التؤدة و التأني وضدها التسرع من الصفات الظاهرة والباطنة
تؤدة: التثبت بالأمر والرزانة والتأني، وبمعنى الطمأنينة في الحركة، وإذا حصلت الرزانة والوقار في القلب تحصل الرزانة في الرأي والعقائد أيضًا، وفي النتيجة تحصل الرزانة في الأفعال والأقوال، كما إن العجلة والتسرع يسريان من القلب إلى الظاهر.
إن الاخلاق النفسانية هي ظهور الحقائق والأسرار الباطنية الروحية كما أن الأعمال الظاهرية هي ظهور الملكات والأخلاق النفسانية، ولذلك أولت الشريعة اهتمامًا كبيرًا لحفظ الظاهر، ووضعت أحكامًا لكيفية الجلوس والقيام والمشي والتكلم، فإذا أسرع الانسان في مشيه فستحل السرعة في روحه أيضًا.
المقصود من التؤدة والتسرع
يبدو أن المقصود من التؤدة التأني، وهو عبارة عن الاعتدال في القوة الغضبية، وحد إفراطها التسرع، وبالجملة الثبات والاستقامة في الأمور يوجبان الاستقامة في المعارك الحربية، وبعكسها التسرع وهو إحدى الملكات غير الحسنة، فلا يستقر الانسان بسببه في شيء ويأتي بالأمور الشخصية ولا يملك نفسه في الحوادث الروحية، ولا في الشدائد.
إن طمأنينة النفس وثبات القدم هما اللذان يحفظان الإنسان في مواجهة حزب الشيطان، ويجعلانه منتصرًا على جنود الجهل، وهما اللذان يجعلان الإنسان قادرًا على التغلب على القوتين الغضبية والشهوية، ويجعلان الانسان كالبنيان المرصوص في مواجهة الحوادث المؤسفة والضغوطات الروحية والجسمية.
هذه الروح الثابتة مع الطمأنينة هي التي تحفظ الفئة القليلة في مواجهة الفئات الكثيرة (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين).
التأني والتثبت من الفطر المخمرة ومن جنود العقل، والتسرع والعجلة وعدم الثبات والاستقرار من جنود الجهل وإبليس ومن الفطر المحجوبة
العجلة والتسرع وعدم الثبات تأتي من خوف عدم الوصول إلى المآرب النفسانية واللذات الحيونية، فإن القلب الذي شع فيه نور التوحيد يكون ذا طمأنينة وثبات، وأهل المعرفة يقولون أن الدعاء ثلاثة أنواع:
- دعاء من باب الاستعجال وهو دعاء العامة كي لا تفوتهم المقاصد الدنيوية والحيوانية.
- دعاء من باب الاحتمال، دعاء أرباب الحكمة، ويظنون أن الدعاء مقيد لقضاء الحق.
- دعاء الامتثال، دعاء أصحاب المعارف فإنهم خرجوا من أسر النفس فهم يدعون الله امتثالًا لأمره، فإن الدعاء عندهم خلوة مع الحق تعالى ومخاطبة لمحبوبهم، يقول علي بن أبي طالب عليه السلام: “فهبني يا إلهي وسيدي ومولاي وربي صبرتُ على عذابك فكيف أصبرُ على فراقك وهبني يا إلهي صبرتُ على حر نارك فكيف أصبرُ عن النظر إلى كرامتك”.