ميزات العرفان الإسلامي الصادق
المعادن تقلّد لنفاستها كالذهب والألماس، والخبير يعرف أن يميّز بين الذهب والمذهب وكذا العرفان، وكذلك القرآن فهو نور ولكن لا ينتفع به الجميع إلا أن يتحرك الانسان ليكسب مرضاة الله تعالى (قد جاءكم من الله نورٌ وكتاب مبين، يهدي به الله من اتبع رضوانه سُبُل السلام)، ولخطورة الطريق ولضرورة معرفة الحقيقي من الزائف فلابد من تحديد مزاياه :
- الأسرار الخفية: يعتقد البعض أن أساليب السير والسلوك كلٌّ بحسبه، وجعل الاسلام للسالك أتخاذ ما يراه مناسبا للتقدم في الطريق ولو أخذه من غير المسلمين، فالاسلام لم يبين منهجا واسلوبا محددا بهذا الشأن، ولا نرى هذا صحيحًا فكيف بمسألة تبلغ هذا الحد من الأهمية، والاسلام لم يضع طريقها أو وضعها لبعض الخواص (القطب).
فالله سبحانه بيّن الطريق للعموم تستفاد من الآيات والروايات، نعم هي مراتب ودرجات، وكلٌ ينال منها بحسب همته وجهده وتأمله ودقته.
- تبيين معالم العرفان الصحيح
مقدمات:
- كمال الإنسان من سنخ العلم والمعرفة وتكامل الروح مرتهن لهما، كلما زادت المعرفة الحضورية بالله تكاملت الروح.
- المقصود من الخلق هي العبودية وهي مقدمة الوصول إلى الله تعالى .
- كل ما وضعه الله في صنعه لهذا الانسان معينٌ له إلى بلوغ الهدف ولا يمكن أن يضع فيه ما يعيقه عن هدفه.
إذن العرفان حصيلة توظيف جميع إمكانيات الانسان وقواه، بلغة العرفان: إن الانسان الكامل مظهر جميع أسماء الله والصفات الإلهية، فكل ما أودع فيه هو فعل من أفعال الله فيكون وجوده مرآةً ومظهرًا لكل الأسماء والصفات، أي مدرسة عرفانية تغفل أي قابلية في الانسان أو تجمدها فإنه دليل على انحرافها، فالعرفان ينساق مع الفطرة تمامًا.
إشكال
هناك تضاد فيما أودع في فطرة الانسان، أكل وشرب وجنس؟!!
كل ذلك يحتاجه الإنسان وفاعليته ليس في كل وقت، فالأكل له وقته وبعدها يختفي تمامًا وكذا الجنس – والفطرة هي التي تنظم ذلك.
صفات العرفان الاسلامي الصحيح:
- الشمولية. شمول كل إمكانيات الانسان وقابلياته .
- التطابق مع الفطرة.
- المطابقة مع الشريعة .
قصة الامام الباقر عليه السلام مع محمد بن المنكدر، الذي رأي أن يعظ الإمام عليه السلام وهو خارج في القيظ ليشرف على مزارعه وهو مستند على غلامين (البدانة).
قصة الإمام الصادق عليه السلام مع سفيان الثوري حينما رأى عليه ثيابًا بيضًا فرد عليه الإمام عليه السلام: اسمع مني وعِ ما أقول لك فإنه خَيْرٌ لك عاجلًا وآجلًا إن أنت متَّ على السنة والحق ولم تمت على بدعة … إلخ. ص ١٧٨
ثم مجموعة أخرى من الروايات الأخرى لبيان حقانية وصوابية طريق العرفان الصحيح.
الإمام الخميني أروع مثال في عصرنا للعرفاني، فقد جسّد تلك المعاني السامية أحسن تجسيد، فالأهم أن يتمكن الإنسان من إضفاء الصبغة الإلهية على جميع أعماله، فالعارف الحقيقي الكامل هو مَنْ يضع جميع أبعاد حياته فرديها واجتماعيها ماديها ومعنويها في سبيل الله تعالى، وهنا قصتان عن الإمام الخميني مع السيد علي القاضي في هامش صفحة ١٩١.