” كتب المدرسة الفلسفية “
الكتاب الرابع: رسائل إخوان الصفا (الرسالة التاسعة)
البعض نسب هذه الرسائل إلى الإمام الصادق عليه السلام، وإلى مسلمة بن قاسم الاندلسي، وإلى الحكيم المجريطي وغيرهم، والمشهور أنها أعمال جماعة سرية، وَمن المحتمل أن أبا حيان التوحيدي أحد أعضائها.
حاول إخوان الصفا أن يعرفوا القرّاء بشتّى العلوم والفنون النظرية والعملية الموجودة في ذلك العصر، وهدفهم إيقاظ الغافلين، ويوصي الإخوان مخاطبيهم أن لا ينصبوا العداء لأي علم ولا يتعصبوا لمذهب، ويؤكد هؤلاء أن مصادرهم (مؤلفات الحكماء وكتب الأنبياء والمصنفات العلمية والكتب الإلهية التي بيد الملائكة)، ومن المحتمل أنهم شيعية اسماعيلية، كما أشاروا لوقعة كربلاء، والإمام في نظرهم الإنسان الكامل كالحبل المدود بين الله سبحانه وعباده.
الموضوعات المبحوثة: تتناول الرسالة التاسعة عناوين أخلاقية عامة وكليّة، وتولي اهتمامًا بالشريعة، وتشير إلى بحوث تتطرق لها الكتب الاخلاقية.
هيكلية الكتاب: مطلع الرسالة فيه تعريف الانسان أخلاقيًا.
الْقِسم الثاني: يبحث في أمور متفرعة على ما في مطلع الرسالة.
يرى إخوان الصفا أن لطباع الناس وأخلاقياتهم أربعة مناشئ:
المنشأ الأول: أخلاط الاجساد، فالناس على أربعة أقسام (حار المزاج – بارد المزاج – يابس المزاج – ورطب المزاج).
المنشأ الثاني: البيئة الجغرافية والمناخ، ثمة مواصفات خلفية وسلوكية تبعًا لمحل الولادة، كما أن الجغرافيا تؤثر من حيث فرة المياه وارتفاع الحرارة ونوعية الارض والتربة…إلخ.
المنشأ الثالث: تأثير أحكام النجوم، اقتران الولادة بمختلف البروج له تأثيره.
المنشأ الرابع: الأنماط التربوية والعادات والمعتقدات.
الْقِسم الثالث: مراتب النفس ولها خمسة عشر مرتبة، ونعرف منها خمس (النباتية – الحيوانية – الإنسانية – الحكمية المَلَكية – الناموسية القدسية).
ويرى أخوان الصفا أنَّ الأفعال التي تصدر عن الإنسان أربعة أنواع وترتيبها:
١– الفطرة الطبيعية.
٢– النفسانية الاختيارية.
٣– العقلية الفكرية.
٤– الناموسية السياسية.
ويعدون كل واحد من الطبيعة والنفس والعقل والناموس (الشريعة) خادمًا للعنصر الذي يليه، والناموس مخدوم الكل.
ومما يراه إخوان الصفا في علاقة الإنسان بالدنيا والآخرة، وعلاقته بالآخرة هي الأصيلة والمقصودة بالأصالة، وبالدنيا بالتبع، والنَّاس في علاقتهم بهما على أربعة أقسام (سعداء في النشأتين – أشقياء فيهما – سعداء في الدينا وأشقياء في الأخرة – العكس).
وأخلاق أهل الآخرة اكتسابية وناشئة من العقل والرؤية، وفِي الغالب أنَّ أوامر الشرع خلاف الميول والنوازع، وأمهات الرذائل وإليها ترجع جميع المساوئ “الكبر والحرص والحسد“، كما أنهم يَرَوْن أن حب الدنيا رأس كل مفسدة ورذيلة.
كما تعرضوا لخصال المؤمنين وأولياء الله ثم يؤكدون على تعظيم خصلتين (معرفة الشيطان ومعرفة الملائكة)، وذكروا مجموعة تجارب للعرفاء في مجاهدة الشيطان.
منهجية الكتاب: النصف الاول يشتمل على جانب تحليلي وعملي أكبر والقسم الثاني ذو طابع خطابي واقناعي، وفيه آيات كثيرة وكلمات العلماء والحكماء.
أدبيات الكتاب: قلم ممتع وسلس، وذات أسلوب أدبي بديع، وكثيرا ما تكرر عبارة (اعلم يا أخي أيدك الله وإيانا بروحٍ منه).
التقييم: هذه رسالة مهمة في مجال تدوين التقدمات المعرفية، ويعاني الكتاب من فقر في مجال علم الاخلاق، وجدير بالملاحظة تأكيدهم على مكانة الشريعة ودورها.
الكتاب الخامس: تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق
تأليف: أبوعلي أحمد بن يعقوب الرازي الملقب بابن مسكويه.
بعد إعراضه عن الكيمياء أقبل على الأخلاق والتاريخ والفلسفة، ويرى محمد إقبال أن مسكويه أعلى مقامًا من الفارابي، وقد إلتقى بالرئيس ابن سينا وأبي حيان التوحيدي، وله ٣٥ كتابًا، وكتابه طهارة الاعراق هذا قد تأثر بالتراث الفلسفي اليوناني، وأحد نفسه في التوفيق بينها وبين التعليم الدينية، ومما تأثر به تقسيمه لقوى النفس (شهرية وغضبية وعاقلة)، ويتبع أرسطو بأن الانسان مدني بالطبع.
الموضوعات المبحوثة: نظريات فلاسفة اليونان وبحث القوى العصبية من قوى النفس وما يرتبط بها من فضائل ورذائل.
هيكلية الكتاب:
١- مقدمات علم الاخلاق .
٢– التوصل إلى الفضيلة والسعادة.
٣– العدالة الاجتماعية والمحبة والصداقة.
٤– الآفات والأمراض الأخلاقية.
يرى مسكويه أنَّ للإنسان كمالين، كمال علمي وكمال عملي، والمقصود من الكمال العلمي هو أن يتوفر على علم صحيح، وعقيدة صحيحة وتنفير سليم، وأن يتدرج في العلم بأمور الموجودات حتى يصل إلى العلم الإلهي، ويحصل على الإطمئنان القلبي، أما الكمال العملي فهو الذي يكون بالقوة الأخرى (القوة العاملة)، وهو الكمال الخلقي الذي تصدر منه أفعاله كلها منتظمة مرتبة.
كما يتعرض لتربية الاطفال إذ يُبين خطة تفصيلية لذلك، ويقترح السير بناءً على المسار الطبيعي لظهور القوى (شهوية ثم غضبية ثم العاقلة).
ويشير المؤلف إلى تقسيمات السعادة وما يراه مسكويه في السعادة النهائية، كما يُبين مسكويه أن للإنسان ثلاث سِيَر: سيرة اللذة، وسيرة الكرامة، وسيرة الحكمة، والأخيرة هي الأشرف، كما أنه لا يرى أن العدالة فضيلة بل إنّ كل فضيلة من الفضائل هي مصداق لها، كما أن كل رذيلة تعد مصداقًا للجور.
من النقاط المهمة: تأكيد الشريعة على ضرورة تكريس الألفة بين المسلمين، والتواصل مع الناس، وتقوية الأواصر الاجتماعية، ويؤكد مسكويه أن أهم مهام ووظائف الحاكم حفظ الدين وتطبيق أوامر الله ونواهيه.
منهجية الكتاب: منهجه فلسفي صرف، ويغلب عليه طابع الاستدلال البرهاني، ولا يرى جدى للإعتزال والتهذيب الفردي الا يؤكد على التربية الاجتماعية.
أدبيات الكتاب: قلم سلس وأسلوب واضح وإن حوى بعض التعقيد،
التقييم: استدلالاته متينة، ويتميز بالتوفيق بين الادراكات العقلية والتعاليم الشرعية، فكان ناحجًا في غرض الكتاب، والكتاب مال إعجاب الطوسي والطبأطبائي والامام الخميني.
الكتاب السادس: تهذيب الاخلاق (الحسن بن الهيثم)
المؤلف سبق فرانسيس بيكُن في استخدام المنهج الاستقرائي العلمي وأكثر من ذلك، فله رؤى ونظريات أكثر عمقًا وشمولية من بيكن، وأطلق عليه البيهقي بطليموس الثاني، ألّف في الرياضيات ٢٥ رسالة، وفِي الطبيعيات والإلهيات ٤٤).
الموضوعات المبحوثة: في كتابه “تهذيب الاخلاق” جوانب نظرية وجوانب عملية، كما اهتم لأخلاق الملوك، وفيه ستة فصول:-
الفصل الأول: تعريف الأخلاق.
الثاني: سر اختلاف أخلاق الناس.
الثالث: بيان أهم الفصائل والرذائل.
الرابع:،ضرورة تعذيب الأخلاق.
الخامس: تأديب القوى الشهوية والغضبية .
السادس: الصفات الأخلاقية للإنسان الكامل.
يرى المؤلف أن القوة الغضبية مشتركة بين الانسان والحيوان، وأنها أقوى وأكثر ضررًا من القوة الشهوية، كما يرى أن النفس الناطقة هي ملاك شرف الانسان، لأنها يتعلق بها اكتساب العلوم والآداب وضبط النفسين الآخرين والحيلة والحسد والتملق والرياء.
منهجية الكتاب: المنهج العقلي التحليلي، واستفاد من المشهورات والمسلمات، في القياس الجدلي، وفِي مجال التربية اعتمد المنهج المعرفي والمنهج العملي، وتأثر الكتاب بأسلوب جالينوس أي يقترب من طبيعة الأطباء في معالجاتهم الطبية.
أدبيات الكتاب: قلم جميل وأسلوب بديع وبالغ الكاتب في الالتزام بجانب الدقة واشتمل الكتب على كثير من المصطلحات الفلسفية.
التقييم: فريدًا في نوعه في البيان الواضح والطرح المنسجم، واقتصر الكتاب على معالجة علاقة الانسان بنفسه وعلاقته بالناس.
“ملاحظة مهمة“
“هذه ستة كتب تطبيقية للمدرسة الفلسفية، وفِي كتابنا تسعة كتب، فلذلك سوف نكتفي في التخليص بسبعة كتب مع أهمية قراءة تعليق الكتاب على بقية الكتب“