العلم وضده الجهل
المقصود من العلم والجهل
العلم والجهل عبارة عن شؤون الحقيقتين المذكورتين، فشأن العقل هو العلم، لأن العقل هو حقيقة مجردة غير محجوبة، وهي حقيقة عاقلة وعالمة، والجهل وإن كان مجردًا وعالمًا فجميع إدراكاته من قبيل الجهالات المركبة وغير مطابقة للجمال الإلهي، فالاشياء في الوجهة الأولى هي الشؤون الإلهية والآيات الربانية، وشأن الوهم والجهل إدراك تعينات الاشياء التي هي جهالة مركبة وسراب وباطل وبلا حقيقة (ألا كل شيء ما خلا الله باطل) ونقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : “أصدق شعر قاله العرب هذا الشعر”.
العلم من أفضل الفضائل
انتظم ببركة العلم نظام الوجود، وأعلنت كثير من الآيات صراحة أن علم الموجودات بذات الحق المقدسة وتسبيحها لها ولييس المقصود بالتسبيح التسبيح التكويني وفي الروايات على يدل على ذلك.
العلم من لوازم الفطرة المخمرة ومن جنود العقل، والجهل من لوازم الفطرة المحجوبة ومن جنود إبليس
مر سابقًا أن جميع البشر يعشقون الكمال المطلق بالفطرة، والعلم متساو مع الكمال المطلق فالعشق للكمال عشق للعلم، والعلم نفسه مورد تعلق الفطرة، والجهل مورد نفورها، ومورد تعلق الفطرة وعشقها هو المعرفة على نحو المشاهدة الحضورية، التي تحصل برفع الحجب، والحجب كلها ترجع إلى النقص والعدم.
ذكر شيء من فضائل العلم عن طريق العقل
القرآن اهتم بشأن العلم والعلماء والمتعلمين بحيث يتحير الانسان فيه، وجعل تعليم آدم الأسماء سببًا لتقديمه على أصناف ملائكة الله، فلو كان شيء أعلى لكان الله عجّز ملائكته به، والمقصود به العلم بحقائق الأسماء ورؤية فناء الخلق في الحق الذي تتقوم به حقيقة الإسمية، في المقابل كان نظر إبليس إلى الطين وآدم والنار ونفسه نظرًا استقلاليا، وهو عين الجهالة والضلالة.
سورة العلق جعل الله العلم متقدم على جميع الفضائل بوجوه:
- في بدء نزول الوحي بعد نعمة الخلق ذكر نعمة العلم.
- ذكر الله سبحانه مقام قدرته إذ خلق من المادة العفنة موجودا شريفًا هو أشرف الكائنات فلو يكن العلم أشرف الفضائل لما ذكره .
- نسبة التعليم إلى رب الانسان الكامل أكبر عظمة لحقيقة العلم .
الفهم وضده الحمق
المقصود من الفهم والحمق
الفهم: سرعة الانتقال والتفطن، أو: صفاء الباطن وحدته المؤجبين لسرعة الانتقال، الأول يقابله البلادة والثاني الكدورة النفسية، ولازمها الغباء والحمق.
الموعظة في هذا الباب
ستنتهي المهلة الإلهية فإن ذهبت باختيار فروحٌ وريحان، وإن ذهبت كرهًا فنزعٌ وصعقٌ وكدورة ، فنحن في هذه الدنيا كالشجرة، فإذا كانت حديثة الغرس فإن نزعها سهل، وكذلك جذور حب الدنيا والنفس.
يقول الراوي: سألت أبا عبدالله عليه السلام: مَنْ أحب لقاء الله أحب الله لقاءه؟ وَمَنْ أبغض لقاء الله أبغض الله لقاءه ؟ قال: نعم، قلت: فوالله إنا لنكره الموت، فقال: ليس ذلك حيث تذهب إنما ذلك عند المعاينة ، وإذا رأى ما يحب فليس شيء أحب إليه من أن يتقدم، والله تعالى يحب لقاءه ، وهو يحب لقاء الله حينئذ، وإذا رأى ما يكره فليس شيء أبغض إليه من لقاء ، والله تعالى يبغض لقاءه”.
الفهم من لوازم الفطرة المخمرة، ومن جنود العقل ، والحمق من لوازم الفطرة المحجوبة ومن جنود الجهل
الفهم هو شدة الذكاء وسرعة الانتقال أو صفاء الباطن ولازمه سرعة التفطن والانتقال، وهو فطري من جهة إفاضة نعمة الوجود، الفهم صفاء الباطن لإدراك جمال الجميل والروحانيات فالفطرة متوجهة إلى الكمال المطلق.
الحمق من جنود الجهل ومن لوازم الفطرة المحجوبة ، وتبقى النفس في حجاب الإنية والأنانية وأعلى مراتب الحمق أن يحتجب الانسان عن نفسه وروحانيتها.