وعي الروح وأقنعة الأنا “اتخاذ وضعية الهجوم “
اعتاد البعض الشعور أن عليه أن يكون حازم ويأخذ وضع الهجوم، ليتخلص من التوتر والقلق الناتج عن الصراع الاجتماعي، فالأنا تحفز الرغبة في الهيمنة والسيطرة ولبس الدروع، أو عواطف الاستمتاع والدخول في أي تجربة مؤاتية من تجارب الحياة، أو حب التألق والنجومية والوجاهة ونيل المديح، ليحقق أي غرض مما سبق سوف يسلك أحد الانماط التالية:
النمط الأول: اتخاذ وضعية الهجوم لحماية الصورة
تسعى الأنا هنا لتسويق صورة الإنسان المتميز بالفعل، الذي يريد أن يكون نجمًا من نجوم المجتمع، ومرغوبًا فيه، تدفعه الراغبة بالتفوق وفق قيم مجتمعه، ولذلك هو يتمحور دائمًا حول إنجازاته وقيمه، وقد يكتشف الآخرون أن خلف هذا التلميع المبالغ فيه للصورة يكمن الزيف والخادع والعجب، في كثير من الأحيان تطور الأنا أقنعتها لتجعلَ هذا الإنسان يسقط ما لديه من مشاعر أو أفكار أو سلوكيات دون وعي منه على غيره، وهو تعبير عادة ما يشير إلى عدم وعي الفرد بمشاعره أو بدوافعه، ومن أمثلة ذلك أن يتهم الزوج الغاضب زوجته بأنها لا تستمع إليه، ولكن غضبه في واقع الحال ناتج عن عدم استماعه هو إليها، ومثلا قد تحمل كراهية لأحدهم، ولكن الأنا العليا تخبرك بعدم صوابية ذلك، حينئذ بإمكانك حل المشكلة عن طريق التحدث مع نفسك قائلا: بالتأكيد هذا الشخص يكرهني، مع الوقت يطوَّر الأنا عادة إنكار المشاعر والتركيز بدل ذلك على الأداء، ولأنه يريد نيل أعجاب الآخرين فهو في الغالب لن يعرفَ ما يريد إذا كان بمعزل عن تطلعات الناس له، هذا الشرنقة تدفعُهُ للترويج لنفسه بحيث يصعب عليه التحدث عن أي شيءٍ آخر غير ذاته وإنجازاته، ومع الوقت وتكدس الإحباطات يمكنه أنْ يفعل أي شيء ليستغل أو يدمر من يقف في طريق شعوره بالعظمة.
النمط الثاني: اتخاذ وضعية الهجوم للحصول على أقصى درجات السعادة
هذا النوع من البشر يجدون صعوبة في الإعتراف بألمهم ومشاكلهم، مما يجعلهم يسلكون كأنَّ شيئًا لم يحدث، يسعى الأنا المسيطر لتجريب كل شيء بدون حدود ولا ضوابط، وتكون مصحوبة بروح المغامرة والمخاطرة، وفي السعي الدائم عن السعادة المفقودة تغيب البصيرة بصورة متعمدة ويستشري الشره (كلما زادت محفزات الإثارة وتنوعت كان ذلك أفضل)، وفي دوامة الهبوط وهروبًا من القلق ينكر هؤلاء أخطاءهم الخطيرة كمدمن المخدرات الذي لا يعترف بوجود مشكلة مع الإدمان في حياته، وحينما يتوقف الاستمتاع وتوضع بعض القيود أمام فرصهم في الترفيه يبدأ الإحباط يهيمن على مشاعرهم، وفي هذه المرتبة يضعون حاجات ورغبات الغير تحت أقدامهم.
النمط الثالث: اتخاذ وضعية الهجوم للحصول القوة والسيطرة على حياتهم
هذا النوع من الأنا يخاف من التعرض للأذى أو سيطرة الآخرين عليه، ولحماية نفسه تجده مدرعًا ويوجه طاقته لوضع حدود تحميه من تطفل الآخرين على نفوذه، يفضّل أن يكون هو المهيمن أو لا أقل أنْ يكون الآخرون معه في مستوى واحد، وحينما يخضعوا لمصدر أقوى يفرض هيمنته عليهم ويعمل من غير وعي على إزاحة مشاعره نحو السيطرة وتحويلها إلى المصدر البديل، فالسيطرة المفروضة في أجواء العمل من رب العمل ستتحول إلى غضب وشجار يوجه نحو أفراد الأسرة، ببساطةٍ سيتمُّ تحويل المحتوى العاطفي من شخص أو فكرة ما إلى الآخر، وفي دوامة الهبوط سيتحول الغضب إلى عنف، ربما يغذي هذا الرغبة في الشعور بالسيطرة والقوة، وفي دركة أسفل من الإنحدار سيعمل هؤلاء على تدمير من هم أقل منهم شأن.
تدريب: كن أنت الشاهد
١- هل تستخدم وضعية الهجوم بشكل غالب ؟
٢- راقبْ نفسك وأنت تسوق الآخرين لتلبية مطالبك وحاجاتك ، هل تعاني من أدمان أساسي وهو التمركز حول الذات.
٣- تأكدْ هل هناك شيءٌ غير مقبول تريد إخفاءه، وا تخفيه ليس بالضرورة أن يكون شريرًا، قد يكون الأذلال أو الضعف أو الشعور بالفقدان، هل يفرض عليك هذا الشعور طرح الصورة النموذجية التي ترسمها لنفسك ولكنَّك في الداخل لست كذلك؟ اجعل هذا تحت ضوء الوعي حتى لا يلحق الضرر بك وبغيرك.