منذ أنْ فتح عينيه وهو يشاهد أباه يعتدي على أمِّهِ، وقليلًا ما يراه يفيق من سكره، وعندما يأتي للمنزل وهو مترنِّح، فلا يعرف طريقًا إلَّا ضرب أبنائه دون استثناء!
عاش الأبناء مرارة لا تُحتمَل مع ذلك هم ملتزمون بدينهم – ولله الحمد -.
أحد أبنائه ضاقت عليه الفسيحة، ووصل لأقصى درجات الصَّبر والضَّبط، فلا يمكن وهو مفتول العضلات اليوم أنْ يصمت عمَّا يراه ويشاهده من سَوْءات أبيه.
لقد استمرَّ أبوه في ضربه حتَّى تجاوز عمره ستَّة عشر عامًا، ولم يتوقَّف أبوه إلَّا عندما بدأ يجابه بقوَّته، مع محاولة الأب للاعتداء عليه بالضَّرب كان يمنعه، لأنَّ بُنيتَهُ البدنيَّة أصبحت قويَّة.
دائمًا ما يفكِّر هذا الولد في تأديب والده وهو قادر على منعه عن شرب الخمر بالقوَّة لِمَا يتمتَّع به بدنُه من قوَّة، بل أكثر من ذلك، وفي يومٍ دخل المنزل ورأى والدته تبكي، لأنَّ والده أبرحها ضربًا وهو سَكران، فلمعت في ذهنه فكرة البدء فورًا في إيقاف هذه المهزلة، وإلى متى الصَّبر على مدمن خمر ، فاتَّصل مستفسرًا عن جواز أنْ يضرب أباه، ويمنعه بالقوَّة؟
١- هيجان الأب، وعنفه.
٢- فقدان الوعي.
٣- التَّأسف، والاعتذار بعد الإفاقة عمَّا صدر منه.
٤- الاكتئاب الشَّديد.
١- يضرب جميع أبنائه.
٢- يضرب زوجته بعنف وقسوة.
١- الرَّغبة هي منع الأب عن شرب الخمر، وبالتَّالي إيقافه عن ضرب الأبناء وزوجته، فأفضل علاج ليس الضَّرب وإهانته، بما أنَّ الابن يملك قوَّة وإصرارًا وعزيمة، فاستعمالها في برنامج اثنتي عشر خطوة؛ لمعالجة الإدمان.
٢- عقد جلسة معه بحضور الإخوة، والتَّحدُّث مع الأب بوضوح عن مشكلة إدمانه؛ ليقرَّ بها.
٣- توجيهه بأنَّه قادر على تجاوز مشكلة إدمانه شريطة استلهام العون من الله سبحانه.
٤- تعليمه على التَّضرُّع لله سبحانه والوثوق به (جلَّ وعلا)، وهو القادر وحدَه على نجاته ممَّا هو فيه، والله سبحانه يريد له الخير، والصَّلاح.
٥- من الضَّرورة بمكان تحريك وازع الإيمان في قلبه، وأنَّ الله سبحانه سوف يهديه لمستقيم الطَّريق، ولذا لا بدَّ من استشعار أهمِّيَّة الإيمان، وتذوُّقه قلبيًّا.
٦- يجدر بمعيَّته حصر الإضرار التي لحقت بالآخرين جرَّاء سكره، والتَّعويض عنها.
٧- عليه أنْ يعترف بينه وبين الله سبحانه بتلك الذُّنوب والمعاصي، وأنْ يستغفر الله سبحانه والله يتوب قطعًا على صادِقِي التَّوبة.
٨- إعانته بطلب الصَّفح من النَّاس ببسب ما صدر منه إزاءهم.
٩- الرَّسم معه خطَّة لردِّ المظالم كلِّها بحسب الفقه الإسلاميِّ.
١٠- تعليمه برنامج المشارطة والمراقبة حتَّى لا يقرب الخمر مطلقًا.
١١- المشاركة في برنامج علاج عاطفيٍّ عقلانيٍّ؛ لتصحيح مفاهيمه الذِّهنيَّة، وتدارك ما فاته من عبادات بسبب الإدمان.
١٢- المعالجة عن طريق العلاج المعرفيِّ السُّلوكيِّ غاية في النَّفع؛ للسَّيطرة على أيِّ رغبة في العودة مرَّة أخرى لشرب المسكرات.
١٣- هذه التَّجربة في الرجوع لله تعالى، وهجران شرب الخمر ستكون خير معين له؛ لإقناع أصحابه في التَّوقُّف عن إدمانهم لا سيما إذا كان هو السَّبب في معاقرتهم للخمر.
نرى أنَّ الأبناء طفح بهم الكيل بما لا مزيد عليه، فلذلك سيكونون جادِّين ومخلصين في تخليص والدهم ممَّا هو فيه، وانتشاله من ركام معاصيه، ونأمل الخير لهم وله، والله (جلَّ وعلا) الهادي.
توقَّف عمليًّا الأبُ عن الخمر بعدما جلس معه أبناؤه جميعًا، وكان لإصرارهم ودعائهم بعد فضل الله سبحانه ومِنَنِه أثر، فانتقل والدهم من حال إلى حال - ولله الحمد -، وتعلَّم الصَّلاة، وبدأ يحافظ عليها، بل واظب على صلاة الفجر جماعةً، وقلَّد فقهيهًا من الفقهاء، ثمَّ وُفِّق لأداء فريضة الحجِّ.