المشغول بتلميع صورته
خواطر الافتتان بالذات، الأعجاب بالشكل واستمرار التحديق في الصورة عند النظر إلى المرآة ، مع شعورٍ قويٍ بالعُجب وحب النفس يرافقه سلوك التعالي على الآخرين، مع نكهة واضحة من الغطرسة والغرور ، وكأنها حالة من حالات عبادة الأنا والتمحور حول الذات بشكل نمطي ومنظم، ورفض الآخر.
تتفاوت الخواطر النابعة من الافتتان بالذات شدة وضعفًا، ولكن دائمًا ما يكون لها نفس الطاقة والشعور الباحث عن الغير لإرواء عطش الظهور كنجمٍ من نجوم الكون، فلو ركز المشغولُ بتلميع صورته على ذاته لوجدها تستجدي انتباه الغير، وهي بأمس الحاجة إلى المديح وبشكلٍ دائم، وقد يعرف جيدًا مدى القلق على صورته الذي ينتابه حينم لا يحصل على الإطراء الذي يتوقعه، وعندما يشتغل عنده ضوء الوعي سيفهم بوضوح أنَّ قصصه وتجاربه التي يرويها للغير بصوت عال مصحوبة بمبالغات في قدراته الذاتية ، إنما صدرت ضمن استراتيجية واحدة وهي اجترار الإحساس بالعظمة و أهمية الإنجاز.
في تكيتك أقل وضوحًا وتخفيًا لخواطر الافتتان بالذات تستخدم الأنا أسلوب التقليل من أهميتها، إعتمادا على الآخرين في التصيح بأن المفتون بذاته فريد وأن ما يقوم به مهم وذا جودة ، وقد يلتف لإبراز نفسه عن طريق نقده للغير، فهذه طريقة ربما تكون قوية في إظهار التفرد والتميز ، أحيانًا يلعب هذا المفتون دور الضحية ، وكأن لسان حاله يقول :” أنا رغم كل مواهبي وطيبة قلبي كثيرًا ما أتعرض للإساءة العاطفية والابتزاز والتنمر من الآخرين“، فهذا أيضًا يشكل مدخل للحصول على الثناء والمدح والتطمين.
انخفاض الطاقة الاجتماعية
بسبب الخواطر السالفة النابعة من الحاجة للنجومية، والتذكير الدائما :”أن عليك البقاء في مرتبة عالية فهناك فقط تكمن الأهمية “؛ لذلك ستجد رفض الإعتراف بالغير مهيمنًا على المعجب بذاته، بل سينسحب ذلك بشكل مقيتٍ على الروابط والعلاقات العاطفية، ستكتشف وأنت تتعامل مع شخص متمحور حول ذاتِهِ أنه يُشعرك بأساليب مختلفة :” أنك صغير ، وغير مهم، ولن تصل له إطلاقًا“، وأن أي شيء يقدمُهُ لك فهذا ليس منحة بل لابد أن تدفع في مقابله، فأنت تتوقع منه أنْ يتخلى عنك على أي حال، والغرب في الأمر أنه وهو يسلك هذا السلوك يراك بل يرى العالم مدين إليه، سيكون علينا ونحن نتعامل مع شخص معجب بذاته أن نتذكر دائما أن هذه السلوكات لسنا مصدرها بل هي نابعة من عقدة أنه يرى نفسه صغيرا ، وليست صادرة بسبب وجود خلل ما فيك أنت الذي تتعاطف معه.
تمارين (من تواضع لله رفعه)
تذكر قول رسول الله (ص): ” حب الجاه والمال ينبتان النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل “.
كن أنت الشاهد لما يجري في دواخلك عندما تعرض نفسك كسلعة ، ألا تشعر وكأنك محتال، “لا أحد يرى خلف قناعي. فقط ما أفعله هو الذي يرى” ، قد تضطر إلى البدء بتسمية الأحاسيس التي تكمن وراء المشاعر “هذه عقدة نقص“، أنك تعمل على جعل صورتك دائما كما يطلبها الآخرون ، وتذكر أنك عندما لا تتعالى وتنضم إلى الجنس البشري وتقبل ذاتك كبشر عادي، فإنك تفهم بعمق شعورك وتقدر شعور الآخرين.