شابٌّ لم يغادر بعد عقد العشرينات، كان يمارس الرِّياضة، وهو صاحب بدن رياضي (حمل الأثقال)، وقوامُهُ رشيقٌ – ولله الحمد –، زاره أحد أقربائه مرَّة واحدة في المستشفى من باب صِلة الرَّحم، واستحباب عيادة المرضى، وكان قريبُهُ هذا في غرفة العناية القصوى، فرأى الأنابيب والأسلاك تحتضن المريض من كلِّ اتِّجاه، ولم تأتِ أيَّامٌ على هذا المريض حتَّى غادر إلى سبيل ربِّهِ المتعال سبحانه، وما أنْ شاهده تلك المشاهدة في تلك الحالة في عيادته له قد انتابه شعور بالاضطراب، والقلق، والخوف!
لأوَّل مرَّة يشعر بشيئ يسمَّى خوفًا وقلقًا، وفي يوم وفاة قريبه بدأت رحلة المشقَّة، والعذاب.
تعوَّدت – منذ ذلك اليوم – رجلاه على زيارة المستشفى مريضًا، ولم يتوقَّف يومًا عنه، فاشتهر عند الأطباء والممرضين والممرضات!
فلم يبقَ عضوٌ في بدنه لم يشعر بأنَّه مصاب بمرض، حتَّى شفتيه، وشَحْمَتَي أُذنيه، وكان الجواب الوحيد الذي يتلقَّاه من كلِّ الأطباء بلا استثناء: لا مرض، ولا إصابة عندك وأنت سليم 100%!
إذًا، ما هذا الشُّعور الذي يكاد يخنقني، بل يخنقني فعلًا؟!
تغيَّرت حياته، فلم يستطع أنْ يقف في طابورٍ سواء لتهنئة على للمتزوِّجين، بل ولا في طابورِ التَّعزية لا لقريب له ولا لبعيد!
فإذا ما حاول وتماسك؛ ليقف مع الواقفين يشعر بِدُوارٍ يُسقطه أرضًا على الفور!
وتطوَّرتْ حالته، فصار الوقوف للصَّلاة أيضًا مستحيلًا، لأنَّ رجليه تصابان بالتَّنميل!
أين البدن الرِّياضيُّ؟!
أين تلك العضلات؟!
يتساءَل بينه وبين نفسه.
والنَّتيجة: إنَّه مَرَض توهم المرض .
١- الشُّعور دائمًا بأنَّ القادم سيئٌ، والمستقبل أسود.
٢- توتُّر مستمرٌّ، والخوف مسيطر.
٣- لا قدرة على الاستمتاع بالحياة.
١- التَّعرُّق.
٢- نبضات القلب في تسارع.
١- مجاهدة النَّفس بالميمات الأربع (المشارطة – المراقبة – المحاسبة - المرابطة).
٢- المشارطة: كلَّما جاءت نوبة القلق تجب مراقبة الأفكار والشُّعور باعتباره يزول بزوال النَّوبة، وتصنيف الرَّسائل الواردة من هذا النَّوع بأنَّها رسائل كاذبة لا لمناقشتها، لا لقمعها، لا الهروب منها، تصنَّف فقط بأنَّها مُضلِّلة.
٣- مراقبة الانفعالات دون التَّماهي معها، بل والعمل بضدِّها تمامًا.
٤- محاسبة النَّفس من خلال كتابة تقرير يوميٍّ عن تطوُّر الحالة.
٥- الفضفضة، وتفريغ شحنات الدَّاخل ضرورة، حيث ذلك سيخفِّف التَّوتُّر.
٦- أداء تدريب التَّنفُّس الاستراخائي.
٧- التَّمرُّن الدَّائم على ذِكْر الله تعالى قلبيًّا، وجعل اللِّسان لا يفتر من الأذكار والأوراد.
نتوقَّع أنْ تخفَّ حدَّة هذا القلق خلال مدَّة ستَّة أشهر، لا سيما إذا استمرَّ بالالتزام بالوصفة العلاجيَّة المقترحة، فإذا لم تتحقَّق الاستفادة المرجوَّة، فلا بدَّ من عرض الحالة على طبيب مختصٍّ.
تخلَّص الشَّابُّ من مرضه (توهُّم المرض) بعد سنة من العلاج بالاشتغال بذِكْر الله تعالى، وأعمال أخرى، ومع العلم أنَّ لديه شعورًا يتخوَّف فيه من أيِّ انتكاسة محتملة!