الفصل الثاني عشر: العلم بين الحرية والحتمية
الحتمية في الفعل: أن السلوك الإنساني تحدده عوامل مسبقة، ومن ثم يمكن التنبؤ به .
الإرادة الحرة: إنَّ الانسان قادر في قراراته وتصرفاته على الإختيار بين البدائل (ما لم يكن طفلًا أو مجنونًا)، علم النفس يرى أن الحتمية تقع خارج الإنسان ويسمونها “الحتمية البيئية“، فالبيئة هي المؤثر في الفعل، ولا يعتبرون الإختيار إلا توهمات، وكذلك البيولوجيون الإجتماعيون يعتبرون أن السلوك تتحكم فيه عمليات عصبية وهرمونية، ويرى أصحاب المذهب الإنساني أن حرية الإرادة ليست فقط ممكنة لكنها أيضًا ضرورية لتكون بشرًا كاملي الأهلية، وتقف مدرسة فرويد وسطًا بين الحتمية والإختيار، فالعلاج النفسي وهو إعانة المريض على التغلب على قوى اللاوعي، والأكثر يتبنى الحتمية اللينة الذي تسلّم بوجود الحرية مع تأثير العوامل البيولوجية والبيئية والتربوية، وهي النظرة التكاملية.
نشاط المخ الكهربائي
تجربة “ليبيت“: على المتطوعين أن يحركوا أصابعهم السبابة في لحظة يختارونها، وأن يسجلوا لحظة وعيهم بتحرك الإصبع باليد الأخرى على ساعة إيقاف موجودة أمامهم، و“ليبيت” يسجل نشاط المخ الكهربائي.
النتيجة: وجد ليبيت أن حركة الأصبع تسبق الوعي بها بمقدار ٢٠٠ مل ثانية في المتوسط، ونشاط المخ الكهربائي يسبق الوعي بـ ٢/١ ثانية، وبذلك استنتج أن القرارات بالحركة يتم اتخاذها في المخ بشمل غير واعٍ قبل وعي الفرد بالحركة.
أخطاء التجربة:
١- لا دليل على أن النشاط الكهربائي راجع لقرار غير واعي بالحركة.
٢- استجابة المختبَر لإدراكه أنه خاضع لتجربة.
٣- الوعي بقرار الحركة أمرٌ غامض لا يمكن تحديد توقيته بدقة.
٤- التجربة تتناول القرارات البسيطة (حركة الأصبع) كما أنها لا تتناول القرارات التي تستغرق أيامًا.
٥- مشكلات إجرائية (حكم المشارك ذاتي–أجهزة قياس مساك المخ الكهربائي غير دقيقة).
الجانب الديني المتعلق بالتجربة
استنتج الغزالي وجود نشاطات عقلية لا إرادية يقول العقل الواعي بالإستجابة لها، ومثال ذلك لو استشعر رجل أن امرأة تسير خلفه، فقبل أن يلتفت يثير عقله أربعة مستويات متتابعة من الأفكار وهي(الخاطر – الميل وهما جبريان ثم حكم العقل – الهم بالفعل)
تجربة: مريضة في بعض الأحيان تمد يدها اليسرى لتخنق نفسها، ثم تمد يدها اليمني لتمنع اليسرى، يحلل “راماشاندران” حالة هذه المريضة بأن لها إرادتين، إرادة في النصف الأيمن من المخ وأخرى الأيسر، ثم يتساءل: إذا كان نصف المخ مؤمنًا والثاني ملحدًا فعل يدخل الجنة أم النار؟ ويجيب المؤلف: انفصال المخ ما هو إلا حوارًا داخليًا يدور في أدمغتنا حول معظم القضايا، إذن تحدث مناظرة ثم نتخذ القرار المناسب.
يرى “ليبتون” عند تأمل الطبيعة تبدو الحياة ككائن واحد، يعمل في توازن دقيق من أحل تحقيق التفاهم والإنسجام، ليس بين الكائنات الحية فقط بل بين مكوّنات الطبيعة كمنظومة متكاملة .
الكلمة النهائية: لمدة ٤ سنوات منذ عام ٢٠١٠ أجريت دراسة بين الحرية والحتمية في نظر مختلف العلوم فكانت النتائج كالتالي:
١– العلوم العصبية: اتخاذ القرار عملية واعية مستمرة وليست تعليمات تمليها الخلايا العصبية.
٢– علم النفس: أثبتت الدراسات دور حرية الإرادة في الموازنة بين البدائل.
٣– الفلسفة: ما يطرحه الحتميون محل تساؤل، وأكدوا أن الأمر تحيطه اعتبارات أخلاقية ينبغي مراعاتها.
٤– علم الإجتماع: إن القول بالإرادة الحرة أمر بديهي نلمسه جميعًا.
ثم نبدي دهشتنا أن الحضارة الغربية تتبنى الحتمية وهي صدّعت رؤوسنا بالحرية الشخصية.
الفصل العاشر: عبدٌ مخيرٌ
الحرية الإنسانية في الإسلام: تقوم على محاور وهي:
١- حرية الإختيار، قدرة الإنسان على الإختيار ويستتبع ذلك عواقب يتحملها الإنسان.
٢- الإستطاعة، وهي البشرية على تنفيذ العمل.
٣- العلم والمعرفة، بعد المحور يصبح للمحورين السابقين معنى، وهي ربط الأمانة والخلافة بتعليم آدم عليه السلام.
يقول المؤلف أن القول بالجبر المطلق يتعارض تمامًا مع العقيدة الإسلامية، فمنْ لديه أدنى معرفة بالتصور الإسلامي يدرك أن الإسلام ينظر للحياة الدنيا باعتبارها لجنة امتحان سيحاسب على أدائه يوم القيامة، وهذا الأداء لا يكون إلا بناءً على اختيار حر لا إجبار فيه.
مجالات الجبر: المصائب – الرزق – الملك – العقل والفهم – مراحل الحياة – الجمال …إلخ
وسبب تفاوت مجالات الجبر بين إنسان وآخر للإبتلاء.
ركائز الإختيار: الإرادة الحرة– تساوي نازعي الخير والشر- وجود الضدين خارج النفس – وجود هاتف الخير وهاتف الشر – وعلة الركائز السابقة هي العلاقة بين المشية الإلهية والإرادة الإنسانية المختارة.