المقصود من الإيمان
الايمان غير العلم، مجرد العلم بوجود الله والملائكة والقيامة ليس إيمانًا، فلابد أن يتجاوز العلم إلى مرتبة القلب ليكون مؤمنًا .
توضيح هذا المطلب
الإيمان لا يتحقق إلا بمقدمة له وهي: التوجه إلى تلك الحقايق بقدم التفكر والرياضة العقلية والآيات والبينات والبراهين العقلية، ومراتب الايمان كما في الحديث (العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء) فبعد الرياضات القلبية يقذفه الله في القلوب المناسبة.
قد تمم أركان توكلنا على الله سبحانه ولكن حقيقة التوكل ليست حاصلة فينا، نعلم أنه لا يمكن التصرف في مملكة الحق تعالى دون إرادة الذات القيومية، مع ذلك نطلب الحاجات من أرباب الدنيا.
قد نردد (لا نؤثر في الوجود إلا الله) ولكن عيوننا ناظرة إلى أيدي الناس، لأن حقيقة التوحيد الفعلية لم تحصل في قلوبنا.
الاستشهاد لهذا المقصد بالدليل النقلي
ذكرت آيات سورة الانفال صفات المؤمنين (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) إلى قوله تعالى (أولئك هم المؤمنون حقا).
فهل نحن فعلا عندما يذكر الله تخاف قلوبنا ؟ عدم الخوف يدل على أن القلب لم يدرك عظمة الحق تعالى ولم يدخل فيه كبرياؤه.
كم قرأنا القرآن الشريف وهو أكبر المعجزات ولكن نور الايمان لم ينبعث في قلوبنا (وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا)، أما حقيقة التوكل هي إيكال جميع الامور إلى الوكيل والاعتماد على وكالته والتوكل مبني على:
- العلم بأن الوكيل يعلم حاجة الانسان.
- العلم بأنه قادر على قضاء أي حاجة.
- العلم بأن عنده رحمة وشفقة على الموكل.
- أن البخل بعيد عن ساحته.
والآن نرجع إلى أنفسنا ونرى حالنا: هل اعتمادنا على الناس ورجاؤنا متوجه للخلائق أكثر من الخالق ونطلب حاجاتنا من الضعيف.
في رواية عن الايمان، قلت لأبي عبدالله عليه السلام أخبرني عن الاسلام والايمان أهما مختلفان ؟ إلى أن قال فقال: الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله، والتصديق برسول الله به حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث، وعلى ظاهره جماعة الناس، والايمان الهدى وما يثبت في القلوب من صفة الاسلام وما ظهر من العمل به.
فالاسلام هو الشهادة بالوحدانية والاعتقاد بالرسالة، أما الايمان فهو نور هداية يتجلى في القلب، ولازم الايمان العمل، وفي حديث عن الخوف والرجاء: لا يكون المؤمن مؤمنًا حتى يكون خائفًا راجيًا ولا يكون خائفًا راجيًا حتى يكون عاملا يخاف ويرجو.
الإيمان والكفر:
الإيمان مطابق للفطرة، والكفر خارج عن طريق الفطرة
اختلف العلماء في مصداق الفطرة لا في أصل الأمر الفطري، إن أصول الايمان (المعرفة والتوحيد والولاية) كلها فِطر.
طريق تحصيل الايمان
العلم غير الايمان، فقد تكون حقائق التوحيد والأسماء والصفات من باب العلم فقط والمطلوب للإيمان أن تكون في القلب.
ويتحقق ذلك عن طريق إخلاص النية، ويؤنس القلب بالتكرار والتذكر حتى يتمكن الإخلاص في القلب، فقد يكون علم التوحيد لحب الظهور والأنا كما كان إبليس.
والأمر الثالث لتحصيل الايمان التوبة من الذنوب والمخالفات (وما يتذكر إلا مَنْ ينيب)، ثم يلقّن آيات التوحيد والتنزيه مع حضور قلب بالإضافة إلى الطهارة، فيجعل القلب كالطفل ليس لديه قدرة على الكلام، وأفضل أوقات التلقين أواخر الليل أو بين الطلوعيْن، فيرجى بذلك الحصول على نتائج حسنة، وأفضل الأذكار وأجمعها “لا إله إلا الله”.
مع ذلك فلا يغفل عن عجزه وعليه أن يستمد القوة من الله سبحانه، وهذا أمر تدريجي تتحقق بطول الزمان، وليس لغضب الانسان نهاية ولا شهوته، ولا شيءٌ يطفي حرثه وطمعه، فعليه أن يربي نفسه.