فوائد الصمت
يقصد بالصمت هنا السكوت المطلق والكلام في موقعه أفضل، وفبه تنشر المعارف والحقايق الدينية ومن أوصاف الله سبحانه (المتكلم)، لذلك جُعل الهَذَر مقابل الصمت.
موضع استحسان الشرع والعقل هو السكوت عن الهذيان والهذر وهو من جنود العقل، والسكوت وحفظ اللسان عن اللغو والباطل من الكمالات الانسانية، لأن للسان آفات كثيرة ومخاطر.
والانسان في بداية أمره وهو يشتغل بالتعلم والاستفادة من معاشرة العلماء فلابد من بداية السير والسلوك وفي وسطه ونهايته من خدمة المشايخ وأعاظم أهل الحال.
وإذا لم يستطع الجمع في النهايات بين الخلوة بالحق تعالى وبين العشرة فلابد أن يعتزل حتى يغيض عليه الكمال اللائق من الملكوت الأعلى.
أضرار الهذر والهذيان والاشتغال بالكلام الباطل واللغو والكلمات العبثية وغير المفيدة
الكلمات القبيحة واللغو مضر بحال الروح كثيرًا وتسقط عن النفس الصفاء والصلاح والسلامة والوقار وتوجب الجلافة والكدورة والقساوة والغفلة وتسقط ذكر الله من الأعين وتذهب بحلاوة العبادة وتضعف الايمان وتميت القلب وتدفع الانسان إلى الزلل والخطأ والندم، وتسبب النفور بين الاصدقاء والعداوة بين الناس وتوجب سوء ظن الآخرين بالإنسان وتسقطه من أعينهم.
الصمت وضده : فضائل الصمت و عيوب الهذر عن طريق النقل
عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله قتل في جملة وصيته له: “يا أبا ذر وإملاء الخير خير من السكوت، والسكوت خير من إملاء الشر، يا أبا ذر اترك فصول الكلام، وحسبك من الكلام ما تبلغ به حاجتك يا أبا ذر إنه ما من شيء أحق بطول السجن من اللسان، يا أبا ذر إن الله عند لسان كل قائل فليتق الله امرؤ وليعلم ما يقول”، وأمير المؤمنين عليه السلام في مهج البلاغة: “لا خير في الصمت عن الحكم أنه لا خير في القول بالجهل”.
وقال عليه السلام: إذا تم العقل نقص الكلام”، وعن زين العابدين عليه السلام أنه سُئل عن الكلام والصمت أيهما أفضل؟ فقال عليه السلام:”لكل واحد منهما آفات فإذا سلما من الآفات فالكلام أفضل من السكوت، قيل وكيف ذلك يابن رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقال: لأن الله عز وجل ما بعث الأنبياء والأوصياء بالسكوت إنما بعثهم بالكلام، ولا استحقت الجنة بالسكوت، ولا استوجبت ولاية الله بالسكوت، ولا وفيت النار بالسكوت ، ولا تُجنّب سخط الله بالسكوت إنما ذلك كله بالكلام.
الصمت من جنود العقل ومن لوازم الفطرة المخمرة، والهذيان من جنود الجهل ومن الفطرة المحجوبة
السكوت عن الباطل واللغو من لوازم الفطرة ومن تبعاتها، وكف النفس عن الهذيان والهذر من لوازم الفطرة لأنه يعين النفس على التفكر والاشتغال بالباطن ويقربه إلى مبدأ الكمال، فالسكوت بهذه الكيفية فهو من جنود العقل والرحمن، والهذيان والهذر حيث تبعد الانسان عن الكمال المطلق، وموجب باحتجابها عن مبدأ الكمال فإذا احتجبت النفس عن فطرتها الأصلية ولحقت بالطبيعة فيوجد فيها حب كاذب للغو والباطل كشهوة المريض الكاذبة للطعام المضر.