كيف تتعامل مع الإيذاء العاطفي ؟
من الضروري جدًا للضحية قبل أنْ يكون أحد الأفراد المعرضّين للابتزاز العاطفي، عليه أنْ يتخذ مجموعة من الإجراءات التي تحول بينه وبين الْمُبْتَّز، وذلك بوضع حدودٍ فاصلةٍ لتنظيم علاقاته وإذا ساوره شكٌّ بأنَّهُ عرضةٌ للابتزاز العاطفي، فهناك بعض الاستراتيجيات والخطوات التي يمكنه القيام بها لحماية نفسه وهي:
١– كن متيقظًا دائمًا ولكن دون إفراط، وعليك أنْ تكون مدركًا لكيفية تعامل الآخرين معك يوميًا، إذا بدأتَ في السَّماح للأمور بالانزلاق ولم تكن لديك القدرة للسيطرة عليها، سواء كانت مع زميل جديد يعاملك بازدراء أو توهين أو أي نوع من أنواع الإساءة، أو أنْ تسمح له بالتحدّث معك أو معاملتك بطريقة مسيئة، أو أنْ تفسح المجال لصديق كان قد أساء إليك سابقًا بالعودة إلى طرق التحكم السابقة، فإنّك بذلك ترسلُ رسالةً بأنَّك لا تمانع بأنْ تكون ضحية افتراضية دائمًا، ما يعطي مؤشرات وعلامات أنَّك صَيْدٌ سهلٌ لتلك النَّماذج المسيئة من البشر، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ الدين الإسلامي قد وضع قواعد التعامل مع الآخرين وفق مبادئ واضحة من السّماحة والصفح والمداراة إلى جانب التغافل والمجاملة وأنْ تحمل الآخرين بوعي على محمل الخير، وأنَّهم في دائرة البشرية غير معصومين من الزلل والخطأ والنسيان.
٢– الثقة في تصوراتك واحترام مشاعرك، وعند هذه النقطة يمكنك أنْ تحدّد متى يمارس الآخرون القسوة معك عمدًا، حتى لو ادّعوا أنّهم يمزحون أو لا يقصدون الإساءة، يمكنك معرفة ما إذا كان طرحُ الأسئلة عليك مجرد طريقة للتحكم بك، ويمكنك أنْ تعطي انطباعًا متى تكون تعابير وجهك وتعليقات شريكك عبارة عن تلميحات إلى أنك مجنون أو غبي أو غير كفؤ، كلما زادتْ ثقتك في حدسك وتصوراتك، كلما قلَّ ارتباكك وعظمت قدرتك على الاعتناء بنفسك بشكل أفضل.
٣– عندما تواجه موقفًا مسيئًا فلا تترددْ أبدًا عن التّحدث بصوتٍ واضحٍ وعالٍ حيث يجب أنْ تتحدث بصوت عالٍ في كل مرة يصبح الآخر مسيئًا؛ وإلا فإنك ترسل رسالة تفيد بأنه لا بأس بإساءته وتنمره وتعديه عليك، وأنّ الطريق معبدًا من أجل إهانتك وإذلالك، لابد أنْ تعطي مؤشرات سلبية تحمي نفسك بها عن الآخرين، وليس بالضرورة أن تكون تلك المؤشرات السلبية مسيئة لأحد، بل لابد أنْ لا تكون كذلك، وإنَّما هي مؤشرات تدلُّ دلالة واضحة أنّك لست الشخصية الضعيفة التي يمارس من خلالها المبتّزون فنون الإساءة أو تبرّر لهم رميك بأنواع المهانة والإذلال.
٤– حافظ على هدوئك، وخذْ بعض الوقت حتى تفكر باتزان لاتخاذ أي ردة فعل مناسبة، فقد يدفعك الشخص الذي يحاول التلاعب بك إلى الإجابة فورًا إلى حيث يريد، وعندما تشعر بالاستياء والخوف قد تستسلم قبل التفكير في الاحتمالات الأخرى بشكل كامل، بدلًا من ذلك ابقَ هادئًا قدر الإمكان، وأخبره أنَّكَ بحاجة إلى الوقت، ومارسْ حقك في التعبير عن رأيك بكل صراحة وثقة كأنْ تقول مثلًا : “لا يمكنني أنْ أقرر الآن، سأفكر في الأمر وأعطيك إجابتي لاحقًا“، ومن أجل الضغط أكثر وأكثر فقد يستمر الْمُبْتَّز في الإصرار عليك لاتخاذ القرار على الفور، لكن لا تتراجع، كرّرْ بهدوء أنَّكَ بحاجةٍ إلى وقت كاف لتتخذ قرارًا صائبًا، وأنت بذلك تعطي مؤشرات سلبية بالنسبة ل للمُبْتَّز ولكنَّها في الوقت ذاته مؤشرات إيجابية على رجاحة وصلابة شخصيتك، وأنَّكَ قادرٌ على حمايتها ولا تتأثر أبدا بأساليب المبتز.
٥– يمكن النقاش مع المبتّز ولكن عليك أنْ تضمنَ أولًا سلامتك الشخصية، وإذا شعرت بالأمان النفسي والجسدي فيمكنك الدخول في النقاش، ففي حين يعي الكثير من المبتّزين ما يفعلونه ويقومون به من أجل تحقيق مآربهم حيثُ أنّهُم يريدون تلبية احتياجاتهم ولا يهتمون بما يكلفك ذلك، فإنّ آخرين ممّن يمارس الإيذاء العاطفي لا يدركون كيف تؤثر أساليبهم واستراتيجياتهم على الطرف الآخر، من هنا يمكن أنْ تساعد المحادثة على زيادة وعيهم وتغيير سلوكهم.
٦– حدّد محفزاتك وتعامل معها بشكل عام فإنّ لدى الأشخاص الذين يحاولون التلاعب بك معرفة جيدة بأساليب الضغط عليك، فإذا كنتَ لا تحبّذ الحديث عن الأمور الشخصية أمام الآخرين، فإنَّهم سيتعمدون الحديث عن تلك الأمور، وسيبادرون بطرح الأسئلة التي تساعدهم على استثارتك وزيادة توترك وسيرغمونك حتمًا على الحديث عن الأمور الشخصية بأساليب وطرق متعددة بغض النظر عن وجهة نظرك وشعورك تجاه هذا الأمر بالتحديد، وإذا كنت تكره الجدل في الأماكن العامة، فإنهم سيضغطون عليك من خلال استخدام تقنياتهم في استثارتك للدخول في دائرة الجدل وربما يهددون بذلك، ووفقًا للدكتورة فوروارد في كتابها الابتزاز العاطفي، فإنَّ زيادة فهمك للمخاوف أو المعتقدات التي تمنح الْمُبْتَّز قوته، يمكن أنْ توفر فرصة لاستعادة تلك القوة، وبالتالي لا يقدر على استخدامها ضدك، فإذا لم تهتمْ لمرةٍ واحدةٍ عندما يرتفع صوته في مكان عام سيعرف أنَّكَ لا تبالي ويرضخ لك.