الفصل الثاني : الفكر الإلحادي المعاصر
ينقسم الملحدون إلى:
١- علماء وفلاسفة: وجدوا نظرية التطور حجة لإلحادهم.
٢- الشيوعيين: أرادوا تحويل المجتمع لمستعمرات نحل ولا يكون ذلك إلا بالقضاء على الدين.
٣- أفراد غير مأدلجين: هروبًا من قيود الدين أو تحقيقًا لمصالحهم.
٤- ناس صامتين مع شكهم ويرجع السبب إلى (١) قوة أفكار الملاحدة (٢) أسلوب الدينيين المنغلق.
الفكر الإلحادي مستويان:
الفكر الإلحادي القوي الذي تساق له الأدلة ويهجم على الإله والدين والمتدينين هؤلاء هم “الملاحدة الأصوليون“، والفكر الإلحادي الضعيف: لا يجدون أدلة كافية للإيمان ولا يقومون بنشر إلحادهم.
إحصائيات:
٢٢٠٠ بريطاني = ٢٨٪ مؤمنون بالإله و ٢٦٪ يؤمنون بشيء و ١٦٪ ملحدون و ٩٪ لا أدريون والباقي ٢١٪ لم يفكروا أو لا يعرفون أو لم يجيبوا.
الفلسفة الإلحادية :
شيوع رفض فلسفات الميتافيزيقيا وراء ضعف الدين في أوروبا، حيث ينحصر العلم في المنهج التجريبي، فلننظر بدايةً في الفلسفة الوضعية المنطقية والإلحاد الجديد:-
١- الفلسفة الوضعية المنطقية: مؤسسها الفرنسي أوجست كونت وشعاره “ما لا يمكن رصده لا وجود له“، ثم جاء ألفريد آير الإنجليزي ووضع (مبدأ التثبت)، وهو قبول أي افتراض يتوقف على إثباته عمليًا بالتجربة أو رياضيًا أو منطقيًا، فالنتيجة أن مقولة “الله موجود” وأستغفر الله من هذا القول حيث يقول هذا الملحد: لا معنى لها وتتساوى عند العقل كون الإنسان مؤمنًا أو ملحدًا.
وفِي الخمسينات دفن آير الفلسفة الوضعية حيث توصل أنها ملأوا بالتناقض فلا يمكن قياس العلوم الإنسانية (الفلسفة المنطق الأخلاق) بالعلوم التجريبية (الكيمياء الفيزياء).
٢- الإلحاد الجديد: يقوده البريطاني أنتوني فلو حيث تزعم حركة الإلحاد أكثر من نصف قرن وألّف أكثر من ٣٠ كتابًا، ثم آمن بعدما تجاوز ٨٠ وألف كتابًا يشرح أسباب إيمانه.
منهج الملاحدة الجدد:
أشهر الملاحدة ريتشارد دوكنز صاحب كتاب “وهم الإله” في ٢٠٠٦، وبعده كريستوفر هتشتز وله “الإله ليس عظيمًا“، ثم دانيل دينيت وكتابه “الخروج عن النص: الدين كظاهرة طبيعية” وأصغرهم سام هاريس وكتابه “نهاية الإيمان: خطاب إلى أمة مسيحية“، وأخيرًا رئيس قسم الفيزياء ستيفن هوكنج الذي آمن في آخر كتبه “التصميم العظيم“.
وسائل الإزعاج :
لم يكتفِ الملحدون بالمحاضرات والكتب والبرامج التلفزيونية بل علقّوا الإعلامات على الباصات والسلع المختلفة، ومن أمثلتها: يظهر طفلان سعيدان يخاطب كلٌ منهما والديه:”من فضلكما لا تصنفاني كمتدين، دعوني أكبر لأختار لنفسي بإرادة حرة“، وكذا المؤمنون واجهوا هذه الحملات، “وماذا لو ثبت أن الإله موجود“.
هل من جديد عند الملاحدة الجدد:
لا جديد عندهم ولَم يثروا المناقشات الفلسفية والعلمية والسبب:-
١- لم يعطوا إجابة على نشأة الحياة والعقل، يقول ريتشارد دوكنز:”حادثًا عارضًا نتيجة لضربة حظ“، ولويس ولبرت يقول: “لقد تعمدت تحاشي الخوض في نشأة العقل، إذ أننا مازلنا لا نفهم عنه شيئًا“، ويقول بسذاجة شديدة دانييل دينيت:”ثم حدثت معجزة“.
٢- لم يدرك الملاحدة ضعف تطبيق المنهج العلمي التجريبي على العلوم الإنسانية.
٣- لم يطلعوا على البراهين القوية التي قدمتها الفلسفة والعلم على الإيمان.
الحقد ضد الدين والإسلام:
يرى الكاتب أن الملاحدة يحقدون على الدين بشكل عام وعلى الإسلام بشكل خاص، ويأتي بكلمة لـ ستيفن هوكنج يستدل بها وهي“إن المسيحية قد تكون الحصن الأخير ضد شر أسوأ منها“.
الإلحاد هو الابن الشرعي للفكر المادي:
ارتبطت نشأة الإلحاد المعاصر بطهو القمر المادي ارتباطًا وثيقًا، وأفضل مَنْ عرض هذه العلاقة الدكتور عبدالوهاب المسيري.
الحضارة الحديثة حضارة عقلانية مادية التي استبعدت العناصر الأخلاقية والإنسانية، ولها إخفاقات منها الأزمة البيئية والحرب العالمية وفقد الإنساني اتجاهه والعبثية.
العقل المادي:
العقل المادي ليس له علاقة بالأخلاق ولا الأسئلة الكلية أو المقدس وما يتجاوز الحواس، ولا يهتم العقل المادي بخصوصيات كل إنسان فرد، ويمكن تشبيهه بأشعة x، الذي يعطي صورة للهيكل العظمي ولا يمكن أن تنقل صورة للوجه في فرحه وحزنه.
الفكر المادي:
“هوبز” أول مفكر مادي أعلن أن الإنسان ذئب لأخيه الإنسان، وأن التعامل الإجتماعي بين البشر صادر من خوفهم وبدافع حب البقاء، وأتفق مع “ميكافيللي” أن الغاية تبرر الوسيلة.
و“جون لوك” أكد أن العقل صفحة بيضاء تتراكم عليها المعطيات المادية، وليس هناك دور لفطرة خيّرةٍ توجهه، وغاية الفكر المادي ظهرت على يد “دريدا” الفيلسوف الفرنسي حطث يقول: لا وجود لذات إنسانية تميز الإنسان بما تحمله من قيم ومُثُل عما حوله من الماديات، كما لا توجد غاية عليا الوجود الإنساني.
الخلاصة:
١- أن الإلحاد المعاصر صناعة أوروبية ولا يمكن إعتبار أن العلم الأب الروحي للإلحاد وإنما الفكر المادي هو الأب الحقيقي للإلحاد، ويرجع الإلحاد لعوامل نفسية صاحبت تلك الثورة.
٢- الفكر المادي اختزل الإنسان في “الإنتاج – الإستهلاك – الإستمتاع“.
٣- عندما وجد الغرب أن المسيحية تتعارض مع العلم الحديث عمّم نظرته لكل دين، ثم تحوّل العداء للدين الإسلامي على وجه الخصوص.