الرجاء من جنود العقل وضده القنوط واليأس من جنود الجهل وإبليس
العقل أدرك بنور الفطرة وأدرك بالذوق المعنوي أن الحق تعالى كامل مطلق، ولا يطرأ على ذاته ولا صفاته ولا أسمائه تحديد أو تقييد.
الرجاء من الفطرة والقنوط يخالفها، وينطلق الرجاء من حسن ظني بالله تعالى، والقنوط من سوء الظن بالله تعالى، ويحصل الاحتجاب عند الالتفات إلى الطبيعة والشجرة الخبيثة.
الفرق بين الرجاء والغرور
حب النفس والإعجاب بها ينتج الغفلة ثم يرى النقائص والعيوب كمالًا، وهذا أحد مراتب نسيان النفس، والغرور من أكبر جنود إبليس عكس الرجاء.
مبدأ الرجاء العلم بسعة الرحمة والايمان ببسط الفيض، ومبدأ الغرور التهاون بالأمر الإلهي والجهل بعوالم الغيب.
الرجاء يقود إلى تزكية الأعمال وتصفية الأخلاق والجد في الطاعة، وصاحب الغرور يتخلف عن كسب المعارف وتحصيل الأخلاق، والنفوس الراجية تقوم بالأمر على أكمل وجه مع ذلك لا تتكل على أعمالها، والنفوس المغرورة تتخلف عن الكمالات وتقحم نفسها في صف أراذل الحيوانات.
فالراجون مثل الزارع قام بعمله ونثر البذور في وقتها وسقاها الماء، رأوْا ظهور الثمر بقدرة الحق تعالى، أما المغرورون منشغلون وقت نثر البذور باللهو واللعب.
في الكافي عن الصادق عليه السلام: قال قلت له: قوم يعملون بالمعاصي ويقولون نرجو، ولا يزالون كذلك حتى يأتيهم الموت، فقال: هؤلاء قوم يترجحون في الأماني كذبوا ليسوا براجين، إن مَنْ رجا شيئًا طلبه، وَمَنْ خاف من شيء هرب منه.
في رواية أخرى: لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون خائفا راجيا ولا يكون خائفا راجيا او يكون عاملا اما يخاف ويرجو .
الفرق بين الخوف وهو من جنود العقل والرحمن، والقنوط من جنود الجهل والشيطان
الخوف إما من جلال الحق وعظمته وإما من التفكر في شدة بأسه ودقة حسابه وإما من رؤية النقصان في النفس وتقصيرها، والقنوط من تقييد الرحمة الالهية وقصور غفران الله وهو من أكبر الكبائر، ونتيجته رفع اليد عن العمل وانقطاع حبل العبودية، فلابد من التصدي لعلاج هذه الكبيرة المهلكة.
عليه أن يتفكر في رحمة الله الواسعة والألطاف الخفية، فالله أجرى الألطاف للانسان وسائر الحيوانات منذ طفولته حتى كهولته.
وأعظم تلك النعم نعمة التربية المعنوية، وهي مخصوصة بالانسان، مثل إرسال الرسل والكمالات الانسانية، وكل تلك النعمة ابتدائية منه سبحانه.
كيفية الجمع بين الخوف والرجاء
الجمع بينهما بطريقين:
الاول: وهو مختص بالكاملين وأرباب المعارف، وهو الجمع بين أسماء الجمال وأسماء الجلال، أو الجمع بين التجلي بالرحمة والتجلي بالعظمة، وفي هذه القلوب يغلب تجليات الجمال على تجليات الجلال، وبعضها أقرب إلى العظمة كالقلب اليحيوي عليه السلام.
وهناك قلوب جمعت بين التجليين حتى تصل إلى أفق الاعتدال الحقيقي، وصاحب هذا القلب الجمعي الأحدي الأحمدي هو خاتم دائرة الكمال صلى الله عليه وآله.
وقد ثبت أن أولي الألباب والعارفين كل اسم جمال هو في باطنه جلال، وكل اسم جلال في باطنه جمال لهذا يحصل الأنس بعد التجليات الجلالية، في الكافي عن الصادق عليه السلام قال: قلت له، ما كان في وصية لقمان؟ قال كان فيها الأعاجيب، وكان أعجب ما كان فيها أن قال لابنه: خف الله عز وجل خيفة لو جئته ببر الثقلين لعذبك، وارجُ الله رجاءً لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك، ثم قال أبو عبدالله عليه السلام: كان أبي يقول: إنه ليس من عبد مؤمن إلا وفي قلبه نوران: نور خيفة، ونور رجاء، لو وزن هذا لم يزد على هذا، ولو وزن هذا لم يزد على هذا.
وفي دعاء زين العابدين عليه السلام: أدعوك راهبا راغبا راجيا خائفا إذا رأيت مولاي ذنوبي فزعت، وإذا رأيت كرمك طمعت، فإن عفوت فخير راحم، وإن عزبت فغير ظالم.