل اتخاذ موقفا عمليّ سلوكيّ يُدلِّل على أنّك بخير، لأنك في الغلب تهدر الكثير من طاقتك بسبب مقاومة مرض غير موجود، هو فعلا مجرد تصورات وتفسيرات ذهنية تتمظهر على شكل أوجاع ، تقبل التعامل المباشر كن أنت الشاهد وسترى كيف تبتسم لك الحياة من جديد.
استراتيجية التخفي
أظنك عرفت أن مرض توهم المرض يعتمد على التخفي، فعلَّتُه وسببه غير قابلة للإكتشاف، لذلك لن يُبقى نفسه محدد في موضوع خاص من جسدك، لأنه إن تموضع في ألم محدد أمكن القضاء عليه بسهولة،خذ هذا المثل لتقريب الفكرة، تصور نفسك وقد فاجأك في الشارع كلب عقور وبدأ يركض خلفك، كيف ستكون أحسيسك الجسمانية: ارتجاف في المفاصل، النفضان العضلي، الوخزات واضطرابات الجهاز الهضمي، ربما من الروع يصيبك الأرق، هذه كلها مجرد أعراض، ولكن ركز على سبب كل هذا إنَّه الخوف، في حالتك الخوف من لا شيء هو ما ينتج لك هذه الأحاسيس، ثم يستتر الخوف خلف تلك الأعرا ض، ويُشغِل عقلك بالفحص المتكر على علامات في جسمك تدل على أن حالتك تستاء، سوف تتحفز عند الاستماع لقصة أي مريض لتطبقها على نفسك، كل هذا يوترك ويجعلك في قلق كبير.
كشف العواطف المقموعة
الأمر الذي عليك فعله هو أن تكشف الحقيقة وهي أن المُولِّد لتلك الأعراض الجسمانية، والمصدر المحفز لتلك الخواطر القلقة إنما هو شعورك بالخوف المكثف والذي يتخفى وراء هذه الأعراض، إنّه النبع الذي تصدر منه كل هذه الأوجاع، لذلك ركز وعيك على خوفك فقط إجعله مرئيًا لك بوصفه السبب الوحيد والحصري لكل ما تعاني منه .
في بعض الحالات تتركز الخواطر المكثفة حول تشوه الجسم أقصد مظهر الشخص أو جسده، سنكتشف ذلك سريعًا من خلال السلوكيات المتكررة مثل تغير الملابس باستمرار، أو النظر في المرآة ، ربما سؤال الآخرين عن عيب في الجسم، ستتحول تلك الخواطر، إلى هواجس وأفكار وصور غير مرغوب فيه وتسبب ضائقة شديدة ، ربما يبدأ الشخص في عيادى أطباء التجميل ، هناك مخاوف أو عواطف تنطوي وراء كل هذا الهوس بالجسد ، وهو ما يتحول لسلوك مزعج ، ما علينا فعله هو أن نصل بوعينا لتلك العاطفة المقموعة ونمنعها من التخفي.
تمرين
ركز الإنتباه على العاطفة أو الخوف الكامن وراء تلك الأعراض، أعلم أنه هو الذي يصنع الوجع والإنزعاج لك، أقبله كما هو، ولكن لا تدعه يتحول لخواطر تشتتك، امنع نفسك عن القيام بأي ردة فعل سلوكي فقط كن أنت الشاهد على خوفك بعد قطع علاقته بالأفكار والسلوك .