الشفاء من الماضي
بعض الأزمات القديمة في حياتنا مازالتْ عالقةً في أذهاننا حتى اليوم، هل تستحق كل هذا العناء؟ يمكن استعمال تقنية العلاج بالمعنى فيتحقق الشفاء، وهي خلقُ سياقٍ مختلفٍ أو قل “معنى مختلف“، يقول مبتكر هذه التقنية: كلُّ شيء يمكن أنْ يؤخذ من الإنسان إلا حريته في اتخاذ الموقف.
يجب أنْ يدرك الإنسان أنْ في أزماته درسًا، فالرجلُ الذي فقد وظيفته فإنَّها كانت تعيق تطوره مهنيًا، فكلُّ أزمةٍ في الحياة هي في الحقيقة فرصة للنضج والتطور، ولعل اللاوعي يخلق بعض هذه المآسي طلبًا للكمال، ومن أهم أهداف الأزمات أنْ نتعرف على جانبٍ في اللاوعي يسمى الظل، ويعني كل أفكارنا ومشاعرنا المكبوتة، وهذا يجعلنا أكثر انسانية وأكثر نضجًا، وكلُّ أزمةٍ إما أنْ نرتقي بها أو ننحط وعليك الاختيار.
قصة: تقطعت أوصال الأخوة بين أخوين منذ ثلاثة وعشرين عامًا، ولا يتذكر كلاهما الآن السبب، ولقد فاتهما في هذه المدة الطويلة ثمنًا غاليًا بعدم المشاركة في كل المناسبات العائلية وغيرها، وعندما سمح أحدهما برحيل غضبه شجّع أخاه على ذلك، وعندما فكرا في السبب تذكرا أنَّها كانت مشادة بينهما على حذاء.
تعزيز المشاعر الايجابية
في الإنسان شعوران تجاه كل موقف سلبي وايجابي، فليسمح برحيل السلبي وبقاء الإيجابي، مثلًا اقترب موعد ذكرى جميلة لصديق عزيز وفي النفس غضبٌ عليه وبخل، والشعور المعاكس له: الغفران والكرم، فعلى الإنسان أنْ يبحث عن شعور الغفران بداخله والتوقف عن مقاومته، فسوف يتدفق، فمن التسامح مع الآخر يأتي التسامح الذاتي والتخلص من الشعور بالذنب، فالعالم لا يمدنا بالسعادة.
اللامبالاة والاكتئاب
اللامبالاة هي الإيمان بـ “لا أستطيع“ بمعنى اليأس والعجز، وتبرز هذه الحالة عند المكتئب والمحكوم عليه بالفشل، وتحليلها البيولوجي هو طلب المساعدة مع الشعور بأنَّها غير ممكنة، اللامبالاة تدلُّ على قلة طاقة الحياة، وهي قريبة من الموت، وقد يرغب الطفلُ بالموت عندما يفقد الحالة العاطفية لافتقاده عاطفة الأمومة، ويمكن التخلص من اللامبالاة بزيادة مستوى وعينا.
لا أستطيع مقابل لا أريد
طريقة أخرى للتخلص من اللامبالاة بأنْ ننظر إلى المكافأة التي نحصل عليها من اللامبالاة، فالإنسان مخلوقٌ قادرٌ فلذلك كل (لا أستطيع) تعني (لا أريد)، ومثال ذلك: التحدث أمام الجمهور فيقول: لن يرغب أحد في الاستماع إليّ، فاللامبالاة في حقيقتها خوف، فعندما نسمح له بالرحيل، فستظهر رغبتنا بعمل الشيء الذي كنا نخافه.
وهذا سيقود للثقة في النفس أكثر، كما يمكن مساعدة الآخرين لتخطي هذا الخوف أيضًا، واللامبالاة والاكتئاب ضريبة قبولنا بأنْ نكون ضحية سلبيتنا، والحلُّ أنْ نكونَ أكثر وعيًا، وهذا يعني أنْ نبحثَ عن حقيقة أنفسنا، ومقاومة الصوت الداخلي الذي يريد أن يحقرّنا.
ويرجع سبب ذلك لما حدث في طفولتنا، وما أخذناه من محيطنا وتشربناه دون وعي، وأصبحنا مركبًا من نفايات سلبية، ويمكن طرحُ سؤالٍ: هل فعلًا أنا لا أريد أكثر من أني لا أستطيع؟؟ على سبيل المثال: إني لا أتقن مواجهة الجمهور وإلقاء كلمة، فلنقلْ لأنفسنا أنَّ ذلك غطاءً ربما لا أريد، ولكي نتعرف على صدق المشاعر نبدأ بالتمرن، فستظهر مشاعر الإحراج والارتباك والجهد الكبير للتعلم والتردد، وعندما تستبدل (لا أريد) بـ (لا أستطيع) نكتشفُ بالإمكان التخلي عن تلك المشاعر، ويأتي سؤال: هل أنا مستعد بالسماح للخوف من عدم النجاح بالرحيل؟
وعند التدقيق العميق نكتشفُ أنَّ السبب الحقيقي عدم الرغبة وليس عدم القدرة، وبعض الأحيان نوجّه اللوم للظروف.