جوهر الأنا: الحالة الراهنة للإنسانية
الربط بين اللفظ ومعناه يسميه الكتاب لغز، وفِي الحقيقة “رمز“، وبغض النظر عن العلاقة بينهما، فعندما نضع لفظ لا ندعّي أننا عرفنا الذي أطلقنا عليه اللفظ، فهو يدل عليه لا على مضمونه ومكنون معناه، لوحة الكرسي للفنان العالمي “فان جوخ“، الكرسي بيع بكم دولار ولكن اللوحة بـ ٢٥ مليون دولار، وهذا يعني أنَّ اللوحة أعطيتْ حياة من حياة الفنان، لا أنَّ جوهر الكرسي تواصل مع الفنان كما يشير الكاتب، وأساس هدف الكتاب هو الإنعتاق من إحساسك بـ الأنا، قد يكون هذا صحيحًا ومتوافقًا مع تعاليم الأخلاق في الاسلام.
الذات المتوهمة
إلى مَ تشير (أنا): فقد يعتبر الطفل اسمه ماهيته أو جزءً منها، فلذلك يقول محمد جائع، ثم يتعلم أنا فيساويها مع ماهيته، ثم تبرز أمور أخرى وتمتزج بـ أنا الأصلية، ثم تتماهى أنا مع الأغراض والممتلكات، فعندما يأخذ أحدٌ ما “لعبتـي” تظهر المعاناة الشديدة، ومع مرور الزمان تتماهى الذات مع الجنس والجسد والجنسية والدين والمهنة وكذا امتزاجها بـ الأدوار “الأم – الأب – الزوج بالإضافة للمعارف والآراء وما يحب وما يكره” فهذا ما تشير إليه أنا.
الصوت الذي في الرأس
قصة الكاتب مع المرأة في القطار التي تحدث نفسها، ثم يعبّر عنها إن كانت مجنونة فنحن كذلك، والفارق أنها تفكر بصوتٍ عالٍ ونحن بصوت مكتوم، إن التفكير من غير وعي هو المعضلة الأساسية للوجود الإنساني فعلًا يعيش هذا المجتمع الكآبة لا لموضوع ما بل لفقدهم الإيمان.
مضمون “الأنا” وبنيتها
ضياع الذات فيما تملك حينما يتماها معها، فيعتبر تلك الممتلكات جزءً لا يتجزء من ذاته، والتماهي مع الأشياء إذ يحاول الكاتب أنْ يوجد طريقة لتفكيك العلاقة بين ذات الإنسان وأشيائه، لأن الحقيقة أنَّ الإنسان غير أشيائه، وقد تخلق له مشاكل لا نهاية لها ولن يرتاح عندما يفقدها لانها جزء من كيانه.
كتب المؤلف هنا قصة الخاتم الضائع لتلك المعلمة المصابة بالسرطان، التي فقدت خاتم جدتها الذي تحبه غاية الحب، وهي على شفا الموت.
وهم الملكية
قال السيد المسيح (عليه السلام): “مباركون هم الفقراء في الروح، لأنهم سيرثون مملكة السماء” تعني: لا حمولة داخلية، لا تماهيات لا مع الأشياء ولا مع مفاهيم ذهنية تتضمن في داخلها إحساسًا بالذات، وهذا المفهوم موجود في تراث أهل البيت عليهم السلام كما في الداء مثلًا ومضمونه: أمع المخفين أجوز أم مع المثقلين أحط، كذلك تعبير خفيف المؤنة، تميل الأنا للتساوي بينها وبين الملكية كأنا أمتلك إذن أنا موجود، هذا يذكرنا بقصة مولوي أو حافظ شيرازي كان ثريًا وفقيهًا فجاءه درويش وقال له بع خمرًا إذا أردت أن تعرف الله.
التطلب الحاجة إلى المزيد
لا تكتفي الأنا بما تملك، ودائمًا ترغب في المزيد (مصداق قول الامام علي بن أبي طالب عليه السلام: “القناعة كنز لا يفنى“، “ولا يملأ جوف بني آدم الا التراب“، إنَّ مرض “البوليميا” الشره وأمراض الإضطراب والقلق والضجر والإمتعاض وعدم الرضا، هي نتائج التطلب الذي لا يتحقق، فالحاجات الفيزيائية للعالم كله يمكن توفيرها لولا جشع الشركات الكبرى، (ما حرم فقير إلا بما متع به غني، حتى على مستوى الأمم).
التماهي مع الجسد
الجنس يصبح الهوية، ويؤثر العجز الجنسية على الشخصية، وفرق بين الغرب والشرق، حتى نقصان الجسد بنحوٍ ما يتحول جزءً من الهوية سواء كان كاملًا أم معيبًا، الواجب تحويل ذلك لطاقة إيجابية في حياتك.
نسيان الكينونة
من خطأ ديكارت إلى بصيرة سارتر
أنا أفكر إذن أنا موجود ، إن الوعي الذي يقول “إنني“ ليس هو الوعي الذي يفكر فعندما تحلم وتعلم أنك تحلم فأنت واعٍ ويقظ داخل الحلم.
السلام الداخلي المتجاوز لكل فهم
الحقيقة المطلقة: ليس إنني هذا ولا أنني ذاك، بل مجرد “إنني“، فالتسليم يعني القبول الداخلي بما حدث، ويجعلك منفتحًا على الحياة.