كانا زميلين في الجامعة، وشاء قدرهما أنْ يجمعهما معًا تحت سقف الزَّوجيَّة، ولقد اشتركتْ معه في بعض المواد الدِّراسيَّة في فصل واحد، مع العلم أنَّه سبقها للجامعة، وفي يوم كانت في طريقها للجامعة حصل لها عطلٌ ما في سيارتها ممَّا اضطَّرها للوقوف على جانب الطَّريق، وهي لا تعرف كيف تتصرَّف في مثل هذه المواقف، وبعد أقل من عشر دقائق فإذا بسيارة تتوقَّف بالقرب منها للمساعدة، ويخرج سائقها فإذا هو نفس زميلها الذي مال قلبها له في الفصل، فرأتْ وافر عاطفته، وسمو أدبه، وفاضل أخلاقه، فقالتْ في داخل نفسها من غير أنْ تبدي شيئًا ما، آمل أنْ يكون زوجي المستقبليَّ، ودخل قلبها من أوسع أبوابه.
وما أنْ تخرَّج حتَّى جاءها خاطبًا، فظهر لها أنَّه كان يميل قلبه لها أيضًا، ولكونهما متديِّنَيْنِ، فقد التزما إخفاء مشاعرهما، فلم تتأجَّل الإجابة عليه بالموافقة، فهو ما كانت تأمل فيه، وفي أيَّام الخطوبة بدا واضحًا لها أنَّ طبيعته عاطفة بأكثر من طبيعتها، فأضمرتْ في نفسها الحمد لله أنَّهما من صنف واحد، وهذا ما سيجعل الحياة ذات مذاق مختلف في الزَّواج، فنما الحبُّ بينهما حتَّى أخذ شغاف قلبيهما، تفاجأتْ مرَّةً أنَّها تحدَّثت معه بشيئ من الصَّراحة، فاعتبر ذلك نقدًا، وأرسل (إيموشن) في تطبيق الواتساب (وجه يبكي)!
مع مرور الزَّمان ازداد وضوحًا لها إذ يبكيه مقال، أو مشهد في فيلم، أو موقف عاطفيٌّ، فهو لا يتمالك نفسه، عندها يصبح عاجزًا تمامًا عندما يكون حزينًا، وتبقى تلك الحالة مسيطرة عليه لأيَّام، تقول – الزَّوجة -: فهو أكثر منِّي عاطفة، كما أنَّني أشعر بالقلق من الماضي، والمستقبل وهو كذلك، ممَّا أشعرها أنَّه بحاجة لدعم ومساندة أكثر ممَّا في حاجة لذلك، فبدأت تشكِّك في صلاح استمرار علاقتهما، فكيف سوف تسانده وتدعمه وهي بحاجة لذات الأمر؟
فما النَّصيحة العاقلة التي تخرجني ممَّا أنا فيه في موضوع فيض من العاطفة ؟
١- الشُّعور بالحزن يأخذ عليهما وقتهما كلَّه.
٢- القلق بسبب الخوف أنْ تكون به عيوب.
٣- الشُّعور بفقدان الهُويَّة.
٤- الشُّعور بالغربة عن الآخرين.
١- الثَّوران، والغضب.
٢- تكرار الخصام بينهما.
١- الزَّوجان تغلب عليهما العاطفة، وهما منغسمان في خيالهما، بالإضافة لنقد الذَّات والخوف من مستقبل العلاقة بينهما، مع العلم لكونهما عاطفيَّين فيمكن بمنتهى السُّهولة أنْ يفهم كلٌّ منهما الآخر، كما يمكنها بالتَّضامن أنْ يسندا بعضهما البعض، وعمود ذلك الحبِّ الصَّادق بينهما، فيمكن ذلك بيسر وسهولة أنْ يعوِّض عليهما أوقات الحزن، فما يقضيانه من وقت كبير في التَّودُّد بين بعضهما البعض، والشَّغف بمثابة رافعة لعلاقتهما، ومتانتها.
٢- الزَّوجة تفكِّر في سند لها، ويمكن لهما أنْ يدعم كلٌّ منهما الآخر؛ ليتماسكا بقوَّة ويظهرا بمظهر الفريق الملتحم.
٣- عليهما أنْ يوقِفا سوء الظَّنِّ المتبادل بينهما بسبب كلمة تخرج بهذا الأسلوب أو ذاك، فيجب أنْ يحمل كلٌّ منهما الآخر محمل الخير لا سيما أنَّهما عاشقان.
٤- عندما تستثمر الزَّوجة تفهُّم زوجها لها وقبولها بها، فإنَّه بطبيعة الحال سوف يردُّ التَّحيَّة بأحسن منها لطبيعته العاطفيَّة، فهذه فرصة للتَّقارب والسَّعادة.
٥- ننصح بقراءة وصيَّة أسماء بنت خارجة الفزاريَّة لابنتها عند زواجها، وتجعلها دليلًا استرشاديًّا لطريق السَّعادة.
قد تتقلب هذه العلاقة في فترة الخطوبة كما نتوقع، حالما يرزقهما الله سبحانه الذُّرِّيَّة، فسوف يتوجَّه التَّركيز العاطفيُّ على أولادهما، ويؤدِّي ذلك لاستقرار عاطفتهما ممَّا ينتج استقرارًا في حياتهما.
استمرَّت العلاقة في تأرجح، حتَّى استقرتْ بشكل مرضٍ الآن ولله الحمد والمنَّة بعد أنْ رزقهما الله تعالى بالأولاد.