قد يضطر الضغطُ الإجتماعي البعضَ إلى للتكيّف مع المجموعة بغرض التخلص من التوتر والقلق الناتج عن الأعراف أو التوقعات أو الابتزاز، مما يؤدي لأنتاج أشخاصٍ يهيمن عليهم أسلوب التفادي والتلون والتغيير في المعتقد أو السلوك رجاءَ أن يتم قبولهم، طبعا هؤلاء ونتيجة لبعدهم عن الواعظ الداخلي أي صوت الضمير الصافي الذي يمكنه المراقبة والفهم بسهولة لما ينبغي فعله وتصديقه فإنهم سيعوضون عنه بمبادئ وأنظمة وقواعد عقائدية تنتجها الأنا العليا علها تفك الغموض وتسهم في تحديد المواقف الصحيحة، هؤلاء يحاولون متابعة ما يرغب فيه المجتمع للحصول على الاستقلال أو الاهتمام أو الأمان وليحصلوا على أي واحد مما سبق فإن رضا الناس أو العرف أو قيم المجتمع ستكون هي الفيصل.
يمكننا اعتبار التلون والمسايرة على أنه استسلامٌ لضغط المجموعة التي ربما تتخذ أشكالًا مختلفة مثل التنمر أو الابتزاز أو المضايقة أو النقد، التلوّن ببساطة حالة من الخضوع لمباديء الأغلبية والتنازل عن قواعد الوعي لصالحها كي يتمكن الفرد من التعياش مع مجتمعه.
وسيتخذُ التلون ثلاثة أنماط مختلفة:
النمط الأول: التلون لنيل الحب والإهتمام
يقول البعض مادمتُ ممتثلًا ومتقبلًا لتأثير قيم وقواعد المجتمع فسوف أحظى بردود فعل إيجابية من الناس، سوف أكون محبوبًا، هؤلاء ستدفعهم هذه القناعة لتقديم الكثير من الدعم لمجتمعهم وكلما زاد عليهم الضغط سوف تزداد مقدار المساعدة التي يقدمونها للآخرين، ومع هذا فإنَّ الأنا وللتخص من الصراع الداخلي سوف تتنازل عن حاجاتها الأساسية ليبقى بصيص أمل في نيل الحب والقيمة والأهتمام ، سوف تستمرئ الأنا الضيم وتعتبره: “لم يكن سيئًا للغاية” فهذا الأسلوب يسمح بقبول الأشياء بأقل قدر من الاستياء ويؤدي إلى تبرير كل شيء، وفي تطور أشد مكرًا من الأنا سيتم تحويل العواطف إلى نقيضها، فتتحول الكراهية حبًا والحسد امتنانًا ما زالت الأنا تكسو تلك اروح بأقنعة أشد سمكًا حيث أنه ستعمل في وقت واحد على إخلاء العاطفة المؤلمة كالألم الحاضل من عدم الشعور بالكرامة الى اللإيثار المفرط وتحويله إلى جعل الآخرين يعتمدون عليه، قد نرى هذا السلوك في حال بخل الزوج العاطفي وأهماله لشأن أسرته الأمر الذي يجعلها مثلا تنجذب لغيره، ستشعر حينها بالتوتر والقلق الشديد، ولتحمي نفسها من الشعور بالخيانة ستبالغ في معاملة زوجها معاملة حسنة رغم أنَّهُ يسيء لها، وسوف تظهر له علامات الحب والولاء في تطور أكثر دراما قد يتلبس الروحَ قناعٌ التقمص والتماهي مع المعتدي، وهي الحالة المعروفة باسم “متلازمة ستوكهولم“.
النمط الثاني: التلون للشعور بالأمن الداخلي
هذا نمط آخر من التوافق وهو ناتج عن فقد الأمن واليأس من القدرة على استماع صوت الهدي الخاص، لذلك لابد من التماهي والإلتزام بقواعد السلطة الاجتماعية كالأب أو الزوج أو الأصدقاء وغيرهم، هؤلاء يتنكرون لعقولهم ويعتمدون بشكلٍ مفرطٍ على الإرشاد والتوجيه، ولهذا فهم يعملون بجدٍّ من أجل تحالفاتهم، وينقادون بشدةٍ لهم، وهم يثقون بعقول الآخرين أكثر من ثقتهم بعقولهم، ربما ولأنهم يعتمدون أكثر من جهة استشارية في المجتمع، تختلط عليهم الآراء فيتعمق عندهم الشك الذاتي وبالتالي يشتد الخوف وفي لحظة من ثوران التوتر والقلق ينتقل هؤلاء من كونهم مخلصين وموالين لمجتمعهم وأسرهم وأصدقائهم إلى الضد، فهناك في عمق النفس الكثير من الحذر والتردد وإعادة النظر في قيم المجتع، مع استخدام ضغوط اجتماعية متزايدة، يتصلب هؤلاء الأشخاص ويدخلون في دوامة من الإكتئاب والشعور بالإضطهاد وكأنَّما الجميع يتأمر عليهم.
النمط الثالث: التلون لإيقاف صوت النقد
يريد هذا النمط الاستقلال وحماية أنفسهم من النقد الداخلي والخارجي، وهم يحاولُ كسب ذلك عن طريق تكريس نفسه لاحترام القواعد، فهو يحمي خصوصيتَهُ من النَّقد من خلال التزامه حرفيًا بالمعايير، حينما يقع تحت الضغط فسوف يرفع من مستوى مثاليتِهِ ومن الصَّرَامة والتَّدقيق في المعايير بهذه الطريقة لنْ يتمكن أحد من انتقاده، وهو يرتدي أقنعة التفوق الأخلاقي، وبالمستوى الذي يتذكر فيه نقصهم الداخلي فإنهم يضعون ثقتهم في قيمهم ومعتقداتهم، وبما أنَّ السعي لرضا الناس غاية لا تدرك فإنه يشعر باستياء شديد يتم قمعه في مطاوي النفس وقد تظهر المشاعر مكبوتة بشكل فجائي على شكل شعور بالذنب أو تتمظهر بصورة وسواس قهري .
تدريب: كن أنت الشاهد
١- هل تستخدم حيلة التلون والمسايرة وتسعى في كل حال للمسايرة ؟
٢- راقب نفسك وهي تجعل قيم الناس وقناعاتهم معيارا لك .
تحركْ بشكل عملي ضد هذا الزيف، إنْ كنت تتلون لتبقى محبوبًا ركّزْ على حاجاتك، واسمح لنفسك أن تقول لا، وإن كنت تتوافق مع الناس ثقة بعقولهم، فأوقف نهج الاستشارة عندك استرخِ وثقْ بحكمتك، أمَّا اذا كنت تتشدد كي لا تنتقد ذاتك أو لا ينتقدك الناس فتحررْ من التعلق بتقيم نفسك وفق معايير الأنا العليا في الحكم.