سبل السلام

الإمام علي (عليه السَّلام): «لن تعرف حلاوة السَّعادة حتى تُذاق مرارة النَّحس».

(ميزان الحكمة 4/222، الريشهري)
Sparrow Image With Rain Water And Risograph Ra 6300 Texture

تطبيقات لتقنية التعرض ومنع الاستجابة

السعادة والحب والفرح والشعور بالاطمئنان والأمن والتحرر يتطلب منّا وعيًّا ومعرفةً واقعيّةً للتخلص من المشاعر السلبية غير المرغوب فيها وبصيرة تعيننا على تخفيف معاناتنا، لإنَّ قمع المشاعر والتهرب منها وكبتها يخرجها على هيئة آلام وأمراض نفسية واضطرابات جسدية، وهذه الحقيقة واضحة وثابتة عند علماء النفس فإن مكنيزما وآليات الدفاع مضللة جدًا ومعيقة للارتقاء والشعور بالسلام الداخل، لذلك فإنَّنا بحاجة لتقنية تسهم في التشافي الذاتي، فتحررنا من المشاعر السلبية تنعكس علينا بالسلامة والصحة النفسية على الجسد فيسلم وعلى السلوك فينخفض القلق، ولا نحتاج للهروب للنوم الزائد أو الطعام الزائد، بل ويحدث نشاط أكثر وكفاءة أعلى، كما ويسهم التطور النفسي في تحسين العلاقات وتقليل النزاعات واكتشاف قدرات ابداعية ونفسية لم تكن معروفة من قبل، والأهم من ذلك انبعاث نور الفطرة وإدراك الهوية الحقيقية التي تمنحنا السعادة الخالدة والشعور بالرضا، وهذه التقنية التي تعتمد على المراقبة يعبر عنها علماء النفس بتقنيةالتعرض ومنع الاستجابةوقد أسماها الدكتور هوكننز في أكثر مصنفاته بتقنيةالسماح بالرحيل“.

التعرض ومنع الاستجابة

وهي آلية بسيطة وفعَّالة للتخلص من السلبيات وهي تقنية تبتني على التسليم والسماح لمثيرات القلق بالبقاء وعدم التجاوب معها عمليًا .

والملاحظ التي نود الإشارة إليها أنَّ هذه التقنية لن تكون مجدية، ولن يشعر الإنسان بالسلام ينبع من داخله إذا لم يستند للمصدر الفياض، فمالم يرجع الإنسان لفطرته الأصيلة وتوقه المتوقد للامتناهي، وتعلقه الوجداني الغني عن البرهان، والمشهود في عمق ذاته بالارتباط والافتقار للمطلق الغني بالذات فلن يتذوق طعم الراحة والفرح الروحي والسعادة الخالدة، لأنَّ السعادة والحب والنجاح والعافية توجد في دواخلنا، وهي تتطلب منّا الإيمان الفطري المودع في قلب كل إنسان (فطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) الروم:30، هذه الفطرة التي لا تتخلف فلا يشذ عنها كائن بشري ولا تختلف باختلاف الأفراد لأنها مختمرة في أصل طينتنا يشترك فيها العالم والجاهل ، المتدين وغير المتدين، الذكر والأنثى .

وأما الحزن المَرَضي والغضب الجامح المترسخ واليأس والقلق، فهي أمورٌ ينتجها الإحتجاب عن نور الفطرة وذلك الشوق الأكيد، والإحتجابُ بالشعور الراسخ بالنقص الذي ننفر منه بالطبع أيضًا، ورفع ذلك الحجاب يتطلب التسليم.

كما تجدر الإشارة إلى ملاحظة أخرى وهي أنَّ التسليم الذي يعد الركن الأساسي في تقنية التعرض ومنع الاستجابة ليس إضافة، إنَّهُ نوعٌ من التخلي والطرح والتخلص وليس له ارتباط بالمشقة، بل أن تبصر وتراقب بوعي جروح الطفولة من الغضب أو القلق أو اليأس الذي تحمله، والذي يتمحور في شخصيتك كآلية دفاع، ويتحول من صورة للأخرى فمن شكل الغضب للجد والتزمت، ومن التوق للحب للتزلف والإحباط وتسمح لتلك الطاقة الكامنة خلفها بالرحيل، فالآلية التسليم والتعرض تمر بـ:

  1. الاعتراف بوجود مشاعر سلبية حملناها معنا وتطورت منذ الطفولة.
  2. الشجاعة لرؤية تلك السلبيات وهي تعمل وتحولنا لآلات تلقائية الاشتغال.
  3. التحرر منها فهي تتسلح بالعمل في الخفاء وبعيدا عن الوعي.

حينما تبدأ في استخدام هذه التقنية ستدرك أن البصيرة يمكن لها أنْ تبرمج عقلك الباطن، وأنَّ بذل المجهود في المراقبة الواعية يحدث فرقًا ملحوظًا يشهده المقربون منك، وأنك بدأت تتخلص من الأوزار والأثقال التي تنقض ظهرك.

شارك المقال:
هل وجدت هذا المقال مفيدًا ، يمكنك الاشتراك لتصلك مقالات مشابهة
مواضيع ذات علاقة
A heart reflects serenity in the water at sunset.

التطمين سبيل علاجها

الاستشفاء بالقرآن عند أهل البيت

الاستشفاء بالقرآن عند أهل البيت

الشك في الناس - A man seeking repentance in front of a laptop screen.

عادت الثقة بعد الشك في الناس الرهيب

A blue rug adorned with a book and a rosary as symbols of victory over obsessive prayer.

انتصارها على وسواس اعادة الصلاة

المعرفة الوجدانية

الوسواس و المعرفة الوجدانية أنقذتها

توهم الموت- A Muslim man regularly praying on a red rug as a result of avoiding sins.

ثم عاد إلى ربه

العلاج السلوكي المعرفي | الطمأنينةُ و الوقار في سَكينَة

العلاج السلوكي المعرفي

الوسواس ٢: الوسواس قاطع طريق | الطمأنينةُ و الوقار في سَكينَة

الوسواس ٢: الوسواس قاطع طريق

الوسواس ٤ : طقوس الوسواس | الطمأنينةُ و الوقار في سَكينَة

الوسواس ٤ : طقوس الوسواس

هل تكتب مقالات؟

تستطيع الكتابة لمساعدة الآخرين، اكتب لنا و سننشر لك مع الاعتبار لسياسة كتابة المقالات التي نتبعها

Survey
Interested in reading articles
Articles Writer