والدنا فيه عصبيَّة لا تحتمل، عندما يغضب يضرب دون شعور ولا إحساس، حتَّى إذا أسعفنا الهرب للاحتماء بالوالدة، فكانت تأخذ نصيبها ضَرْبًا، ولكمًا كما نأخذ!!
فهذا والدهم الذي لا يتورَّع عن السَّبِّ، والشَّتم وهم في هلع وفزع شديدين منه، واستمرَّ الحال حتَّى دخلت كُبرى بناته الجامعة حتَّى وصلت آخر فصل؛ لتتخرَّج.
في هذا الفصل الأخير تتطلَّب الدِّراسة والمذاكرة جهدًا مضاعفًا، وفي يومٍ كانت راجعة من الجامعة والجهد قد أخذ منها مأخذه، وكان الإنهاك باديًا على قسمات وجهها، ما أنْ وضعت رجلها على المنزل إلَّا وسمعت صوت أبيها في فورة غضبه، وكال لها الشَّتم والسَّبَّ حال دخولها بلا سبب، فطاف في ذهنها سريعًا كلُّ مسلسل الرُّعب الذي عاشته وذاقه كلُّ إخوتها، وجاءت كلُّ الكَدَمات الموزَّعة على جسمها، فما أنْ وصلت يد والدها لرأسها بالقرع والرَّضِّ حتَّى تمرَّدتْ، وصرختْ، ولم تصمت كعادتها، بل تناولت كلَّما وصلت له يدها ورمت به والدها، اندهش الجميع دون اسثناء، تجمَّدتْ عقارب تفكيرهم مستغربة تجاه ما يرون، وهي قد رأتْ نفسها كالوحش المخبوء في داخلها قد انتفض، ولم تدخر شتيمة إلَّا وجَّهتها.
كان المشهد في واقعه مؤلمًا جدًّا، وبعد أيَّام قلائل وصل لعملها أنَّ والدها ووالدتها قد اسشارا معالجًا روحانيًّا الذي أقنعهم أنَّ جنِّيًّا قد تلبَّس بها، جاءوا به للمنزل، وبدأ يقرأ عليها، ثمَّ وبعد موعد آخر بعد أسبوع، جلب معه بعض الطَّلاسم التي قال: إنَّها تخصُّ العمل السَّحريَّ الذي عُمل لها، وفي مرَّةٍ طلب من جميع أهلها الخروج من الغرفة، وانفرد بها وحدها، وهو يضع يده على بطنها بقوَّة، فتصرخ، وأهلها يتوهَّمون أنَّ الجنَّ يتمرَّد في داخلها، ولم يكن بداخلها لا جنيٌّ ولا شيطان سوى الشَّيطان الذي يوهم أهلي أنَّه يعالجني كما تقول.
ولقد أعطى أهلها بعض المراهم؛ لتمسح بها مواطن العفَّة من جسمها قبل ساعة من موعد زيارته، لم تشكَّ لحظة أنَّه منحرف، ويخطِّط بعد التَّحرُّش بها إلى ممارسة الفاحشة معها، – وهنا نصيحة لكلِّ أهالينا الكرام بأنَّه يجب محاربة هذا الصِّنف ممَّن يدَّعي القُدرة على المعالجة وما هو إلَّا مشعوذ يلعب بالفتيات –، إذ تقول هذه العفيفة: إنَّني أوَّل مرَّة أرى مَنْ يتحرَّش بمسمع ومرأى من الأهل، فما العمل؟
١- الشُّعور بالتَّعاسة، والإجهاد.
٢- انفعالات نفسانيَّة مفاجئة.
٣- نوبات من الغضب، والصُّراخ.
١- مصابة برعاش.
٢- اختلال في التَّوازن.
٣- الحديث بشكل هستيريٍّ.
١- الحمد لله أنَّ وعيها قادها إلى أنَّ هذا الشَّخص ليس سوى مشعوذ يدَّعي التَّديُّن، وقد تعرَّضتِ لسوء استغلال.
٢- استطاع - لرغبة والدها برمي اللَّوم والسَّبب على غيره - أنْ يستفيد طريقًا للتَّحرُّش.
٣- التَّحليل الأساس أنَّ النَّفس تعبِّر عن ألمها، ورغبتها المكبوتة، والحالات النَّفسيَّة العصبية من خلال أعراض جسميَّة.
٤- المعالجة عبر الكلام سيكون مفيدًا لا سيما عند تفريغ شحنات المشاعر، والألم، والبكاء.
٥- العلاج المعرفيُّ الإدراكيُّ بالوعي؛ لتكون على بصيرة أنَّ ما فعله المشعوذ ما هو إلَّا أضاليل.
نتوقَّع مع عَقْد عدَّة جلسات للعلاج بالكلام مع شخص موثوق ذلك كفيلٌ بتحقُّق البصيرة لديها، وسوف تحتاج لوقت للمجاهدة؛ لتعود حيويَّتها، وثقتها بنفسها.
إحدى خالاتها تعلَّمتْ طريقة العلاج بالكلام، وتمكَّنت من فهم ابنة أختها تمامًا، فأدخلت لقلبها الطُّمأنينة - ولله الحمد -، ولكن تركَّزتْ في قلبها نقمة على والدها، والمشعوذ.