معرفة الذات لبنائها الجديد ٤ : الحب والعبادة

المؤلف: الشيخ مصباح اليزدي

سنة النشر: ٢٠٢١
الطبعة: الأولى
لغة الكتاب: عربي
الناشر: دار المعارف الإسلامية الثقافية
ملخص معرفة الذات لبنائها الجديد
حول هذا الكتاب: كتاب “معرفة الذات لبنائها الجديد” للشيخ مصباح اليزدي يتناول موضوع التكامل الإنساني، مركّزًا على كيفية الوصول إلى الكمال الحقيقي من خلال التأملات الداخلية والفهم العميق لاحتياجات النفس.
ملخص معرفة الذات لبنائها الجديد

المؤلف: الشيخ مصباح اليزدي

سنة النشر: ٢٠٢١
الطبعة: الأولى
لغة الكتاب: عربي
الناشر: دار المعارف الإسلامية الثقافية
حول هذا الكتاب: كتاب “معرفة الذات لبنائها الجديد” للشيخ مصباح اليزدي يتناول موضوع التكامل الإنساني، مركّزًا على كيفية الوصول إلى الكمال الحقيقي من خلال التأملات الداخلية والفهم العميق لاحتياجات النفس.

القدرة ومظاهرها

   الميل للقدرة والتسلّط على الموجودات الأُخرى من الميول الفطريّة للإنسان، ويبرز هذا الميل من الطفولة ويستمر حتى نهاية الحياة، مع ملاحظة الفروق عبر السنين، إلا أنّ الميل الشديد للتسلّط في أعماق الإنسان لا يخبو أبد.

    الإنسان في سبيله للاقتدار والتسلّط لا يكتفي بالقوى الطبيعيّة، بل يسعى بمعونة العلوم والصناعات إلى اختراع وسائل أفضل للتسلّط وتسخير الكائنات لصالحه، وهذا واضح في الاكتشافات والاختراعات العلميّة، وإنّ الإنسان لم يمتنع حتى عن استخدام طاقات أبناء نوعه الإنساني لتحقيق تسلّطه؛ فاستخدام الآخرين بشتّىّ السبل والوسائل، كما استعمر الآخرين واستعبدهم، وهذا تطبيق لهذا الميل فيه تجاوز على حقوق الآخرين وظلم.

    ثم إنّ هذا السعي المتزايد لتحقيق القدرة الأكبر لا يتوقّف، بل يحاول شمول القوى اللامحسوسة والميتافيزيقيّة؛ كما توضّحه فروع العلوم الغريبة، وتسخير الجنّ والأرواح وأنواع الرياضات ،ممّا يكشف عن سعي لتوسعة القدرة، ولكن وعلى فرض حصول القدرة لتسخير القوى المحسوسة وغير المحسوسة كلّها، هل يصل الإنسان إلى حدّ كماله وتشبع حاجته إلى القدرة بشكل كامل إذا كانت هذه القوى محكومة لقوى أعلى وسلطةٍ أوسع؟

    في إطار إجابة السؤال المتقدم فمن الواضح أنّ هذا العطش الفطري لن يُروى تمامًا إلا إذا اتّصل الإنسان بمنبع قدرة لانهائيّة، وإلّا فإنّ سعي الإنسان الطموح سيبقى مستمرًّا بلا نهاية.

الحب والعبادة

يوجد ميل فطريٌّ آخر ليس من سنخ المعرفة والقدرة، بل هو ميلٌ للتجاذب والاتّصال الوجوديّ والإدراكيّ، إنّ أيًّا منّا يجد في نفسه ميلًا وتعلّقًا بشيءٍ ما يجذبه إليه، كما يجذبُ المغناطيسُ الأشياء الصلبة إليه؛ ولهذا الجذب مراتب وآثار مختلفة، وقد يصل اختلاف المراتب إلى حدٍّ يوجب التشكيك في وجود جامع بين هذه المراتب وهل أنّها من ماهيّة واحدة أم لا؟

       وأوضح تجلٍّ للمحبّة الفطريّة يكمن في الأمّ؛ إذ تغرق في عالم اللذّة عندما ترى طفلها وتتلقّفه بالأحضان، إنّ حبّ الأمّ هو من أروع تجلّيات المحبّة الفطريّة، وهكذا محبّة الأب لولده، وكذلك روابط الحبّ أيضًا بين الابن تجاه أبويه، وبين الإخوة والأخوات وسائر أفراد العائلة، وكمظهر آخر للحبّ والميل الفطريّ ما نجده بين أبناء النوع الواحد.

     كما أنّ هناك تجلّيًا آخر لهذه المحبّة يبدو في ميل الإنسان لبعض الأشياء التي يستفيد منها في حياته المادّيّة، والتي لها دخلٌ في تأمين حاجاته فيها، وتلك من مثل: المال والثروة واللباس والمسكن، ومن تجلّياته شوق الإنسان وميله بالنسبة إلى الكمال والجمال والأشياء الجميلة، خصوصًا الأناسيّ ذوي الحظّ من الجمال، فالإنسان يميل إلى الأشياء التي تروي ظمأه للجمال وتألفها روحه ونفسه.

        ونلاحظ على هذا النسق الميل الإنسانيّ لأنماط الجمال المعنويّ، مثل: جمال المفاهيم والتشبيهات  والاستعارات والكنايات، وجمال الألفاظ والعبارات النثريّة والشعريّة التي يعشقها أرباب الذوق المُرهف، إنَّ الحب والعبادة وكذلك الكمال والجمال الروحيّ والأخلاقيّ الذي يهيم فيه علماء النفس وعلماء الأخلاق، ويؤكدون على مجالاته، وهكذا الجمال العقلانيّ مثل روعة التنظيم في هذا الوجود الذي يسحر ألباب الحكماء والفلاسفة، أو الجمال الوجوديّ الذي يدرك عبر الشهود العرفانيّ، فيصل الأمر إلى درجة لا يعني الوجود فيها سوى الجمال.

        كلّما قويت حصّة الموجود من الوجود وتأصّل الوجود فيه كلّما كانت مشاهدته وجماله أشدّ إعجابًا وأروع تأثيرًا، وبشكل عام يمكننا أن نتصوّر الحبّ، من حيث الشدّة والضعف مراتب ثلاث هي:

الأولى: المرتبة الضعيفة التي تقتضي القرب إلى المحبوب من دون أن يصحب ذلك أيّ نوع من أنواع التضحية والإيثار.

الثانية: المرتبة الوسطى التي تتضمّن بالإضافة إلى إرادة القرب نوعًا من التضحية في سبيله، ولكن إلى المستوى الذي لا يتنافى مع المصالح الكليّة الأساسيّة للشخص.

الثالثة: مرتبة الإعجاب العميق والتضحية الكاملة في سبيل المحبوب، فلا لذّة له إلا في اتّباعه وتحقيق رغباته في الحالات المختلفة، بل يعتبر كمال التذاذه في تعلّقه وارتباطه الوجوديّ، وكذلك في الفناء ونسيان النفس أمامه، ولذا فهو يعيش غاية اللذة عندما يخضع لمعبوده ويقدّم له فروض الولاء، واستنادًا على هذا فإنّ هذا الميل الفطريّ اللانهائيّ يتّجه نحو حبّ متأجّج لمحبوب كامل جميل، كمالًا وجمالًا مطلقًا له أشدّ الروابط الوجوديّة بالإنسان؛ حيث يمكن للإنسان أن يرى وجوده هو قائمًا به وفانيًا فيه، ومتعلّقًا تمام التعلّق به ،فيحقّق الوصول الحقيقيّ إلى محبوبه.

     ويدرك كلّ إنسان أنّه بفطرته يبتغي اللذّة والراحة والسعادة ويهرب من الألم والعذاب والشقاء، وهكذا ينصبّ سعيه للحصول على لذائذ أكثر وأقوى وأكثر دوامًا، والفرار من الآلام وأنواع العذاب والأمراض، أو التقليل منها، وعند التزاحم فإنّه يقارن فيتقبّل الألم القليل للخلاص من الألم الشديد، ويضحّي باللذّة المحدودة من أجل الدائمة، كما أنّ مقتضى العقل والفطرة أن يتحمّلّ الإنسان عذابًاً قليلًا للوصول إلى لذّة كبرى، أمّا ما يجدث من اختلاف في التصرّف بين الأفراد في ترجيح بعض اللذّات والآلام، فهو نابع من اختلافهم في التشخيص.

العلامات: تثقيف أخلاقي
شارك الكتاب:
هل وجدت هذا الكتاب مفيدًا ، يمكنك الاشتراك لتصلك كتب مشابهة
مواضيع ذات علاقة
الطمأنينة والوقار | النفخ في الصور

حياة ما بعد الموت ٢: النفخ في الصور | هل تبقى الجبال أم تزول؟

معنى العرفان والمعرفة

العرفان الإسلامي ١ : معنى العرفان والمعرفة

جنود العقل والجهل ٢٣ : الصفح وضده الانتقام

جنود العقل والجهل ٢٣ : الصفح وضده الانتقام

التسليم مقابل الشك - فوائد التسليم

جنود العقل والجهل ٢١ : الاستسلام مقابل الاستكبار و التسليم مقابل الشك

ما هو اليقين ومنازله؟

ما هو اليقين ومنازله؟

كتب المدرسة العرفانية قوت القلوب

المدارس الأخلاقية في الفكر الإسلامي ٦: كتب المدرسة العرفانية

هل ترغب في المساهمة بتلخيص كتب؟

تستطيع مساعدة القراء في تلخيص الكتب التي تساهم في سلامة المجتمع وصحته النفسية والاجتماعية، يوجد لدينا العديد من الكتب التي نعمل عليها و يمكنك ان تقترح كتبًا أخرى لتقوم بتلخيصها.

Survey
Interested in Reading Books
Summarize Books