سبل السلام

الإمام علي (عليه السَّلام): «كفى بالمرءِ سعادةً أنْ يعزِفَ عمَّا يفنى، ويتولَّهَ بما يبقى».

(11000 حكمة للإمام علي (عليه السَّلام)، الآمدي، الصَّفحة 200)
الخوف من الله

معنى الخوف من الله و أنواعه

قال تعالى: (يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ) سورة النحل، آية ٥٠، الخوف والحزن كلاهما يتركان أثرًا في نفس الإنسان الملتبس بهما، غير أن الحزن يكون على أمر قد فات ومضى، والخوف يكون على أمر سوف يأتي في المستقبل. وكلاهما من الممكن أن يعيشهما الإنسان معًا في أمور يعيشها في حاضر أيامه.

الخوف يعرف على أنه سلب الطمأنينة وانسلاخ الأمن عن الإنسان حال مواجهة أمر يكون فوق طاقته الفكرية والروحية.

الخوف من الله على ثلاث درجات:

١- الخوف من العقوبة

سواء أكانت تلك العقوبة دنيوية أو أخروية، أكانت عاجلة أو آجلة. وغالبًا ما يكون الخوف من العقوبة رادعًا عن ارتكاب المعاصي أو الجرائم والآثام. فالخوف حالة رادعة تمنع النفس البشرية من التمادي في الطغيان بشرط أن تكون تلك النفس سليمة صحيحة وغير سقيمة. فمثلًا لو أراد إنسان ما أن يقوم بعمل لا أخلاقي في مجتمع سليم فإن الخوف من العقوبة غالبًا ما سيكون رادعًا له خشية الافتضاح والتعيير، وكذا هو الحال إذا ما قيس العمل بميزان الله تعالى، فالخوف من عقوبة الآخرة يصنع حاجزًا أمام الإنسان يمنعه من ارتكاب الذنوب. وأحيانًا يترك الخوف وراءه آثارًا سلبية تترك بصماتها في نفس الإنسان تستمر معه سنوات مديدة من عمره ويحتاج إلى تلقي علاج روحي وسلوكي معين؛ ليتخلص من آثار ذلك الخوف الذي تسبب به لنفسه نتيجة التمادي وخرق القوانين. هذا النوع من الخوف له نتائج إيجابية في نفس الإنسان المتزن، فهو يصحح إيمانه ويثبّت قدمه على الطريق الصحيح ويمنعه من الانزلاق في الأخطاء. وكلامنا هنا عامٌّ، فلا يختص الأمر بالآخرة، بل حتى على الصعيد الدنيوي فمثل هذا الخوف فعال وناجح في إبعاد الإنسان عن المشاكل.

● وهذا النوع من الخوف عادة ما يكون نتيجة سلامة يقين الإنسان بالقوانين والأنظمة التشريعية والوضعية، فلو لم يؤمن بالوعيد وهو التخوف والزجر بما وضع كعقوبة من قبل المشرع أو المنظم لما امتنع الإنسان عن إتيان الذنب أو التجاوز.

● والخوف يكون أيضًا لتذكر الخطيئة والتجاوز، وهي الأمور التي تترك في نفس الإنسان آثارًا من الممكن أن تؤثر على مجرى حياته.

● وممكن أن يكون نتيجة توقّع العاقبة التي ستصدر في حقه مستقبلا.

٢-خوف أصحاب التوجه

 قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) سورة المؤمنون، آية ٥٠، وهؤلاء هم الذين لا يكون خوفهم بسبب العقوبة، بل بسبب ألا يقبل الله منهم ما يقومون به من عمل صالح، أو يخافون أن يشوب عملهم الذي يكون لله تعالى رياء أو سمعة. فخوف هؤلاء من أن ترد بضاعتهم فيخسرون الثواب الذي من أجله عملوا أو أن يحبط الله أعمالهم فتكون حسرة عليهم يوم القيامة. ومثال ذلك أن يروض الإنسان نفسه على القيام بصلاة الليل وهو أمر خاص، ولابد أن يكون في ظروف خاصة وأوقات خاصة، وبعد سنين من القيام بها خفية يحدث شيء في نفس الإنسان يجعله يظن أنه أفضل وأقرب من غيره؛ لأنه قد اعتاد على القيام والناس نيام. هذا النوع من الارتياح في النفس عند أصحاب التوجه من الممكن أن يكون محبطًا للأجر والثواب، فهم على الدوام خائفون وجلون من ألا يخلصون نياتهم لله تعالى في أعمالهم. 

٣- خوف خواص أهل الله

وهي درجة عالية من المخافة، والتي تحدث لأصحابها بسبب خوفهم من سلب لذة القرب على حقيقته، فهم لا يخافون بسبب عمل سيّئ اقترفوه، ولا بسبب عمل صالح قاموا به، بل بسبب أن يحرمهم الله لذة القرب منه، وأن يمنعهم من الصعود والعروج الملكوتي نحوه.

العلامات: تثقيف أخلاقي
شارك المقال:
هل وجدت هذا المقال مفيدًا ، يمكنك الاشتراك لتصلك مقالات مشابهة
مواضيع ذات علاقة
الرضا

درجات و منازل الرضا في الإسلام

القلب السليم ٥ : حب الدنيا - التعلق بالدنيا | سكينة

القلب السليم ٥ : حب الدنيا | التعلق بالدنيا

محاسبة النفس

محاسبة النفس

ضرورة معرفة الذات

معرفة الذات لبنائها الجديد ١ : ضرورة معرفة الذات

العلم والجهل و الفهم والحمق

جنود العقل والجهل ١٢ : العلم والجهل و الفهم والحمق

الإرادة

الإرادة في التقرب إلى الله

دور العلم في تحقيق التكامل

معرفة الذات لبنائها الجديد ١٠ : دور العلم في تحقيق التكامل

القلب السليم ١ : الحسد والغيرة - مضار الحسد | سكينة

القلب السليم ١ : الحسد والغيرة | مضار الحسد

التبتل إلى الله

معنى التبتل إلى الله و درجاته

هل تكتب مقالات؟

تستطيع الكتابة لمساعدة الآخرين، اكتب لنا و سننشر لك مع الاعتبار لسياسة كتابة المقالات التي نتبعها

Survey
Interested in reading articles
Articles Writer