٣. تحرك:
عندما تكون متوترًا فإنَّ آخر شيء ربما تشعر بالرغبة في القيام به هو الاستيقاظ وممارسة الرياضة، لكن النشاط البدني هو وسيلة كبيرة للتخلص من التوتر، وليس عليك أنْ تكون رياضيًا أو تقضي ساعات في صالة الألعاب الرياضية لتجربة الفوائد، تُطلق التمريناتُ الإندورفين الذي يجعلك تشعر بالرضا، ويمكن أيضًا أنْ يكون بمثابة إلهاء قيِّم عن مخاوفك اليومية، بينما ستحصل على أقصى استفادة من ممارسة الرياضة بانتظام لمدة ٣٠ دقيقة أو أكثر، فلا بأس في زيادة مستوى لياقتك تدريجيًا، حتى الأنشطة الصغيرة جدًا يمكن أنْ تتراكم على مدار اليوم، الخطوة الأولى هي النهوض والتحرك.
فيما يلي بعض الطرق السهلة لدمج التمارين في جدولك اليومي:
● استمعْ لتلاوة القرآن الكريم.
● اخرجْ في نزهة على الأقدام وأنت تستمع لكتاب مفيد.
● مارس رياضة المشي وأنت تصلي على محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله.
● اركنْ سيارتك في أبعد مكان في ساحة الانتظار وامشِ بقية الطريق.
● تعاونْ مع شريك في التمرين وليشجع كلٌّ منكما الآخر أثناء التمرين.
● العبْ لُعبةَ تحدٍ ثقافية عن تاريخ أهل البيت عليهم السلام.
سحر إزالة التوتر من ممارسة اليقظة الإيقاعية
في حين أنَّ أي شكل من أشكال النشاط البدني يمكن أنَّ يساعد في التّخلص من التوتر والإجهاد، فإن الأنشطة الإيقاعية فعّالة بشكل خاص، وتشمل الخيارات الجيدة، مثل: رياضة المشي والجري والسباحة وركوب الدراجات والتمارين الرياضية المختلفة ذات الجهد الأقل، ولكن مهما كان اختيارُكَ تأكدْ من أنه شيءٌ ما تستمتع به، ولذلك أنت ستعمل جاهدًا على التمسّك به أثناء ممارسة الرياضة، ابذلْ جهدًا واعيًا للانتباه لجسمك والأحاسيس الجسدية وأحيانًا العاطفية التي تشعر بها وأنت تتحرك، ركّز على تنسيق تنفسك مع حركاتك، ولاحظْ كيف تتنفس الهواء، واشعر بأشعة الشمس على بشرتك، فإنَّ إضافة عنصر اليقظة هذا سيساعدك على الخروج من دائرة الأفكار السلبية التي غالبًا ما تصاحب الإجهاد الساحق.
٤. تواصل مع الآخرين
لا يوجد شيء أكثر تهدئة من قضاء وقت ممتع مع شخص آخر قريبًا منك، مخلصًا إليك، يجعلك تشعر بالأمان والفهم إلى جانب قدرته على تفهم مشاعرك العاطفية، يؤدي التفاعل في الواقع وجهًا لوجه مع هذا الشخص الصَّديق والدّاعم بصدق إلى إطلاق سلسلة من الهرمونات التي تتصدى لاستجابة الجسم الدفاعية “القتال أو الهروب“، إنَّهُ مسكّنٌ طبيعي للتوتر كمكافأة إضافية، فهو يساعد أيضًا على درء الاكتئاب والقلق، لذا اجعلْهُ دائمًا سلوكًا وأسلوبَ حياة، كلّما تعرضتَ لضغوطاتٍ فعليك التواصل بشكل منتظم مع هؤلاء الأشخاص الذين يقدمون لك الدّعم المناسب والنّصح والإرشاد، حتمًا إنَّهم الأصدقاءُ الصادقون، وهذا ما تعبّر عنهم روايات أهل البيت عليهم السلام، فهذا أمير المؤمنين وسيد البلغاء والمتكلمين الإمام علي عليه السلام يقول في وصفه لهؤلاء الأصناف من البشر: “لا يكون الصديقُ صَديقًا حتى يحفظ أخاه في ثلاث: في نكبته، وغيبته، ووفاته“، ضعْ في اعتبارك أنَّ الأشخاص الذين تتحدث معهم لا يجب أن يكونوا قادرين على معالجة توترك، فهم ببساطة يحتاجون إلى أن يكونوا مستمعين جيدين، إلى جانب قدرتهم على الاندماج وتفهم أحاسيسك، وحاول ألا تدع القلق يظهرك بمظهر الضعيف أو كونك عبئًا يمنعك من الانفتاح على من تتحدث معهم. من يهتم لأمرك سيشعر بالارتياح من ثقتك، وسوف يقويك ويسندك ويحميك من الوقوع ويدرأ عنك الانزلاق في هاوية القلق والخوف.
ليس من الواقعي دائمًا أنْ يكون لديك صديقٌ بالقرب منك للاعتماد عليه عندما تشعر بالإرهاق من الإجهاد، ولكن من خلال بناء شبكة من الأصدقاء المقربين والحفاظ عليهم، يمكنك تحسين مرونتك تجاه ضغوط الحياة، بالإضافة إلى تحسين مهاراتك في مواجهة التحديات وحل المشكلات، ومن هنا فإنَّ الإنسانَ السوي هو من يستطيع بناء علاقات تأخذ بيده إلى مزيد من النجاح والعلاقة مع الله سبحانه وتعالى، وتكون تلك الصداقات مصدر سعادة ومنطقة أمان، يلجأ لها الإنسان وقت الشدة والعوز، وهنا بعض النصائح التي من الممكن أن تكونَ محفزًا لنموذج علاقات متميزة:
● اختيار الأصدقاء بحكمة ووعي وبصيرة والنظر إليهم أنهم عوامل مساعدة على النجاح والتميز.
● الاستماع إلى الأصدقاء بصبر واهتمام شديديْن، فهاتان المهارتات كفيلتان للحفاظ على أصدقائك وصونهم وعن الانفلات.
● التعاطف والمشورة والتصحيح كلها عوامل من شأنها أنْ تقوي العلاقة بين الأصدقاء.
● عبّر عن محبتك للأصدقاء فهي بمثابة إكسير الصداقة وإبقائها حية مفعمة بالتوقّد والاستمرار.
● العفو والتسامح مفردتان عاليتا التأثير في إبقاء البناء القيمي بين الأصدقاء بناءً قويًا شامخًا ومستدامًا ما يعكس صدقا ورغبة عند الطرفين على استمرار تلك الصداقة مهما حدث من سوء فهم وخلاف بينهما.
٥. خصص وقتًا للمرح والاسترخاء
يمكنك تقليل التوتر في حياتك من خلال تخصيص وقت “لنفسي” بالإضافة إلى نهج تولي المسؤولية والموقف الإيجابي، لا تنشغلْ في الحياة وصخبها بحيث تنسى الاهتمام باحتياجاتك الخاصة، رعاية نفسك ضرورة وليست رفاهية وهي أصل وليست فرع، إذا كنت تخصص وقتًا للمرح والاسترخاء بانتظام، فستكون في مكان أفضل للتعامل مع ضغوط الحياة، وستزيد من فرص الاستقرار والاتزان.
● خصص وقت الفراغ:
قمْ بتضمين الراحة والاسترخاء في جدولك اليومي، ولا تسمح للالتزامات الأخرى بأنْ تنسيك ذلك، أو أنْ تغفلَ عن تلك الجوانب وأنت تغوصُ في أعماق الانشغالات بحثًا عن لقمة العيش، أو مكرّسًا جهدك للتحصيل العلمي وغيرها من الأولويات، هذا هو الوقت المناسب لأخذ استراحة من جميع المسؤوليات وإعادة شحن وشحذ همّتك ونشاطك.
● افعل شيئًا تستمتع به كل يوم:
خصّصْ وقتًا للأنشطة الترفيهية التي تجلب لك السعادة، سواء كانت مشاهدة برامج مفيدة أو قراءة كتاب أو انشغال بتهجد ودعاء وتلاوة القرآن، أو القيام بجولة على دراجتك، أو ممارسة هواية الصيد أو أي نشاط ترغب إليه وتحبذه.
● مارس تمارين الاسترخاء:
تعملُ تقنياتُ الاسترخاء مثل اليوجا والتأمل والتَّنفس العميق والتخيل والتفكير بالطبيعة على تنشيط استجابة الجسم للاسترخاء، وهي حالة من الراحة على عكس الاستجابة للتحديات أو الهروب أو الضغط العصبي، عندما تتعلمُ هذه التقنيات وتمارسُهَا ستنخفض مستويات التوتر لديك، وسيصبح عقلُكَ وجسمُكَ هادئيْن، وتعتبر هذه التمارين من أهمّ الرياضات التي يُمارسها الإنسانُ في العصر الحديث، وبدأ الناس الاهتمام بمثل هذه التمارين لِمَا لها من تأثيرٍ كبيرٍ في تحسين مستوى التفكير وإعادة التوازن وكسر الروتين من خلال افتتاح النوادي والمراكز المتخصصة، وقد تلاحظ ذلك بشكل كبير خاصّة في الدول الأوروبية.
٦. كيف تتخلص من التوتر عن طريق إدارة وقتك بشكل أفضل
يمكنُ أنْ يسبّبَ سوء إدارة الوقت الكثير من التوتر؛ فعندما تكونُ مرهقًا جدًا، من الصَّعب أنْ تظل هادئًا ومركّزًا، وسوف تميل إلى تجنّب أو تقليل كلِّ الأشياءِ الصِّحية، التي يجب عليك القيام بها للسيطرة على التوتر، مثل التواصل الاجتماعي والحصول على قسط كافٍ من النوم، وما يبعث على الاطمئنان أنّ هناك أشياء يمكنك القيام بها لتحقيق توازن أكثر صحة بين العمل والحياة.
-
● لا تفرط في الالتزام:
تجنّب جدولة الأشياء متتالية أو محاولة القيام بمهمات متعددة ومتنوعة في يوم واحد، في كثير من الأحيان نحن نقلل من الوقت الذي ستستغرقه الأشياء، ومن الجيد أنّك قادرٌ على جدولة الأمور وفقًا لأهميتها وما إذا كانت عاجلة أم لا وفق ما يعرف بمصفوفة الأولويات، فقُمْ بعمل قائمة بالمهام التي عليك القيام بها، وابدأْ بمعالجتها بترتيبها وفق الأهمية، بحيث تبدأ بالعناصر ذات الأولوية العالية أولاً، وإذا كان لديك شيءٌ مزعجٌ أو مرهقٌ بشكل خاص، فعليك التخلص منه مبكرًا، ونتيجة لذلك سيكون بقية يومك أكثر متعة، وتشعر بالفرح والسعادة نتيجة الإنجاز وتحقيق أهداف ذلك اليوم.
٧. الحفاظ على التوازن مع أسلوب حياة صحي
هناك خيارات نمط حياة صحية أخرى يمكنُ أنْ تَزيدَ من مقاومتك للإجهاد بل والتغلب عليه بالإضافة إلى التمارين المنتظمة، وذلك باتباع:
● نظام غذائي صحي:
إنَّ الأجسام التي يتم تغذيتها بشكل جيد تكون أكثر استعدادًا للتعامل مع التوتر، لذا كنْ على دراية بما تأكله، ابدأْ يومك بشكلٍ صحيح مع وجبة الإفطار، وحافظْ على طاقتك وعقلك صافٍ من خلال وجبات متوازنة ومغذية على مدار اليوم.
● تقليل الكافيين والسكر:
ينتهي تناول الكافيين والسكر المؤقتين بانهيار المزاج غالبًا، وتعكره ضعف الطاقة وخمولها، من خلال تقليل كمية القهوة والمشروبات الغازية والشوكولاتة والوجبات الخفيفة السكرية في نظامك الغذائي، ستشعر بمزيد من الاسترخاء وتنام بشكل أفضل.
وأخيرًا لا تترددْ في أنْ تتنبهَ لكلِّ الضغوطات ومحاولة الفرار منها بذكاء، معتمدًا على الوعي الذاتي بتأثير الضغوطات على مفاصل الحياة بحيث لا تصل لدرجة تعطيل عجلة الإنجاز لديك، وهذه هي المرحلة التي يعاني منها الكثير من الأشخاص لأنَّهم تركوا ساحة القلب لتلك الضغوطات فاستحوذتْ عليهم، كنْ متيقظًا بصيرًا وواعيًا حكيمًا، “أنْ تكون متيقظًا” ذلك يعني السماح لنفسك بملاحظة كلِّ ما يبعثُ فيك الطمأنينة والرجوع للصواب، والتنبّه لحالة التَّسليم والرضا الذاتي، والشعور بالرجوع الدائم لله تعالى في كل ما يرضيه حقًا، الانتباه يعني أيضًا إدراك مشاعرك فورَ ظهورِهَا، ومن خلال الانتباه إلى مشاعرك ستكون قادرًا بشكلٍ أفضل على التعامل معها بطريقة مدروسة بدلاً من رد الفعل بشكل مفاجئ، وستكون أفعالك مناسبة ومتزنة، سواء مع نفسك أو مع الآخرين.