سبل السلام

الإمام علي (عليه السَّلام): «إنْ أحببتَ أنْ تكون أسعد النَّاس بما علمتَ، فاعمل». 

(ميزان الحكمة 4/225، الريشهري)
تعرف على مهارات اتخاذ القرار | الطمأنينةُ و الوقار في سَكينَة

تعرف على مهارات اتخاذ القرار

تبدأ حياة الإنسان باتخاذ منحى آخر تتسم بالقوة والقدرة والسيطرة وأخذ روح المباردة عندما يتخذ الإنسان القرار، فالشخص قبل القرار تائه ضائع، وفي حالة من القلق والتوتر وبمجرد أنْ يتخذ القرار يهدأ وتجده إنسانًا آخر وفي حالة من الطمأنينة والثبات والراحة. 

عزيزي، إنَّ اتخاذك للقرار يعني أنك قد قطعت وتجاوزت نصف الطريق إن لم يكن أكثر من ذلك، ومن هنا نعرف أن القرار قوة، لذا فالأشخاص الذين يتمتعون بالقدرة على أخذ القرار أشخاص أقوياء ناجحون، إلا أنَّ القدرة على اتخاذ القرار ما هي إلا خطوة أولى نحو حياة صحيحة، ويبقى على الإنسان أن يخطوَ خطوة ثانية مهمة، وهي الإتقان في أخذ القرار، ومن دون ذلك ستكون حياة الإنسان في حالة من الفوضى والأخطاء والتبعثر، وهذا بالضرورة سوف يؤدي إلى مجموعة من الأمور السلبية، ومنها الشعور بالإحباط والخسارة والتأخر وفوات وضياع الفرص وغيرها الكثير.

عزيزي القارئ، القرارُ فنٌ ومهارةٌ وليس هو مجرد تسجيل موقف، فقرارٌ واحدٌ مصيبٌ يمكنُهُ أنْ يغيّرَ كل حياتك، كما أنَّ قرارًا واحدًا غير مصيب يمكنه تدمير حياتك، لذلك نعرف أنَّ القرار مسؤولية قبل كل شيء، وكما قيل: حياتنا ما هي إلا قراراتنا اليومية سواء كانت صغيرة أم كبيرة، فعلينا أنْ نتقن اتخاذ قراراتنا وفي النتيجة سوف تستقيم حياتنا.

مهارات اتخاذ القرار

ولكي تكون ماهراً في أخذ القرار فما عليك إلا اتباع هذه الخطوات التالية: 

الخطوة الأولى: الهدف والغاية: هل سألت نفسك لماذا أريد أن آخذ قرارًا في هذا الشأن، في هذا الموضوع،  وما الهدف والغاية والداعي؟ حينما توجه هذا السؤال إلى نفسك فقد تتراجع أساسًا، لأنك ستكتشف أنْ لا هدف ولا غاية واضحة عندك، بل لعلك تستكشف أنَّ اندفاعك لهذا الأمر ما هو إلا نتاج غضب أو عاطفة أو قلق وتوتر، فبالضرورة أن تضع هدفًا وغايةً لقرارك ليكون قرارًا صائبًا.

الخطوة الثانية: المشكلة وجمع المعلومات: ما هي مشكلتك؟ وهل جمعت ما يكفي من المعلومات فيها؟ لا يمكن أخذ قرار يتسم بالمهنية والمهارة إلا إذا عرفت مشكلتك بالضبط، فمعرفة المشكلة وحيثياتها بشكل دقيق يسهم وبشكل كبير في أخذ قرار صائب، لذا فأنت بحاجة إلى معرفة جميع المعلومات والمعطيات، بل والتأكد منها وذلك بالتحري والفحص، عندما تقوم بهذه الخطوة فأنت تسير نحو الطريق الصحيح لأخذ القرار المناسب.

الخطوة الثالثة: أخذ الوقت الكافي: تختلف القضايا والموضوعات، فبعضها سهلة وواضحة ولا يتطلب الأمر فيها إلى وقت كثير حيث الوضوح ووفرة المعلومات وعدم التعقيد في الموضوع ، إلا أنَّ البعض منها صعب ومعقد، وآثار القرار فيها له أبعاد كثيرة وخطيرة ومهمة ومفصلية، فالزوج الذي يفكر في الانفصال بعد مرور ثلاث عشر سنة من زواجهما مع وجود ٣ أطفال بينهما، فالقضية غاية في الأهمية، والقرار فيها يختلف عن القرار في غيرها من القضايا البسيطة السهلة، لذا فالتريث وأخذ الوقت الكافي لبعض القضايا شرط مهم في أخذ قرار صحيح ناجع، إذا كان القرار يتعلق بقضية مهمة ومفصلية فخذ الوقت الكافي للحصول على قرار صحيح. 

الخطوة الرابعة: وضع كل الخيارات والبدائل على الطاولة: تبقى المشكلة قائمة، والموضوع متعثر، وأخذ القرار صعب أحيانًا لأنَّ الشخص قد وضع خياراً واحداً، وذلك في الواقع يرجع إمَّا لتصلب الشخص في رأيه، وإمَّا لقلة المعلومات المتاحة، وإمَّا لأسباب أخرى كضيق التصور ومحدودية العقل والتفكير.

في أغلب القضايا والمشاكل توجد خيارات وبدائل عديدة، لذا فلا تحصر نفسك بخيار واحد، بل افتح بوابة التصور عندك وحلّق بعقلك مستعينًا بكل ما لديك من معلومات وسوف تجد أنَّ الخيارات بالفعل عديدة، وما عليك فعله بعد ذلك هو أنْ تنظر إلى جميع البدائل وتبدأ بالمقايسة بينها، ثم تختار ما هو الأنسب.

الخطوة الخامسة: العاطفة والمشاعر: العواطف والمشاعر قوة هائلة لا يستهان بها، فقد ترضى وقد تسخط وقد تقبل وقد ترفض، كلُّ ذلك لأنك واقع تحت ثأثير هذه القوة، والسؤال: هل للعاطفة والمشاعر دورٌ في تشكيل القرار؟ أو أنَّ القرار من صناعة العقل حصراً؟ 

أعتقد أنَّ النصيب الأوفر والأكبر للعقل حيث الكثير من القرارات تفسدها العواطف والمشاعر، نعم متى ما كانت العواطف واقعة تحت تأثير العقل وسلطانه وتوجيهه أمكن الاستفادة من هذه العواطف كي تكتمل الصورة وبذلك فأنت ستكون أكثر قدرة على اتخاذ القرار، خذْ القرار بعيدًا عن العواطف والمشاعر إلا إذا كانت العواطف واقعة تحت تأثير العقل. 

الخطوة السادسة: الإقدام والتحلي بالشجاعة: تلعب صفة الشجاعة والإقدام دورًا كبيرًا ومؤثرًا في حياة الإنسان وبدونها تصبح الحياة متوقفة ومشلولة وبلا فائدة، وكثيرًا ما يتوقف الإنسان عن فعل أي شيء لا لأنه يعاني من نقص في المعلومات أو أن الصورة غير واضحه لديه، بل لأنه يفتقر للشجاعة والإقدام، تذكرْ أنَّ الشجاعة في الإقدام شرطٌ أساسٌ من شروط أخذ القرار. 

الخطوة السابعة: القراءة والرجوع الى أهل التخصص: يتعلم الإنسان الكثير من المهارات حينما ينفتح على القراءة، فالقراءة شيء مهم في حياة الإنسان، وكما قيل: اترك وجبة الطعام ولا تترك القراءة في الكتاب، ياعزيزي ستجد عقلاً وستسمع نبضاً وستقف على حلٍ، لا تترددْ حينما يتعلق الأمر بحياتك وقراراتك بالرجوع إلى أهل التخصص، فحديث قصير من عاقل حكيم قد يختصر عليك الطريق، وصفحات من كتاب قد تغير قناعاتك وتسهم في قراراتك. 

الخطوة الثامنة: الخروج عن الدائرة: أغلب الناس حين يواجهون مشكلة ما، أو يريدون اتخاذ قرارٍ ما يفتقرون إلى النظرة البعيدة والتي لا يمكن أنْ تتحقق إلا بقدرة الشخص عن الخروج من عين العاصفة والحدث، فالانفصال عن الحدث والنظرة الى المشكلة عن بعد يجعلها أكثر وضوحاً، ما عليك فعله هو أن تكون في مقام الناصح والموجه لغيرك، وكأن القضية ليست قضيتك، والحدث لا يعنيك وهنا سترى الأمر يختلف تماماً، وللحصول على قرارٍ ثابت وصحيح افصل نفسك واخرج عن دائرة الحدث كي تتضح لك الصورة، إنَّ خروجك عن دائرة مشكلتك سيجعلها أكثر وضوحًا بالنسبة لك وبالتالي سيكون من السهل عليك أخذ القرار المناسب.

شارك المقال:
هل وجدت هذا المقال مفيدًا ، يمكنك الاشتراك لتصلك مقالات مشابهة
مواضيع ذات علاقة
القرار الحازم-A red phone icon on a pink background that signifies confidence and determination.

القرار الحازم

جهاد النفس وبرنامج الميمات الأربع

جهاد النفس وبرنامج الميمات الأربع

الإيذاء العاطفي ١٣: كيف نتعامل مع المبتز | الطمأنينة و الوقار في سكينة

الإيذاء العاطفي ١٣: كيف نتعامل مع المبتز ؟

العلاج العقلاني الانفعالي | الطمأنينةُ و الوقار في سَكينَة

العلاج العقلاني الانفعالي

التشافي بقراءة الدعاء

التشافي بقراءة الدعاء

كيف تتعامل مع الإيذاء العاطفي

الإيذاء العاطفي ٦: كيف تتعامل مع الإيذاء العاطفي

هل تكتب مقالات؟

تستطيع الكتابة لمساعدة الآخرين، اكتب لنا و سننشر لك مع الاعتبار لسياسة كتابة المقالات التي نتبعها

Survey
Interested in reading articles
Articles Writer