سبل السلام

الإمام علي (عليه السَّلام): «إذا اقترن العزم بالحزم كملت السَّعادة».

(ميزان الحكمة 4/226، الريشهري)
أعراض الخوف وتشخيصه وعلاجه

أعراض الخوف وتشخيصه وعلاجه الجزء ٢

أعراض الخوف وتشخيصه وعلاجه

الرهاب

يمكن أن يكون أحد جوانب اضطرابات القلق هو الميل إلى تطوير الخوف من الخوف نفسه، حيث يميل معظم الناس إلى الشعور بالخوف فقط خلال المواقف التي يُنظر إليها على أنها مخيفة أو مهددة، فإن أولئك الذين يعانون من اضطرابات القلق قد يخشون من أنهم سيختبرون استجابة الخوف لأنَّهم يرون أن ردود أفعال الخوف لديهم سلبية ويخرجون عن طريقهم لتجنب تلك الاستجابات.

الرهاب هو انحراف في استجابة الخوف الطبيعية، فالخوف موجّهٌ نحو شيء أو موقف لا يمثّل خطرًا حقيقيًا على الرغم من أننا ندرك أنَّ الخوف غير معقول في بعض الأحيان، ويميل الخوف إلى التفاقم مع انتشار تداعيات الخوف نتيجة طبيعية للاستجابة الخوف.

أسباب الخوف

الخوف معقّدٌ بشكل لا يصدّق، ولا يوجد سبب رئيسي واحد، فقد تنجم بعض المخاوف من التجارب أو الصدمات، بينما قد يرى البعض الآخر خوفًا من شيء آخر، وقد يكون أمرًا غير حقيقي أصلًا، وهو عادة ما يصاحب التصورات والخيالات، ومع ذلك قد تحدث أشكال أخرى من المخاوف لأنَّها تسبب أعراضًا جسدية، مثل الخوف من المرتفعات لأنها تجعلك تشعر بالدوار والغثيان في معدتك، أو الخوف من ارتياد البحر، أو النظر إلى بعض المواقف المشحونة بالغضب والرعب كحوادث المرور أو شجار يحدث بين أفراد.

أما علماء الأخلاق فإن أسباب الخوف مختلفة راجعة إلى نوعيه (المحمود والمذموم)، فمن أسباب الخوف المذموم ما يلي:

    • أن يكون أمرا ضروريا لازم الوقوع، ولا يمكن دفعه، فالخوف في هذه الحالة خطأ خاص، ولا يترتب عليه فائدة سوى تعجيل تباطؤه عن تدبير مصالحه الدنيوية والدينية، فعلى العاقل أن يسلي نفسه ويرضيها بما هو كائن إدراكا لراحة العاجل وسعادة الآجل .
    • أن يكون أمرا ممكنا ولم يكن لهذا الشخص دور في وقوعه وعدم وقوعه، فالتألم بوقوعه خلاف مقتضى العقل، بل اللازم إبقاؤه على إمكانه من دون جزم بحصوله، والتأسي بقول الله تعالى (لعل الله يحدث تعد ذلك أمرا).
  • أن يكون أمرًا ممكنا وهو ناشئ عن سوء اختيار الشخص نفسه، فعلاجه ألا يرتكبه ولا يقدم على فعل يخاف من سوء عاقبته، وارتكابه خلاف حكم العقل، وإذا ارتكب الفعل ظنا منه أنه لا يظهر ثم يخاف
  • من الظهور والمؤاخذة فإن هذا الظن ناشئ عن الجهل، فكل فعل يصدر يمكن أن يظهر، وإذا ظهر يمكن إيجابه للفضيحة والمؤاخذة، والعاقل العالم بطبيعة الممكن لا يرتكب مثله.
  • أن يكون مما تتوحش منه الطباع بلا دافع عقلي كالميت والجن وأمثالهما، لا سيما في الليل مع وحدته، وهذا ناشئ عن عقل قاصر، وهو تحت سيطرة القوة الواهمة، وربما ينفع إلزام نفسه على الوحدة في الليالي المظلمة والصبر عليها، حتى يزول عنه هذا الخوف على التدريج.

أسباب الخوف المحمود:

  • أن يكون خوفه من الله سبحانه ومن عظمته وكبريائه، وهذا هو المسمى بالخشية والرهبة في عرف أرباب القلوب، وهو من أفضل الفضائل.
  • من جناية العبد باقترافه المعاصي.
  • أن يكون منهما جميعا (من الله ومن المعاصي)، وكلما ازدادت المعرفة بجلال الله وعظمته وتعاليه وبعيوب نفسه وجناياته ازداد الخوف، إذ إدراك القدرة القاهرة والعظمة الباهرة والقوة القوية والعزة الشديدة ، يوجب الاضطراب والدهشة.

أسباب أخرى للخوف الشائع ما يلي:

  1. الأحياء مثل العناكب والثعابين أو أماكن محددة مثل الارتفاعات أو مواقف معينة كالطيران.
  2. أحداث مستقبلية كنتائج الحروب والصراعات.
  3. أحداث متخيلة غير حقيقية كأن يتصور الفرد حيوانات مفترسة.
  4. مخاطر بيئية حقيقية كالزلازل أو انتشار أمراض معدية.
  5. أسباب غير معروفة.

أنواع الخوف

تتضمن بعض الأنواع المختلفة لاضطرابات القلق التي تتميز بالخوف ما يلي:

  1. رهاب الخلاء.
  2. اضطراب القلق المعمم.
  3. اضطراب الهلع.
  4. اضطراب ما بعد الصدمة.
  5. اضطراب قلق الانفصال.
  6. اضطراب القلق الاجتماعي.
  7. رهاب محدد.

 

علاج الخوف

يؤدي التعرض المتكرر لمواقف مماثلة إلى الألفة والتكيّف، مما يقلل بشكل كبير من ردود فعل استجابة الخوف، يشكّلُ هذا النهج أساسًا لبعض علاجات الرهاب، والتي تعتمد على التقليل ببطء من استجابة الخوف من خلال جعلها تبدو مألوفة، وعادةً ما تميل علاجات الرهاب التي تعتمد على سيكولوجية الخوف إلى التركيز على تقنيات مثل إزالة التحسس المنتظم، وكذلك تقنية الغمر (الفيضان)، حيث تعمل كلتا الطريقتين مع الاستجابات الفسيولوجية والنفسية للجسم لتقليل الخوف.

إزالة التحسس المنتظم

تتضمن إزالة التحسس المنتظم خطواتٍ، حيث يتم قيادة المصاب تدريجياً من خلال سلسلة من حالات التعرض، فإذا كان المصاب يخاف من الثعابين فقد يقضي الجلسة الأولى مع المعالج يتحدث عن الثعابين، وببطء خلال الجلسات اللاحقة سيقوده المعالج من خلال النظر إلى صور الثعابين واللعب مع لعبة الثعابين، وفي النهاية التعامل مع ثعبان حي، ويكون هذا مصحوبًا بالتعلم وتطبيق تقنيات جديدة للتعامل مع استجابة الخوف.

تقنية الغمر (الفيضان)

هذا نوع من تقنيات التعريض يمكن أنْ يكون ناجحًا تمامًا، فالغمر على أساس فرضية أنَّ الرّهاب هو سلوكٌ مكتسبٌ، وتحتاج إلى التخلص منه، تتعرض لكمية كبيرة مع تقنية الغمر من الشيء المخيف، أو تتعرض لموقفٍ مخيفٍ لفترة طويلة من الوقت في بيئة آمنة خاضعة للرقابة حتى يتلاشى الخوف، ومن أمثلة ذلك لو كنت تخشى الطائرات فستصعد على أي حال، والهدف هو تجاوز القلق الشديد والذعر المحتمل إلى مكان يتعين فيه مواجهة الخوف وإدراك أنّ الأمور بخير، ويمكن أنْ يساعد هذا في تعزيز رد الفعل الإيجابي فيولّد شعور (لست في خطر) مع حدث مخيف (التواجد في الفضاء على متن طائرة)، مما يؤدي في النهاية إلى تجاوز الخوف، في حين أن هذه العلاجات يمكن أن تكون فعالة للغاية، فمن المهم أنْ يتم اتباع مثل هذه الأساليب المواجهة فقط من خلال أشخاص متخصصين ومدرّبين تدريبًا جيدًا.

التعامل مع الخوف

هناك أيضًا مجموعة خطوات يمكن اتخاذها للمساعدة في التغلب على الخوف في الحياة اليومية، تركز هذه الاستراتيجيات على إدارة الآثار الجسدية والعاطفية والسلوكية للخوف، وتتضمن بعض الأشياء التي يمكن للمصاب بالخوف القيام بها:

  1. الحصول على الدعم الاجتماعي: يمكن أن يساعد وجود أشخاص داعمين ومساندين في الحياة على إدارة مشاعر الخوف لدى المصابين، كما يمكن للوالدين أو الأصدقاء المقربين أو المدرّبين في مهارات الحياة أن يكون لهم تأثيرٌ واضحٌ في هذا المجال.
  2. ممارسة اليقظة: لا يمكن منع بعض المشاعر بشكل دائم لأنها أمورٌ طارئةٌ، وتحدث دون إرادة في الغالب، ويمكن أن يساعد ذوو الخبرة والمتخصصون أيَّ مصاب بالخوف في إدارة اليقظة واستبدال الأفكار السلبية بأفكار أكثر فائدة، وسيكون على المريض دورُ التأثر بالإجراءات والخطرات التي يقوم بها الخبير أو المختص حتى يتمكن المريض من استعادة الوعي وإنارة اليقظة في مشاعره، وبالتالي إبعاد كل التصورات والخيالات والحواجز المصطنعة نتيجة الخوف والتي حالت بينه وبينها.
  3. استخدام تقنيات إدارة الإجهاد: من خلال التركيز المنظم والمحاولة المستمرة في إزالة الاجهادات بشكل عام، فإنّ القيام بعملية تطوير مهارة الاتصال يمكن أنْ يخفف الحيرة والتردد، ومن جهة أخرى فإنَّ إدارة الإجهاد تشتمل على تقنيات تهدف إلى تزويد الفرد بمهارات فعالة للتعامل مع الخوف مثل التنفس العميق، واسترخاء العضلات التدريجي، والتخيل.
  4. الإعتناء بالصحة: من خلال تناول طعامًا جيدًا وممارسة التمارين الرياضية بانتظام والحصول على قسطٍ كافٍ من النوم كل ليلة.

والخلاصة: فإنَّ الخوف هو عاطفة إنسانية مهمة يمكن أنْ تساعد في حمايتك من الخطر وإعدادك لاتخاذ الإجراءات المناسبة، ولكن يمكن في بعض الحالات أنْ يؤدي أيضًا إلى الشعور بالقلق لفترة أطول، فسوف يساعدك اكتشاف طرق التحكم في خوفك من التعامل بشكل أفضل مع هذه ا لمشاعر ومنع القلق من السيطرة.

شارك المقال:
هل وجدت هذا المقال مفيدًا ، يمكنك الاشتراك لتصلك مقالات مشابهة
مواضيع ذات علاقة
التسليم ٧ : خواطر اللاأمن | الطمأنينةُ و الوقار في سَكينَة

التسليم ٧ : خواطر اللاأمن

القرار الشجاع- Two magnets on a pink surface.

القرار الشجاع

الإجهاد والتوتر

الإجهاد والتوتر ٣ : تقنيات إدارة الإجهاد

جهاد النفس وبرنامج الميمات الأربع

جهاد النفس وبرنامج الميمات الأربع

تضخم الأنا -A cup of tea on a table representing بشائر الخير.

بشائر الخير والرجوع عن تضخم الأنا

تعديل السلوك بتعديل البيئة | الطمأنينةُ و الوقار في سَكينَة

تعديل السلوك بتعديل البيئة

مهارات تلقي الرسائل

مهارات الحياة ٥: تحسين مهارات تلقي الرسائل

مشاعر فائضة

مشاعر فائضة

هل تكتب مقالات؟

تستطيع الكتابة لمساعدة الآخرين، اكتب لنا و سننشر لك مع الاعتبار لسياسة كتابة المقالات التي نتبعها

Survey
Interested in reading articles
Articles Writer