جوهر الأنا
الأنا هو الأفكار والمشاعر وأنماط التصرف وردود الفعل والمثابرة بالإضافة الى النشأة الثقافة الخلفية العائلية، فالأنا ليستْ الممتلكات فقط بل حتى الانتماءات وهي التماهيات الجماعية مثل الدين العرق الطبقة الاجتماعية، حتى الآراء، والأمل تختلف من واحد لآخر في المظهر ولكن المخبر واحد.
أمَّا التذمر والامتعاض من الاستراتيجيات المفضلّة لدى الأنا لتقوية نفسها فالفرق بين التذمر والمصارحة كالحساء البارد الذي يقدمه لك النادل، فإذا قلت بارد ويحتاج إلى تسخين فهذه صراحة، أما إذا قلت كيف تجرؤ أن تقدم لي حساءً باردًا فأنت تتذمر، أمَّا التظلم فهو حمل الشعور بالتظلم في الداخل، وقد يعيش التظلم الجماعي لقرون في نفسية أمة.
التذمر من أخطاء الآخرين (الشخص – المؤسسة – الظرف) يوحي بقوة الأنا، وقد تشترك الأنا الواهمة في الحقائق، والضوء أسرع من الصوت عندما تقول “إنني“، هذا كان حال الحقيقة فما بالك بالآراء ووجهات النظر.
الحقيقة نسبية أم مطلقة
“أنا مصيب والباقي كلهم خطأ“، لدرجة القتل كما فعلت الكنيسة، أفضل مقولة قالها الشافعي هي: أني على صواب وأنت خطأ ويحتمل قولي الخطأ والعكس صحيح، فكل الأديان متساوية في الخطأ وفِي الصواب وفقًا لاستعمالك لها، يمكن استعمالها في خدمة “الأنا” أو في خدمة الحقيقة، إذا كنت تعتقد أن ديانتك وحدها هي الحقيقة فأنت تستعملها في خدمة “الأنا“، ثم يخلق حسًا متوهمًا بالتفوق كما في الشقاق والنزاع، أمَّا إذا كانت التعاليم الدينية في خدمة الحقيقة فإنها تمثل معالم على الطريق، الحقيقة الوحيدة هي ما قاله المسيح: أنا الطريق والحقيقة والحياة.
ملاحظات
١- ليس من الصحيح أنَّ الأديان متساوية في الخطأ وفِي الصواب، نعم صحيح أن معتنقي تلك الأديان متساوون في ذلك بناءً على نوع استعمالهم لتعاليم الدين، فالفقيه الذي يمتطي الدين يشبه القسيس بل هو هو في المضمون إن لم يكن أسوأ.
٢- الاعتقاد بأن ديني الصحيح، فهذه بديهية، وإلا لما اعتنقت هذا الدين أو المذهب، والواجب على الإنسان العاقل أن يبحث عن الدين الصحيح، نعم من المعيب والسلبي نبذ الآخرين وهم نظراء في الخلق.
٣- وصفه للأنبياء “أنهم بشر يقظون” بمعنى ليس لهم اتصال بالسماء، فهذا باطل بالضرورة وغير صحيح يقينًا.
الحرب كإطار ذهني
لا تقم بحرب ضد المرض أو المخدرات أو الإرهاب فإن لم يزدد فسوف يظهر بصورة أفتك، ثمَّ يضرب مثالًا بعدد سجناء المخدرات في أمريكا بين ١٩٨٠ و ٢٠٠٤، وكذا المضادات الحيوية، ثم يدعو إلى ترك الحرب في ذهنك لأنها تريك ما تريد أن ترى.
أبعد من الأنا: هويتك الحقيقية
كلام جميل أن تشعر بذاتك دون رتوش، تشعر بذاتك دون هوامش وتعليقات، السيد المسيح: “انكر ذاتك” يفسرها المؤلف: انكر وهم الذات، فإذا عرفتُ ذاتي أو أدركتُها فمهما حصل في حياتي لا يعود ذَا قيمة مطلقًا بل نسبية، وهذا صحيح وهي سبيل صحيح لمعرفة النفس كما يطلب الدين.
الفكر هو نعمة ونقمة كبيرة في آن، ففي الغالب الأعم تصبح الهوة بين “ما أريد” و “ما هو موجود” مصدرًا للإستياء والألم.