شابَّة ذَكيَّة، هي خريجة جامعيَّة، وتدرس في الحوزة أيضًا، قد بدأت العمل في التَّدريس بشكل جزئيٍّ، فلاحظت أنَّ الوسواس يغزوها في الصَّلاة، وبالذَّات في السُّجود، ثمَّ طوَّر الوسواس عندها من محتواه ومضامينه شيئًا فشيئًا حتَّى وصلتْ إلى وسواس الطهارة – وندعو بكلِّ إخلاص لكلِّ مصاب بالوسواس المبادرة بالعلاج، لأنَّ الحياة به لا تُطاق والله المعين -.
ولم يتوقَّف الوسواس عند ذلك الحدِّ وكأنَّه جرَّار وقد انفتح، فبدأ شكُّها يحيط بمَنْ حولها أيضًا!
تصوَّروا أنَّها لا ترى مجموعة من صديقاتها، أو غيرهنَّ إلَّا وسمعت الحديث الذي في الرَّأس يحذِّرها قائلًا: إنَّهم يتحدَّثون مع بعضهم البعض عنكِ، حتَّى إذا ارتفع صوت ضحاكاتهنَّ، قال لها الصَّوت: لا أشكُّ أنَّهم يضحكون عليك، ويتهامسون عنك!
كم هو شعور كَريه أنْ يطاردك إحساس: إنَّ النَّاس هنا وهناك ليس لهم همٌّ إلَّا الحديث عنك، وانتقادك، والتَّفكُّه بِك.
تلوح من ذِكريات الماضي، وقصَّة طفولتها بعض أسباب هذا الوسواس، هي كانت صبيَّة متفوِّقة، وزميلاتها الطَّالبات كُنَّ يحسدْنَها على مستواها المتقدِّم – هذا شعورها طبعًا –، مع تميُّزها، وتفوُّقها الدِّراسيِّ كانت حياتها المعيشيَّة بسيطة لدرجة أنَّها تخجل خجلًا كبيرًا أنْ تدعو أيَّ صديقة تأتي لزيارتها لقلَّة ذات اليد، وما زاد الطِّين بلَّة أنَّها لم تكن واثقة من مستوى جمالها، ومظهرها الخارجيِّ، وفي مرحلة الشَّباب أُصِيبت بـ(حَبِّ الشَّباب) – وهي مرحلة يُصاب فيها الكثيرُ من الشَّباب –، وأضاف لها ضعفًا في ثقتها بنفسها أكثر من ذي قبل، فتراكم الضَّعف على الضَّعف!
لمَّا تزوَّجت كان زوجها راضيًا معجبًا بشكلها، وزوجُها داعمٌ وممتدحٌ لها إلَّا أنَّها مطمئنة أنَّ ذلك لا يعدو كونه مجاملة لا أكثر.
١- ضعف الثِّقة بالنَّفس.
٢- أطياف مختلفة من الوساوس.
١- تجنُّب الاختلاط بالنَّاس.
مع ما يبدو من صعوبة هذه الحالة، وتطوُّر وسواسها وتشعبه إلَّا أنَّ العزم على المعالجة، وطلب المساعدة يؤدِّي بعون الله تعالى حتمًا إلى العلاج، والتَّخلُّص من كلِّ آثار هذا المرض، فكان برنامج العلاج كالتَّالي:
١- استخدام تقنيَّة التَّعرض وعدم الاستجابة لعلاج وسواس الصَّلاة، والطَّهارة.
٢- الاستشفاء بالوعي، والمراقبة دون حكم.
٣- الالتزام بالأوراد اليوميَّة، والقيام بالأعمال الصَّالحة ممَّا يكون له أثر في الشَّحن الرُّوحيِّ.
٤- ممارسة الرِّياضة لا سيما رياضة المشي.
٥- العلاج بالقراءة، (أو الببليوثيرابيا Bibliotherapy).
٦. قراءة الكتب المختصَّة بإعادة الثِّقة بالنَّفس، ورفع مستوى الوعي، مثل: دع القلق – قوَّة الآن – العادات السَّبع ...، وغيرها)، حيث إنَّ قراءة هذه الكتب لها أثر بالغ، ويكون الأثر أكبر عند تلخيصها، والعمل بمقتضاها.
تعاطتْ الأخت مع البرنامج بكلِّ جِدِّيَّة، ونفعت معها الاقتراحات كثيرًا، وغير صورتها، وثقته بنفسها، هي الآن تجد لها من نفسها رقيبًا واعظًا، فقد أنار ضوء الوعي حياتها، وتغلَّبت على الوساوس الاجتماعيَّة، والمرتبطة بالشَّكل والجمال.
قضت تمامًا على وسواس الوضوء، والصلاة باستخدام تقنيَّة التَّعرُّض وعدم الاستجابة.