لم يتجاز عمره ستَّة عشر عامًا عندما استيقظ ضميره، وعزم صادقًا على التَّوبة النَّصوح.
بدأت أوَّل سرقة عندما كان في المرحلة الابتدائيَّة حينما يكون مع أصدقائه قافلين لمنازلهم.
سرقوا عدَّة محلَّات تجاريَّة بقصد اللَّهو والضَّحك، وكان مع صديقه يخطِّطان لسرقة البرَّادات، بحيث أحدهما يُلهي صاحبها بالأسئلة، والآخر يجمع ما يمكنه، ويقول: إنَّه تعلَّم هذه العادة المحرَّمة من آخرين يكبرونه سنًّا، إذ يسمعهم يتباهون.
تطوَّرتْ السرقة حتَّى طالت أقاربهم، حيث يقول: ما نرى مالًا قريبًا منَّا إلَّا انتشلته أيدينا مُغافِلِين أهله، لا سيما في بيت خاله الطَّيِّب، مع العلم أنَّ أهله يجدون عنده بعض الأشياء الجديدة، فيسألون عن مصدرها، فيكذِّب بأنَّها هدايا من أصدقائه، ثمَّ دار في أذهانهم ما يرونه من بطولات في بعض الأفلام في اتقان السَّرقة، فصارت السَّرقة – كما يعبِّر –: بحسب سلوكنا عملًا جميلًا، ونرتاح له.
مرَّة، وبعد فترة ليست بالقليلة طرق سمعهم قصَّة موسى مع الخضر (عليهما السَّلام)، فقال يسردُ أحداثًا: بدأ الأستاذ يشرح لنا حقوق النَّاس، ولا يجوز الاستيلاء عليها دون وجه حقٍّ، فالإنسان سوف يُسْأَل عنها يوم القيامة، ويجب التَّخلُّص قبل الموت ممَّا تعلَّقتْ به ذمتُه من حقوق الآخرين، هنا تحرَّك الضَّمير، وبدأ التَّأنيب!
بعض الأحيان ينسى ويسرق، ثمَّ يعيدها بطريقته، لكن ما العمل وقد أصبحتْ السرقة عادةً؟
ما الطَّريق للتَّخلُّص منها؟
١- عدم التَّصديق بعقائد الإسلام.
٢- الرَّغبة في السَّرقة، والاستيلاء على أموال الآخرين.
٣- الشُّعور بالنَّدم، ثمَّ إرجاع المال.
علاقات مع أصدقاء السُّوء.
١- أوَّل خطوة هي الاعتراف بالمشكلة، وهذه قد حصلت فعليًّا.
٢- طلب العون من الله تعالى؛ للتَّخلُّص منها وهو سوف يساعد قطعًا.
٣- الوثوق بالله تعالى هي إحدى الخطوات الضَّروريَّة في طريق المعالجة من هذا الذَّنب العظيم، ولا يريد الله تعالى بنا إلَّا خيرًا.
٤- ضرروة وضع قائمة بالمسروقات كلِّها.
٥- الإقرار على النَّفس أنَّ تلك السَّرقات ذنوبٌ، ومعاصٍ، ويجب التَّضرُّع لله تعالى للمغفرة، والرَّحمة.
٦- استشعار وتذوُّق أنَّ الله سبحانه تجاوز عنه، وغفر له، وهو يقوده لطريق الهدى.
٧- لتتم المغفرة جزمًا يجب إرجاع حقوق النَّاس، ومحاولة طلب الصَّفح، والعفو منهم ما أمكن لذلك سبيلًا، والاستغفار لهم باستمرار.
٨- إعادة كلِّ حقِّ لأهله مع التَّعويض، فإنْ لم تعرفه فيجب دفعها بعنوان ردِّ المَظالم.
٩- اعتماد - بإذن الله تعالى - برنامج المشارطة والمراقبة؛ كي لا يعود إليها أبدًا.
١٠- تصحيح قناعة أنَّ ما كان يقوم به صحيح وبطولة من خلال المشاركة في برنامج علاج عاطفيٍّ عقلانيٍّ.
١١- لكبح الرَّغبة في السَّرقة يجب اعتماد المعالجة عبر العلاج المعرفيِّ السُّلوكيِّ.
١٢- بعد خوض هذه التَّجربة في تخطِّي محنة عادة السَّرقة، لا بدَّ من تقديم المساعدة لأصدقائه الَّذين كانوا معه في نفس الطَّريق كما استفاد هو من الخطوات أعلاه.
نتوقَّع أنَّه سوف يتخلَّص في مدَّة قياسيَّة من عادة السَّرقة.
فعلًا لم تكن المدَّة طويلة - ولله الحمد - في التَّخلُّص من هذا الذَّنْب العظيم، فلقد بادر عمليًّا بإرجاع أموال مَن يعرفهم، كما كتب رسائل اعتذار لأصحابها، وهو يسارع بتحضير نفسه لإكمال ردِّ المظالم لمَن لا يتذكَّرهم، أو لا يعرفهم عن طريق الصَّدقات، والحمد لله رأى وخطى لمساعدة أصدقائه.