قد يبدو في حين أنه لا يوجد شيء يمكنك القيام به حيال التوتر في العمل والمنزل، إلا أن هناك خطوات يمكنك اتخاذها لتخفيف الضغط واستعادة السيطرة.

أهمية إدارة التوتر والاجهاد

إذا كنت تعيش مع مستويات عالية من التوتر، فأنت تعرض سلامتك بالكامل للخطر، حيث يتسبب التوتر في إحداث فوضى في توازنك العاطفي، فضلاً عن صحتك الجسدية، ويحد من قدرتك على التفكير بوضوح والعمل بأقل فعالية، ويثبّط لديك الاستمتاع بالحياة، ولن يكون هناك المزيد من الساعات في اليوم، وستظل مسؤوليات عملك والأسرة صعبة دائمًا، لكن لديك القدرة والسيطرة أكثر بكثير مما تعتقد.

تساعدك الإدارة الفعالة للتوتر على كسر الضغط الواقع على حياتك، حتى تكون أكثر سعادة وصحة وإنتاجية، الهدف النهائي هو حياة متوازنة مع وقت للعمل والعلاقات والاسترخاء والمرح والقدرة على الصمود تحت الضغط ومواجهة التحديات وجهًا لوجه، مع العلم أنَّ إدارة الإجهاد لا يناسب الجميع لهذا السبب من المهم إجراء التجربة واكتشاف الأفضل بالنسبة لك، يمكن أن تساعدك نصائح إدارة التوتر والاجهاد التالية في القيام بذلك.

١. حدد مصادر التوتر في حياتك

تبدأ إدارة الإجهاد بتحديد مصادر التوتر في حياتك ، في حين أنه من السهل تحديد الضغوطات الرئيسية مثل تغيير الوظيفة أو الانتقال من منطقة سكن لمنطقة سكن أخرى أو مشكلات عائلية، وحتى علاقة الآباء بالأبناء قد تكون منطقة توتر بحاجة لكي نقف عندها كثيرًا في مقالات مخصصة، فإنَّ تحديد مصادر التوتر المزمن يمكن أنْ يكون أكثر تعقيدًا، ومن السهل جدًا التغاضي عن كيفية مساهمة أفكارك ومشاعرك وسلوكياتك في مستويات التوتر اليومية لديك.

قد تعلم بالتأكيد أنك قلقٌ باستمرار بشأن المواعيد النهائية للعمل، ولكن ربما تكون مماطلتك هي السبب وليس متطلبات العمل الفعلية، فهو الذي يسبب توترك، ولتحديد المصادر الحقيقية للتوتر انظر عن كثب إلى عاداتك وسلوكك وأعذارك التي تختلقها لتبرير الكثير من السلوكات التي تزيد من نسبة التوتر لديك:

● هل تفسر التوتر على أنه مؤقت (لدي فقط مليون شيء يحدث الآن) على الرغم من أنك لا تتذكر آخر مرة أخذت فيها استراحة.

● هل تعرف أنَّ التوتر جزءٌ لا يتجزأ من عملك أو حياتك المنزلية (الأشياء دائمًا ما تكون مجنونة هنا) أو كجزء من شخصيتك (لدي الكثير من الطاقة العصبية).

● هل تلوم الآخرين أو الأحداث الخارجية على إجهادك، أو تنظر إليه على أنه أمر طبيعي تمامًا وغير استثنائي؟

حتى تقبل المسؤولية عن الدور الذي تلعبه في إنشائه أو الحفاظ عليه، سيظل مستوى التوتر لديك خارج سيطرتك، إذ يعد الاعتراف أولى الخطوات المهمة لحل مشكلة التوتر فالإقرار بوجود التوتر ومعرف أسبابه هو الطريق السليم لوضع الحلول المناسبة.

٢. تدرّب على المبادئ الأربعة لإدارة الإجهاد

في حين أنَّ التوتر هو استجابة تلقائية من جهازك العصبي، إلا أنَّ بعض الضغوطات تنشأ في أوقات يمكن التنبؤ بها، مثل ذهابك إلى العمل وبقاؤك في شارع مزدحم بالسيارات، أو لقاء رئيسك في العمل أو التجمعات العائلية، وعند التعامل مع مثل هذه الضغوطات المتوقعة، يمكنك إمَّا تغيير الموقف أو تغيير رد فعلك، وعند تحديد الخيار الذي يجب اختياره في أي سيناريو معين فمن المفيد التفكير في العناصر الأربعة: تجنبعدّلتكّيفاقبل.

أ. تجنّب الإجهاد غير الضروري

ليس من الصحي تجنّب المواقف العصيبة التي تحتاج إلى معالجة والتي يطلق عليه التحديات بل لابد من المبادرة إلى مواجهتها وحلها بإحدى الطرق المعتبرة لحل المشكلات، من حيث تحديد المشكلة وتحليلها والبحث عن الحلول واختبار الحل المناسب ووضع خطة إجرائية وتطبيقها لتتخلص من تلك المشكلة نهائيًا وتجعلها وراء ظهرك، ولكن قد تتفاجأ بعدد الضغوطات التي يمكنك التخلص منها في حياتك، وأنت لا تبادر بحلّها، وحينئذ تتراكم المشكلات حتى تصبح جبلًا لايمكن إزاحته أو التأثير فيه بل ويحتاج لجهود جبارة لإزالته.

تعلم كيفية قول لا :

اعرف حدودَكَ والتزمْ بها سواء كنت في حياتك الشخصية أو المهنية، فإنَّ تحمل أكثر مما يمكنك تحمله هو وصفة مؤكدة للتوتر ميِّز بينما يجبوما لايجب، وعندما يكون ذلك ممكنًا، قللالتحمل الكثير.

تجنب الأشخاص الذين يضغطون عليك:

إذا تسبّب شخصٌ ما في ضغوط مستمرة في حياتك، فقلّلْ من الوقت الذي تقضيه مع هذا الشخص، أو أنهِ العلاقة إذ يمثل نوعًا من الإيذاء العاطفي لستَ بحاجة لذلك الشخص إنْ كان لا يعي ولا يقدّر معنى الصداقة.

تحكم في بيئتك:

إذا كانت الأخبار المنقولة تجعلك قلقًا، فأوقفْ تشغيل التلفزيون أو الراديو أو تصفح التويتر أو وسائل التواصل المختلفة، إذا كانت حركة المرور تجعلك تشعر بالتوتر فاسلك طريقًا أطول ولكنه أقل حركة وازدحام، وإذا كان الذهابُ إلى السوق عملًا روتينيًا مزعجًا، فقمْ بالتسوق عبر الإنترنت، وهكذا لابد لك من التحكم ببيئتك فأنتَ من يستطيع تعديلها حتى تستطيع السيطرة على مشاعرك السلبية بل وتغييرها لمشاعر إيجابية.

قلل من قائمة المهام الخاصة بك:

قمْ بتحليل جدولك الزمني ومسؤولياتك ومهامك اليومية، فإذا كان لديك الكثير من المهام فقم بإسقاط المهام غير الضرورية في أسفل القائمة أو قم بإزالتها تمامًا، ومن هنا فإنّ إدارة الأولويات في سلّم اهتماماتك يحتاج لوضع قائمة الأمور العاجلة والمهمة حتى تنهيها لتبدأ في إنهاء غيرها من الأمور أقل أهمية ولكنها عاجلة.

ب. غير الوضع

إذا لم تتمكن من تجنب المواقف العصيبة فحاول تغييرها، وغالبًا ما يتضمن ذلك تغيير الطريقة التي تتواصل بها وتعمل في حياتك اليومية.

عبر عن مشاعرك بدلاً من كبتها:

إذا كان هناك شيء ما أو شخص ما يزعجك، فكنْ أكثرَ حزمًا وعبّر عن مخاوفِكَ بطريقةٍ منفتحةٍ ومحترمة، إذا كان لديك امتحانٌ وأنت بحاجة للدراسة من أجله وعاد رفيقك في السكن إلى المنزل، فقلْ مقدمًا أنّ لديك خمسَ دقائق فقط للتحدث، وإذا لم تعبّر عن مشاعرك فسوف يزداد الاستياء ويزداد التوتر.

كن على استعداد لتقديم تنازلات:

عندما تطلبُ من شخص ما تغيير سلوكه، كنْ على استعداد لفعل الشيء نفسه،لأن هذه القيمة قد أكّد عليها القرآن الكريم في قوله تعالى (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) إذا كان كلاكما على استعداد للانحناء قليلاً على الأقل، فستكون لديك فرصة جيدة لإيجاد حل وسط يرضي الطرفين.

ضع جدولًا متوازنًا:

العمل المتواصل وعدم الراحة وعدم الاكتراث للترويح عن النفس هو وصفة للإرهاق، حاولْ إيجاد توازن بين العمل والحياة الأسرية والأنشطة الاجتماعية والأنشطة الفردية والمسؤوليات اليومية ووقت التوقف عن العمل، لإنّ ذلك يبعث على التوازن والاستقرار والراحة النفسية وهو يمثّلُ حافزًا ذاتيًا لمزيد من النشاط والقدرة على الإنتاج وتحقيق الأهداف.

ج. تكيف مع الضغوطات

إذا لم تتمكن من تغيير مصدر التوتر فغيّرْ نفسَكَ، بحيث يمكنك التكيّف مع المواقف العصيبة واستعادة إحساسك بالسيطرة عن طريق تغيير توقعاتك وسلوكك.

إعادة صياغة المشاكل:

حاولْ أنْ تنظر إلى المواقف العصيبة من منظور أكثر إيجابية، فبدلاً من الغضب من الازدحام المروري، انظر إليه كفرصة للتوقف وإعادة التجميع، والاستماع إلى محطة الراديو المفضّلة لديك، أو الاستمتاع ببعض الوقت بمفردك، أو الاستماع لموضوع ديني أو تفسير للقرآن الكريم.

انظر إلى الصورة الكبيرة:

خذْ منظور الموقف المليء بالضغوط واسألْ نفسَكَ عن مدى أهمية ذلك على المدى الطويل، هل سينتهي في شهر؟ أم في سنة؟ هل حقًا يستحق الانزعاج؟ إذا كانت الإجابة لا، فركّزْ وقتَكَ وطاقتَكَ في مكانٍ آخر، وابحث عن منطقة أماكن لتجديد نشاطك واستعادة توازنك وقدرتك على التحكم بمشاعرك والتأكيد على مهراتك في تجاوز المواقف الصعبة وحل المشكلات، وأنّك لا تستسلم أبدًا لتلك الضغوط وحاولْ في كل مرة تتعرض لمثل تلك التحديات ان تقلبها لفرص نجاح وتميز.

اضبط معاييرك: 

السعي إلى الكمال هو مصدرٌ رئيسٌ للتوتر الذي يمكن تجنبه، توقفْ عن إعداد نفسك للفشل والاستسلام إليه من خلال السعي الدائم للتميز وتحسين قدراتك، ضعْ معايير معقولة لنفسك وللآخرين، وتعلّمْ أن تكون على ما يرام مع قانونجيد بما فيه الكفاية“.

مارس الامتنان:

عندما يتسبب التوتر في إحباطك فتوقف لحظةً لتفكر في كل الأشياء التي تقدرها في حيات، وتذكرْ نِعَم الله عليك في كل أمورك وفي مختلف الزوايا من نعمة الوجود إلى نعمة الحياة وكل شيء،  بما في ذلك الصفات الإيجابية والهدايا الخاصة بك والقدرات والمهارات، كل تلك الأدوات والعوامل يمكن أنْ تساعدك على إبقاء الأمور في نصابها، بفضل تذكر هذه الإستراتيجية الامتنان والتفضل من الله عليك“.

د. تقبل الأشياء التي لا يمكنك تغييرها

بعض مصادر التوتر لا مفر منها، إذ لا يمكنك منع أو تغيير الضغوطات مثل وفاة أحد أفراد أسرتك لا سمح الله أو مرض خطير أو ركود اقتصادي، في مثل هذه الحالات فإنَّ أفضل طريقة للتعامل مع التوتر هي قبول الأشياء كما هي، قد يكون القبول صعبًا، لكن على المدى الطويل فسيكون أسهل من التشكيك في موقف لا يمكنك تغييره.

لا تحاول السيطرة على ما لا يمكن السيطرة عليه: 

أشياء كثيرة في الحياة خارجة عن إرادتنا، لا سيما سلوك الآخرين بدلًا من الضغط عليهم، ركّزْ على الأشياء التي يمكنك التحكم بها مثل الطريقة التي تختار بها التعامل مع المشكلات.

ابحث عن الاتجاه الصعودي:

عند مواجهة تحديات كبيرة حاول أنْ تنظر إليها على أنها فرصٌ للنمو الشخصي والتقدير الذاتي وتحسين وتطوير المهارات وتعزيز القدرات، إذا كانت اختياراتُكَ السيئةُ ساهمتْ في حدوث موقف عصيب ففكرْ فيها وتعلمْ من أخطائك ففي ذلك درس عظيم لمن يبحث عن التميز والابتعاد عن الإحباط وجلد الذات والتوقف عن العطاء، المواقف الصعبة تعيد بناء وصقل الإنسان ولكن من زاوية التعلم من التجارب السلبية لتتحول إلى فرص يقتنصها العقلاء.

تعلم أن تسامح:

تقبّل حقيقة أننا نعيش في عالم غير كامل وأن الناس يرتكبون أخطاء، ويتعرضون لعثرات وأنهم معرضون للإخفاق ويمارسون عند ذلك أساليب غير مناسبة وسلوك غير قويم، فحاولْ أنْ تتخلص من الغضب والاستياء وحرّرْ نفسَكَ من الطاقة السلبية بالتسامح والمضي قُدمًا وساهم بشكل من الأشكال لعلاج تلك التعثرات من خلال قبول الأعذار وحملهم على محامل الخير فذلك أمرٌ بالغُ الأهمية في إبقاء اللحمة والبناء الاجتماعي، بل إنّ التسامح من الصفات الإلهية والإنسانية، وأمّا نقيضها وهي صفة الانتقام من الصفات الحيوانية، من هنا فإنّنا نجد أنبياء الله وأولياءَهُ المتّقين الذين يمثّلون حقًّا معاني الإنسانية يتّصفون بها، يقول سبحانه (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)سورة آل عمران، آية 134.، وقد جاء في الحديث الشريف عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: “عَلَيكُم بِالعَفوِ، فَإِنَّ العَفوَ لا يَزيدُ إِلاّ عَّزاًن. م. ج3 ص 2013، وهذا إمام المتقين وأمير المؤمنين علي عليه السلام بيّن تلك الحقيقة فقال:جـازِ بِالحَسَنَةِ، وَتَجـاوَزَ عَنِ السَّيئَةِ مـا لَم يَكُن ثَلماً فِي الدِّينِ أَو وَهناً فِي سُلطـانِ الإسلامِ الريشهري، ميزان الحكمة، ج3 ص2015.

شارك مشاعرك:

قد يكون التعبير عما تمر به أمرًا مريحًا للغاية، حتى لو لم يكن هناك ما يمكنك فعله لتغيير الموقف المليء بالضغوط، تحدثْ إلى صديق تثق به أو حدّدْ موعدًا مع معالج فتلك المشاركة ستقدم لك خدمة كبيرة في تجاوز المواقف الصعبة وهو نوعٌ من الدعم الذي يحتاج إليه الإنسان بين فترة وأخرى عندما تضيق به الأمور ويصل إلى الأبواب المؤصدة، عند ذلك لابد له من التحرك سريعًا نحو طلب المساعدة حتى لا تتحول تلك المواقف الصعبة إلى اضطراب يعاني من خلاله القلق ما يضطره إلى العلاج النفسي.

٣. تحرك

عندما تكون متوترًا فإن آخر شيء ربما تشعر بالرغبة في القيام به هو الاستيقاظ وممارسة الرياضة، لكن النشاط البدني هو وسيلة كبيرة للتخلص من التوتر، وليس عليك أن تكون رياضيًا أو تقضي ساعات في صالة الألعاب الرياضية لتجربة الفوائد، تُطلق التمرينات الإندورفين الذي يجعلك تشعر بالرضا، ويمكن أيضًا أنْ يكون بمثابة إلهاء قيِّم عن مخاوفك اليومية، بينما ستحصل على أقصى استفادة من ممارسة الرياضة بانتظام لمدة 30 دقيقة أو أكثر، فلا بأس في زيادة مستوى لياقتك تدريجيًا، حتى الأنشطة الصغيرة جدًا يمكن أن تتراكم على مدار اليوم، الخطوة الأولى هي النهوض والتحرك. 

فيما يلي بعض الطرق السهلة لدمج التمارين في جدولك اليومي:

● استمع لتلاوة القرآن الكريم.

● اخرج في نزهة على الأقدام وأنت تستمع لكتاب مفيد.

● مارس رياضة المشي وأنت تصلي على محمد وآل محمد.

● اركن سيارتك في أبعد مكان في ساحة الانتظار وامش بقية الطريق.

● تعاون مع شريك في التمرين وليشجع كل منكما الآخر أثناء التمرين.

● العب لعبة تحدي ثقافية عن تاريخ أهل البيت عليهم السلام.

سحر إزالة التوتر من ممارسة اليقظة الإيقاعية

   في حين أنَّ أي شكل من أشكال النشاط البدني يمكن أنَّ يساعد في التخلص من التوتر والإجهاد، فإن الأنشطة الإيقاعية فعّالة بشكل خاص وتشمل الخيارات الجيدة رياضات المشي والجري والسباحة وركوب الدراجات والتمارين الرياضية المختلفة ذات الجهد الأقل، ولكن مهما كان اختيارك، تأكد من أنه شيءٌ ما تستمتع به، ولذلك أنت ستعمل جاهدًا على التمسّك به أثناء ممارسة الرياضة، ابذلْ جهدًا واعيًا للانتباه لجسمك والأحاسيس الجسدية (وأحيانًا العاطفية) التي تشعر بها وأنت تتحرك، ركّز على تنسيق تنفسك مع حركاتك، و لاحظ كيف تتنفس الهواء، واشعر بأشعة الشمس على بشرتك، فإنَّ إضافة عنصر اليقظة هذا سيساعدك على الخروج من دائرة الأفكار السلبية التي غالبًا ما تصاحب الإجهاد الساحق.

٤. تواصل مع الآخرين

لا يوجد شيء أكثر تهدئة من قضاء وقت ممتع مع شخص آخر قريبًا منك مخلصًا إليك يجعلك تشعر بالأمان والفهم إلى جانب قدرته على تفهم مشاعرك وذكائه العاطفي، في الواقع يؤدي التفاعل وجهًا لوجه مع هذا الشخص الصديق والدّاعم بصدق إلى إطلاق سلسلة من الهرمونات التي تتصدى لاستجابة الجسم الدفاعيةالقتال أو الهروب، إنه مسكن طبيعي للتوتر كمكافأة إضافية فهو يساعد أيضًا في درء الاكتئاب والقلق، لذا اجعله دائمًا سلوكًا وأسلوبَ حياتك كلّما تعرضت لضغوطات للتواصل بشكل منتظم مع هؤلاء الأشخاص الذين يقدمون لك الدّعم المناسب والنّصح والإرشاد حال تعرضّك لأي تحدٍّ، حتمًا إنهم الأصدقاء الصادقون، وهذا ما تعبّر عنهم روايات أهل البيت عليهم السلام، فهذا أمير المؤمنين وسيد البلغاء والمتكلمين الإمام علي (عليه السلام) يقول في وصفه لهؤلاء الأصناف من البشر:”لا يكون الصديق صديقا حتى يحفظ أخاه في ثلاث: في نكبته، وغيبته، ووفاته، ضعْ في اعتبارك أنَّ الأشخاص الذين تتحدث معهم لا يجب أن يكونوا قادرين على معالجة توترك، فهم ببساطة يحتاجون إلى أن يكونوا مستمعين جيدين، إلى جانب قدرتهم على الاندماج وتفهم أحاسيسك، وحاول ألا تدع القلق يظهرك بمظهر الضعيف أو كونك عبئًا يمنعك من الانفتاح على من تتحدث معهم. من يهتم لأمرك سيشعر بالارتياح من ثقتك، وسوف يقويك ويسندك ويحميك من الوقوع ويدرأ عنك الانزلاق في هاوية القلق والخوف. 

ليس من الواقعي دائمًا أنْ يكون لديك صديقٌ بالقرب منك للاعتماد عليه عندما تشعر بالإرهاق من الإجهاد، ولكن من خلال بناء شبكة من الأصدقاء المقربين والحفاظ عليها، يمكنك تحسين مرونتك تجاه ضغوط الحياة، بالإضافة إلى تحسين مهاراتك في مواجهة التحديات وحل المشكلات، ومن هنا فإن الإنسان السوي هو من يستطيع بناء علاقات تأخذ بيده إلى مزيد من النجاح والعلاقة مع الله سبحانه وتعالى وتكون تلك الصداقات مصدر سعادة ومنطقة أمان يلجأ لها الإنسان وقت الشدة والعوز، وهنا بعض النصائح التي من الممكن أن تكونَ محفزًا لنموذج علاقات متميزة:

● اختيار الأصدقاء بحكمة ووعي وبصيرة والنظر إليهم أنهم عوامل مساعدة على النجاح والتميز.

● الاستماع إلى الأصدقاء بصبر واهتمام شديدين، فهاتان المهارتات كفيلتان للحفاظ على أصدقائك وصونهم وعن الانفلات.

● التعاطف والمشورة والتصحيح كلها عوامل من شأنها أنْ تقوي العلاقة بين الأصدقاء.

● عبّر عن محبتك للأصدقاء فهي بمثابة إكسير الصداقة وإبقائها حية مفعمة بالتوقّد والاستمرار.

● العفو والتسامح مفردتان عاليتا التأثير في إبقاء البناء القيمي بين الأصدقاء بناءً قويًا شامخًا ومستدامًا ما يعكس صدقا ورغبة عند الطرفين على استمرار تلك الصداقة مهما حدث من سوء فهم وخلاف بينهما.

٥. خصص وقتًا للمرح والاسترخاء

يمكنك تقليل التوتر في حياتك من خلال تخصيص وقت لنفسي بالإضافة إلى نهج تولي المسؤولية والموقف الإيجابي، لا تنشغلْ في الحياة وصخبها بحيث تنسى الاهتمام باحتياجاتك الخاصة، رعاية نفسك ضرورة وليست رفاهية وهي أصل وليست فرع، إذا كنت تخصص وقتًا للمرح والاسترخاء بانتظام، فستكون في مكان أفضل للتعامل مع ضغوط الحياة، وستزيد من فرص الاستقرار والاتزان.

خصص وقت للفراغ:

قمْ بتضمين الراحة والاسترخاء في جدولك اليومي، ولا تسمح للالتزامات الأخرى بأنْ تنسيك ذلك أو أنْ تغفل عن تلك الجوانب وأنت تغوصُ في أعماق الانشغالات بحثًا عن لقمة العيش أو مكرسًا جهدك للتحصيل العلمي وغيرها من الأولويات، هذا هو الوقت المناسب لأخذ استراحة من جميع المسؤوليات وإعادة شحن وشحذ همّتك ونشاطك.

افعل شيئًا تستمتع به كل يوم:

خصص وقتًا للأنشطة الترفيهية التي تجلب لك السعادة، سواء كانت مشاهدة برامج مفيدة أو قراءة كتاب أو انشغال بتهجد ودعاء وتلاوة القرآن أو القيام بجولة على دراجتك، أو ممارسة هواية الصيد أو أي نشاط ترغب إليه وتحبذه.

مارس تمارين الاسترخاء:

تعمل تقنيات الاسترخاء مثل اليوجا والتأمل والتنفس العميق والتخيل، والتفكير بالطبيعة على تنشيط استجابة الجسم للاسترخاء، وهي حالة من الراحة على عكس الاستجابة للتحديات أو الهروب أو الضغط العصبي، عندما تتعلم هذه التقنيات وتمارسها ستنخفض مستويات التوتر لديك وسيصبح عقلك وجسمك هادئين، وتعتبر هذه التمارين من أهم الرياضات التي يُمارسها الإنسان في العصر الحديث، وبدأ الناس الاهتمام بمثل هذه التمارين لما لها من تأثير كبير في تحسين مستوى التفكير وإعادة التوازن وكسر الروتين من خلال افتتاح النوادي والمراكز المتخصصة وقد تلاحظ ذلك بشكل كبير خاصة في الدول الأوروبية.

٦. إدارة وقتك بشكل أفضل 

يمكن أنْ يسبب سوء إدارة الوقت الكثير من التوتر؛ فعندما تكون مرهقًا جدًا، من الصعب أنْ تظل هادئًا ومركّزًا، وسوف تميل إلى تجنب أو تقليل كل الأشياء الصحية التي يجب عليك القيام بها للسيطرة على التوتر، مثل التواصل الاجتماعي والحصول على قسط كافٍ من النوم، وما يبعث على الاطمئنان أنّ هناك أشياء يمكنك القيام بها لتحقيق توازن أكثر صحة بين العمل والحياة.

لا تفرط في الالتزام:

تجنّب جدولة الأشياء متتالية أو محاولة القيام بمهمات متعددة ومتنوعة في يوم واحد، في كثير من الأحيان نحن نقلل من الوقت الذي ستستغرقه الأشياء، ومن الجيد أنّك قادرٌ على جدولة الأمور وفقًا لأهميتها وما إذا كانت عاجلة أم لا وفق ما يعرف بمصفوفة الأولويات، فقُمْ بعمل قائمة بالمهام التي عليك القيام بها، وابدأْ بمعالجتها بترتيبها وفق الأهمية، بحيث تبدأ بالعناصر ذات الأولوية العالية أولاً، وإذا كان لديك شيء مزعج أو مرهق بشكل خاص، فعليك التخلص منه مبكرًا، ونتيجة لذلك سيكون بقية يومك أكثر متعة وتشعر بالفرح والسعادة نتيجة الإنجاز وتحقيق أهداف ذلك اليوم.

٧. الحفاظ على التوازن مع أسلوب حياة صحي

هناك خيارات نمط حياة صحية أخرى يمكن أن تزيد من مقاومتك للإجهاد بل والتغلب عليه بالإضافة إلى التمارين المنتظمة، وذلك باتباع: 

 نظام غذائي صحي:

إنَّ الأجسام التي يتم تغذيتها بشكل جيد تكون أكثر استعدادًا للتعامل مع التوتر، لذا كنْ على دراية بما تأكله، ابدأ يومك بشكل صحيح مع وجبة الإفطار، وحافظ على طاقتك وعقلك صافٍ من خلال وجبات متوازنة ومغذية على مدار اليوم. 

تقليل الكافيين والسكر:

ينتهي تناول الكافيين والسكر المؤقتين بانهيار المزاج غالبًا، وتعكره وضعف الطاقة وخمولها، من خلال تقليل كمية القهوة والمشروبات الغازية والشوكولاتة والوجبات الخفيفة السكرية في نظامك الغذائي، ستشعر بمزيد من الاسترخاء وتنام بشكل أفضل.

    وأخيرًا لا تتردد في أنْ تتنبه لكل الضغوطات ومحاولة الفرار منها بذكاء، معتمدًا على الوعي الذاتي بتأثير الضغوطات على مفاصل الحياة تصل لدرجة تعطيل عجلة الإنجاز لديك، وهذه هي المرحلة التي يعاني منها الكثير من الأشخاص لأنهم تركوا ساحة القلب لتلك الضغوطات فاستحوذتْ عليهم، كنْ متيقظًا بصيرًا وواعيًا حكيمًا،أنْ تكون متيقظًاذلك يعني السماح لنفسك بملاحظة كل ما يبعث فيك الطمأنينة والرجوع للصواب والتنبّه لحالة التسليم والرضا الذاتي والشعور بالرجوع الدائم لله تعالى في كل ما يرضيه حقًا، الانتباه يعني أيضًا إدراك مشاعرك فور ظهورها ومن خلال الانتباه إلى مشاعرك ستكون قادرًا بشكل أفضل على التعامل معها بطريقة مدروسة بدلاً من رد الفعل بشكل مفاجئ وستكون أفعالك مناسبة ومتزنة، سواء مع نفسك أو مع الآخرين.

شارك المقال:
اشترك
لتصلك مقالات مشابهة:

سبل السلام

الإمام علي (عليه السَّلام): «الإخوان زينة في الرَّخاء، وعدة في البلاء».

(11000 حكمة للإمام علي (عليه السَّلام)، الآمدي، الصَّفحة 21)

مواضيع ذات علاقة

قصة

مودة ورحمة بعد خوف وقلق

مقال

التنمر في العمل ٢: مكونات و تأثير التنمر

مقال

مهارات الحياة ٣: التواصل اللفظي وغير اللفظي

مقال

التسليم ١ : مسار الترقي والهبوط

مقال

آلية التعرض ومنع الاستجابة وخطواتها

مقال

التسليم ٢ :بوابة الخلوص من زيف الأنا

User Contribution
Interested in Reading Books
Interested in reading articles