أبٌ لطفلين يعمل موظَّفًا في مكان مختلَط، بالإضافة للأجانب مع تعدُّد دياناتهم، يعاني من وسواس متشعِّب: طهارة، وغسل، وضوء، وصلاة وهو وسواس فقهيٌّ بَحْت، حياتُهُ وعلاقاتُهُ بزوجته، وأهله، والنَّاس كلِّها طبيعيَّة جدًّا، ولكنَّه يعاني من برود شديد مع زوجته، وعدم رغبته في المعاشرة.
حالما تحضر الصَّلاة يأتيه اضطرابٌ يشلُّ وعيه، فوسواسُهُ منذ الصِّغر، كونه عاش في أجواء تفرض عليه التَّدقيق، نستطيع القول: إنَّهُ مع بداية تكليفه كان وسواسيًّا، تعلَّم هذا التَّلقين من الأهل وتربية منهم، إذ كانوا يقولون له: إذا أردت الصَّلاة اغسل القدمين، وجفِّفهما قبل خروجك من الحمَّام، لأنَّ الأرض نجسة، ولحدَّ الآن يلبس نعالًا حينما يخرج من الحمَّام!
يقول: كان الشَّكُّ في الطَّهارة والنَّجاسة طبيعيًّا جدًّا عند الجميع ممَّن حولي، يواصلُ قائلًا: لمَّا كنتُ في عمر العشر سنوات كنت أكبِّر تكبيرة الإحرام خمسين مرَّة دون مبالغة؛ لأدخل في الصَّلاة، فدائمًا ما يتهيَّأ له أنَّه لم ينوِ بشكل صحيح، أو أنَّ نطقه وتلفُّظه بالتَّكبيرة غير صحيح، لم يكن أحد من أهله يعلم بحاله هذه، ولمَّا صار أكبر خفَّ عليه الوسواس قليلًا.
وحينما تزوَّج انتكستْ حالته مع أوَّل معاشرة زوجيَّة!، لأنَّه بحاجة للغسل، فالغسل يلازمُهُ تعبٌ نفسيٌّ وإرهاق، ويبقى في الحمَّام مدَّة ساعتين ممَّا سبَّب له الوهن الذي يهدُّ أركانه، وممَّا قاله: أرجف ودقَّات قلبي تتسارع لمَّا أقصد الوضوء، أو الصَّلاة، وكنتُ أفحص يديَّ لمدَّة ٢٠ دقيقة، إذ ربَّما يوجد ما قد يحجب الماء عن أعضاء الوضوء!
لستُ قادرًا على الذَّهاب للحجِّ رغم الاستطاعة الماليَّة، والذي زاد الطِّين بِلَّة أنَّي مرعوب من النَّجاسة في كلِّ لحظة أقضيها في العمل، ولقد أجهدني الوسواس!
١- الشُّعور لا ينتهي بالنَّجاسة.
٢- القلق – دائمًا - من بطلان العمل العباديِّ.
٣- التَّوتُّر، والخوف، والإحباط.
٤- التَّدقيق في كلِّ شيئ، والإفراط في التَّركيز.
١- النَّاس في كثير من الأحيان يمدحون قوَّة شخصيَّته وحذاقته، ودقَّته في أمور عديدة، لكنَّه يشعر أنَّ هذه الأمور الثَّلاثة تشلُّ حركته كثيرًا.
٢- عندما يتكلَّم يكرِّر الكلام – دائمًا - حرصًا منه على أنْ ينتبهوا لكلِّ كلمة يتفوَّه بها، لأنَّه ينتقي الكلمات انتقاءً، وذلك بسبب حرصه على توصيل معلومته الدَّقيقة التي في عقله.
١- ضرورة مراجعة الطَّبيب؛ للتشخيص إنْ كانت حالته بحاجة للدَّواء.
٢- تطبيق برنامج متعدِّد يتكوَّن من:
● العلاج المعرفيِّ الجَدَليِّ، والعمل على تصحيح المفاهيم، وتخفيف الشُّعور بالوحدة، والتَّطمين بأنَّ الله تعالى معنا، مع تحريك معاني الثِّقة، والتَّوكُّل، والتَّفويض، والتَّسليم لله سبحانه، وتنمية حالة الذِّكر القلبيِّ.
● الإرشاد الفقهيُّ، والاتِّفاق على عدم مراجعة أيِّ مصدر فقهيٍّ غير من سيتابع حالاته.
● تطبيق برنامج النَّاجحين صباحًا، مدَّة ٢٠ دقيقة رياضة جادَّة، ومدَّة ٢٠ دقيقة خَلوة مع الله تعالى، وحديث مباشر معه، والدُّعاء بطريقة عفويَّة، ومدَّة ٢٠ دقيقة قراءة تطوير في مجال اختصاصه.
● الاستفادة من تمارين الوعي واليقظة، والتَّمرُّن على الحضور في اللَّحظة.
● تطبيق تقنيَّة التَّعرُّض، وعدم الاستجابة.
نتوقَّع إذا استمرَّ في البرنامج ثلاثة أشهر وبشكل يوميٍّ يعطي نتائج قويَّة وملحوظة بإذن الله تعالى.
لم يتقبَّل مراجعة الطَّبيب، ولكن النَّتائج جيِّدة، والغسل صار أسرع ممَّا كان - ولله الحمد -، ومن غير دَلْك بدنه بالمنظِّفات، ودون استعمال الشَّامبو، ومدَّته ١٥ دقيقة فقط، أمَّا الوضوء، فإنَّه من غير فحص، ولا تزيد مدَّته أكثر من دقيقتين، ولله المنَّةُ إذ يشعر أنَّه يومًا بعد يوم بالرَّاحة أكثر وبثقة أكبر.