التنويم الايحائي هو حالة تشبه أحلام اليقظة، تجعلُ الإنسانَ مستعدًا ومنفتحًا على قبول الاقترحات والتَّحفيزات الايجابية، وهو ظاهرةٌ طبيعيةٌ، يستفيدُ منها الجميع لإعادة توجيه قدراتِهم ومواردِهم وتعليم العقل الباطن كيف يتمكّنُ من التحكّم والتقليل من حالات الضغط العصبي، وهي طريقةٌ نافعةٌ تساعدُ في التخفيف من التوتر والمخاوف، وقد انتشر في الآونة الأخيرة استخدام العلاج بالتنويم الإيحائي لأغراض علاجيّةٍ، وهو أسلوب يعتمدُ على التأمل، وتقنيات الاسترخاء الشديد ممزوجة بشكلٍ من أشكال التنويم المغناطيسي، وهذا لا يعني بالطبع أنَّ التنويم هنا حالة من حالات فقدان الوعي.
والتركيز يتمُّ من خلال تحفيز نفسك بنفسك، وتواصلك مع عقلِكَ الباطنِ بطريقةٍ ايجابيةٍ وحشد طاقتك الروحية، وما منَّ اللهُ عليك به من موارد بشكلٍ ممنهجٍ ومستمر، من أجل صناعة وتثبيت العزيمة والإرادة، وفي حالةٍ من اليقظة إلى عملية التغيير التي تُحدثُها في داخلِكَ، وهذهِ طرقٌ يمكنُ أنْ تنفع في إدارة القلق والتوتر، فهي طريقةٌ إيحائيةٌ لأنَّها قائمةٌ على تلقي إشارات التحفيز وكأنها إيجادٌ في الروع، وكأنَّمَا لك مصدرٌ أصيلٌ يلهمُكَ القوةَ، ويشحذُ فيك العزيمةَ، ويوجدُ في روعِكَ ووجدانِكَ ما يغذِّي يقظتَكَ ونُهوضَكَ مهما كانت الضغوط التي تعاني منها، وهو ذاتيٌ، لأنَّكَ تسعى أنْ لا تتلقى هذا التحفيز من مصادر خارج ذاتِكَ.
خلف المستوى الواعي من العقل والذي يسمح لنا بالتركيز على أنفسنا وما يتصل بها من أشياء يكمن العقل الباطن، الذي يقومُ بتشغيل أكبر قدر من السلوك، وهذا الجزء بالتحديد هو الذي يتمُّ التعامل معه في العلاج بالتنويم الإيحائي عبر التلقين والتدريب المنظّم والمقصود بهدف إعادة برمجتِهِ ليتعاملَ مع الأحداث العميقة والأكثر إثارةً للعواطف .
أساسيات للعلاج بالتنويم الايحائي
١- إذا كنْتَ غير راغب في التغيير المرجو فإنَّ التنويمَ الايحائي لا ينفع معك، وببساطة لا أحد قادر على إجبارك لفعل ما لا تريدُ فعله.
٢- التقبل: لابد أنْ تكون عندك العزيمة للدخول في الحالة، وتكون أنت متحكمًا وواعيًا للتلقين المطلوب زرعه في مستوى عقلك الباطن.
٣- التقنية تشبه الجلوس على كرسي وأنت تغمض عينينك، وتبدأ بتخيّل أشياء أنت تستجيب لها، والعقل الباطن لا يفرّق بين الحقيقية والخيال.
٤- أثناء جلستك الذاتية ستعمل في حالة من الاسترخاء الشديد على تغيير حالتك من الخمول للحماس، أو من العصبية للهدوء، أو من التشويش للتركيز.
النية والقصد
إنَّ أفضل حالات التنويم الايحائي الذاتي تحصلُ عندما نكونُ في حالة استرخاء، ويكونُ عقلُنَا الواعي أقلَّ نشاطًا، وكأنَّما نحن في حلم يقظة مقصود، ولنسميها “التنويم الايحائي“ المتعمد، فهو تنويمٌ ولكن بوعي، وببساطةٍ شديدةٍ فإنَّ التنويمَ الإيحائي هو حالةٌ من التواصل بين العقل الباطن والوعي، إنَّ دخولك في هذه التجربة والحالة يحتاج منك نية ووعي وتحكّم، المطلوب أنْ يرسلَ العقلُ رسائل للعقل الباطن، وهو في حالة اقتناع كامل بأنَّ الأفكار التي يتمُّ إرسالها للعقل الباطن تنمو، لذلك لابد من التدقيق بعمقٍ في تلك المعتقدات التي نرسلها للاوعي، فهي ستؤثرُ بشكلٍ كبيرٍ على إرادتنا وعزيمتنا، فحينما تقولُ لنفسِكَ باستمرار أنَّك لسْتَ مؤهلًا فسوف تكون غير مؤهل، لأنَّكَ درّبتَ عقلَكَ على التصرف بهذا الشكل، وصنعتْ عقيدتَكَ وشعورَكَ.
مناخ جلسات التنويم الايحائي
١- يمكن غقامة جلسات التنويم في كل مكان، وذلك لأنَّنا يمكن أنْ نحلم أحلامَ يقظةٍ في أي ظرف كان، ونتغافل كل المشتّتات، ومع ذلك فإنَّهُ من المفضّل اختيار مكانٍ خالٍ من التشويش ما أمكن، مع إضاءة هادئة.
٢- بالضرورة تحديد وقت لجلسة التنويم الايحائي، قد تستغرق من ١٥ إلى ٢٠ دقيقة.
٣- يعتبر تكرار الجلسات استراتيجية لتحقيق الأهداف من الجلسة.
٤- الاستعداد النفسي وتقبّل فكرة أنَّ طريقة التنويم الايحائي تنفعل، وتهيئة عقل المريض قبل الجلسة لها أثَرٌ في إحداث الغيير المرجو وجعل النتائج حقيقية.
٥- لا يطلب الاستلقاء على سرير وما يشبهه بل يمكنك إجراء جلسة التنويم الايحائي وأنت جالس.
٦- جعل البدن في حالة من الاسترخاء وابعاد القدمين عن بعضهما وكذا الرجلين.
لغة التنويم الايحائي
١- هي لغة الأحلام والخيال المجاز والاستعارة كأنَّكَ تصنع حلمًا، وهي لغةُ الوصفِ وصناعةِ صور محسوسة ومتخيّلة ومدمجة بالعاطفة داخل العقل الباطن.
٢- وهي أسلوبُ خطابٍ راقٍ ودقيقٍ ومحترمٍ في محاورة الذات، وتتضمن العبارات والاقتراحات التي تستجيبُ لها أنت بشكل أفضل وأقوى، والتي ترسلها حول الموضوع الذي تعمل على تغييره .
٣- عند كتابة الكلمات يتمُّ التركيزُ على الغايات التي تحلم بالوصول لها، والتصريح بالأهداف وبشكل ايجابي، أي بدل من التفكير السلبي عليك أنْ تحلمَ بالشخصية التي تريد أنْ تبدو عليها بعد التمرين.
٤- سيكون عليك كتابة كلمات بسيطة ومحددة وقوية وواضحة وعاطفية محبّبة، وستحرصُ أنْ لا تتسلل كلمة فيها شحنات الضعف والتسويف والسوء بدون رغبتك.
٥- اقرأ المقترحات التي كتبتها لنفسك عدة مرات قبل جلسة التنويم الايحائي.
٦- توقّعْ وأنت تقرأ تلك الكلمات أنْ ينجح التحفيز الذاتي ويأخذ مفاعيله في عقلك الباطن.
٧- عليك أنْ تقول ما تعنيه وتعني ما تقول، لأنَّ العقل الباطن يعمل ويطبق بشكل حرفي، لذلك إذا كان هناك استثناء لبعض الظروف عليك أنْ تشير لها كالظروف الطارئة والحرجة.
٨- لابد أنْ تحتوي الكلمات على مكافآة كأنْ تقول إذا خففتُ الوزنَ فسأكون أكثر صحة وسعادة.
إعداد برنامج التنويم الايحائي
اكتشاف البعد الذي تركز عليه في حياتك: يمكنك أنْ تكتشف البعد الذي تركّز عليه من خلال النظر إلى النتائج التي ظهرتْ في حياتك على أي مستوى من المستويات، من خلال ذلك ستعرفُ أين تنفق طاقتك بالفعل، يمكنك في لحظات من التأمل إعداد قائمة للنتائج الرئيسية التي حصلتَ عليها في حياتك، قد تضم قائمتك الثروة أو الديون، ربما الأصدقاء المميزين أو الاعداء الشرسين، وحتى التوتر أو السكينة والاستقرار، وسواء كنتَ واعيًا أم لا فهذه نتيجة ما كنت، وتقبل النتائج الحالية التي تعكس حقيقتك كما هي.
فكّرْ في التغيير الذي ترغب فيه: كيف تريد التحسين من النتائج، لنْ يتم ذلك إلا بالتركيز على أفكارك والقبض عليها متلبسة بأخذك في اتجاه الإخفاق، وصرف نظرك إلى عنصر الامتنان والحمد في ما تمتلك من إيجابيات.
حدّدْ وقتًا للوصول لغاياتك: فإذا كنتَ تريدُ التخفيف من الوزن أو الاقلاع عن التدخين أو التغلب على القلق فلا تريد البقاء طول عمرك في تجربة تخفيف الوزن فلابد من إعطاء البرنامج بداية و نهاية.
اعطِ لبرنامجك عنوانًا: من المهم أنْ يكون لكل مفردةٍ تسعى لتغييرها في نفسك برنامج محدّد، وقمْ بتذكير عقلك الباطن بانجازاتك بشكل متكرر.
الاقتراح الذي تكتبه هو ما تحصل عليه: وبشكل حرفي لأنَّ عقلك الباطن صارم جدًا في تنفيذ ما يقتنع به.
خطوات جلسة التنويم الإيحائي
الخطوة الأولى: الوصول إلى التنويم حيث يأذن لك وعيُكَ وعقلُكَ الواعي، وهو المتحّكم فعلًا في دخول حالة التنويم الايحائي ويشترط فيه:
١- أنْ تكونَ في مكان آمن .
٢- أنْ تكونَ عندك نية وقصد.
٣- أنْ تعد من الواحد إلى العشرة ويكون تنويمك بين الرقم ٦ إلى ١٠.
الخطوة الثانية: التحكم والسيطرة، فسوف ينبهك وعيُّكَ أنَّكَ تدخل الآن في تجربة التنويم، وأنت تتحكم تمامًا فيها، وسوف تذكر نفسك بأنَّكَ متحكّمٌ في الحالة، وأنَّكَ محمي من الصور العشوائية.
الخطوة الثالثة: مواصلة تعميق حالة النوم الإيحائي واستخدام الرمز الصور الخيالية الحالمة التي تجعلك تنجرف لطبقة أعمق من الحلم كأنْ تتخيّل نفسَكَ تمشي في وسط غابة أو تتسلق جبل أو تغطس في عمق البحر أو تسبح في الفضاء، تجوّل بعقلك أينما يريد، ولكن حافظْ على التركيز كي لا تتجول بشكل عشوائي.
الخطوة الرابعة: وهناك في عمق العقل الباطن سترسل اقتراحاتك وتسليم برامجك للتغيير، كنْ متحمّسًا لذلك، وتسويق اقتراحاتك وبرامجك وقرراتك في ذلك العمق، ثم اشكر عقلَكَ الباطنَ وقدّمْ له الاحترام؛ لأنَّهُ من ينطوي ويحتضن تلك الاقتراحات كبذور تنمو في داخله.
الخطوة الخامسة: الخروج من الحالة بالعدِّ من الواحد حتى الخمسة، ثمَّ افتح عينك.
بعد الجلسة
قم وأنت تحتفظُ معك بكلِّ المزايا الإيجابية التي قمتَ بتوصيلها خلال جلسة التنويم ودمجها في حياتك اليومية.
نصائح
١- اجعل برنامجك المكتوب بجانبك، وقبل الجلسة اقرأْ البرنامج بصوتٍ عالٍ وبحماس.
٢- سجّل صوتيًا برنامجك، وكأنَّكَ شخصٌ يقومُ بتنويم آخر نادِ نفسَكَ باسمِكَ، واعطِ نفسَكَ السلطة لتقديم المقترحات.