أعراض الخوف وتشخيصه وعلاجه
وفقًا لبحوث علم النفس فإنَّ الخوف هو عاطفة أولية تتضمن استجابة كيميائية حيوية عالية واستجابة عاطفية فردية عالية، ومن حسن حظنا فإنّ الخوف ينبهنا إلى وجود خطر أو تهديد نتعرض له، سواء كان ذلك الخطر جسديًا أو نفسيًا، ويعرّف علماء الأخلاق كما في جامع السعادات ( النراقي، جامع السعادات، ج1 ص195.) وهو تألم القلب واحتراقه بسبب توقع مكروه في الاستقبال مشكوك الوقوع، فلو علم أو ظن حصوله سمى توقعه انتظار مكروه، وكان تألمه أشد من الخوف.
ينبع الخوف أحيانًا من تهديدات حقيقية، ولكنه قد ينشأ أيضًا من مخاطر متخيلة تنشأ نتيجة تصورات خاطئة لا أساس لها، في حين أنَّ الخوف هو استجابة طبيعية لبعض المواقف، إلا أنَّهُ يمكن أن يؤدي أيضًا إلى الضيق والاضطراب عندما يكون شديدًا أو غير متناسب مع التهديد الفعلي، بجانب ذلك فقد يكون الخوف أحد أعراض بعض حالات الصحة العقلية، كاضطراب الهلع واضطراب القلق الاجتماعي والرهاب واضطراب ما بعد الصدمة، وبما أنّ الفعل هو رد فعل طبيعي نتيجة لموقف تهديد أو خطر أو أي مصدر مقلق، فإنّه يتكون من تفاعلين أساسييْن تجاه نوع من التهديد المتصور: الكيمياء الحيوية من جهة والعاطفية من جهة أخرى.
التفاعل الكيميائي الحيوي
الخوفُ عاطفةٌ طبيعيةٌ وآلية دفاعية متطورة وسريعة للبقاء تحدث في لمح البصر، فعندما نواجه تهديدًا محسوسًا فإنَّ أجسامنا تستجيب بطرق محددة وفاعلة في معظم المواقف، وتتضمن ردود الفعل الجسدية للخوف مجموعة من المؤشرات كالتعرق وزيادة معدل ضربات القلب وارتفاع مستويات الأدرينالين، التي تجعلنا في حالة تأهب قصوى فاعلة، تُعرف هذه الاستجابة الجسدية أيضًا باسم استجابة “القتال أو الهروب”، والتي من خلالها يجهز جسمك نفسه إمَّا للدخول في القتال أو الهروب، ومن المحتمل أنْ يكون هذا التفاعل الكيميائي الحيوي تطوريًا، وهو بلاشك استجابة تلقائية ضرورية للبقاء.
الاستجابة العاطفية
إنَّ الاستجابة العاطفية من ناحية أخرى للخوف شخصية للغاية، لأنَّ الخوف ينطوي على بعض التفاعلات الكيميائية في أدمغتنا مثل المشاعر الإيجابية كالسعادة والإثارة، فإن الشعور بالخوف في ظل ظروف معينة يمكن اعتباره ممتعًا، كما يحدث أثناء مشاهدة أفلامٍ مخيفة، أو لقطات مخيقة كالطيران الحر أو تسلق الجبال أو التعامل مع حيوانات مفترسة في البر أو البحر كما في الأفلام الوثائقية، أو متابعة مباراة كرة قدم لفريق نشجعه ففي الوقت الذي نخاف أنْ ينهزم فنحن في الوقت نفسه نستمتع بمشاهدة المباراة بما فيها من تنافس وإثارة.
الخوف حالة ذهنية
يعد فهم مصدر الخوف خطوة أُولى مهمة في تعلّم كيف تكون شجاعًا، الدكتور أندرو هوبرمان أستاذ علم الأعصاب وطب العيون في كلية الطب بجامعة ستانفورد وهو خبير يقول في الخوف إنه يأتي بالكامل من الدماغ، ويعتمد الخوف على كيفية إدراكنا للموقف أو البيئة، وندرك كلنا العالم بشكل مختلف قليلاً، وهذا يفسر سبب خوف الناس من أشياء مختلفة، فبعض الناس يخافون من العناكب والبعض الآخر لا يمانعون من التعامل معها على الإطلاق، أو ربما لديهم خوف شديد من الطيران، بينما يحبها الآخرون ويستمتعون أثناء التحليق.
لكنَّ الخوف لا يظهر فقط في عقولنا فإنَّ أجسامنا تتفاعل مع الخوف بالتوتر، والذي يأتي باستجابات فسيولوجية مميزة، ويبدأ التوتر في الدماغ عند اكتشاف تهديدٍ ما، ثمَّ يرسل إشارات إلى الجهاز العصبي السمبثاوي والذي يحوي أعصاب واردة وأعصاب صادرة، فيقوم الجهاز العصبي السمبثاوي بدوره بإرسال الناقلات العصبية والهرمونات عبر جهاز الغدد الصماء، دافعًا الدم إلى الأعضاء والعضلات الأكثر أهمية، وهذا هو السبب في زيادة معدل ضربات القلب لدينا، ونتنفس بشكل أقوى، وتتسع حدقة العين، ونتعرق عند الإجهاد.
بينما يتم تحفيز وظائف معينة، فالبعض الآخر من الوظائف تتباطأ أو تتوقف، أي شيء ليس مطلوبًا على الفور للاستجابة للتهديد، مثل نمو الأظافر أو الغدد اللعابية، يصبح أقل أولوية، وهذا يفسر سبب الشعور بجفاف الفم عند بدء دورة التوتر، فالواحد منا لا يحتاج إلى اللعاب عندما يقاتل من أجل البقاء.
بمجرد أن يحدد دماغنا تهديدًا ويبدأ نظامنا العصبي السمبثاوي عندها تبدأ أجسامنا بمنحنا ثلاثة خيارات: القتال أو الهروب أو التجميد، فأولاً قد يطلب منا جسدنا محاربة التهديد، وأمّا ثانيًا قد يطلب منا جسدنا التراجع وهو ما يُعرف أكثر باسم الطيران، بينما ثالثًا قد نشعر وكأننا نتجمّد، وهو في الواقع تذبذب بين القتال والهروب بينما نحاول معرفة أيهما نختار.
أعراض الخوف
ينطوي الخوف غالبًا على أعراض جسدية وعاطفية، فقد يشعر كل شخص بالخوف بشكل مختلف، ولكن بعض العلامات والأعراض الشائعة تشمل:
- ألم في الصدر.
- قشعريرة.
- جفاف الفم.
- غثيان.
- ضربات قلب سريعة.
- ضيق في التنفس.التعرق.
- ارتجاف.
- اضطراب معدة.
بالإضافة إلى الأعراض الجسدية للخوف قد يعاني الأشخاص من أعراض نفسيّة تتمثل في الشعور بالإرهاق أو الانزعاج أو الشعور بالخروج عن السيطرة أو الشعور بالموت الوشيك.
تشخيص الخوف
إنّ التحدث إلى الطبيب المختص عندما نعاني من مشاعر الخوف المستمرة والمفرطة هو السبيل الأفضل للتعامل مع تلك المشاعر المضطربة، فقد يقوم الطبيب المختص بإجراء فحص جسدي وإجراء فحوصات معملية للتأكد من أنَّ هذا الخوف والقلق غير مرتبطين بحالة طبية أساسية.
سيطرح المختص أيضًا أسئلة حول الأعراض التي نعاني منها، بما في ذلك المدة التي مررنا بها وشدتها، والمواقف التي تميل إلى تحفيزها، اعتمادًا على الأعراض، قد يشّخص الطبيب نوعًا من اضطرابات القلق مثل الرهاب.
أنواع الخوف
الخوف على نوعين:
- النوع الأول: مذموم بجميع أقسامه، وهو الذي لم يكن من الله ولا من صفاته المقتضية للهيبة والرعب، ولا من معاصي العبد وجناياته، بل يكون لغير ذلك من الأمور، وهذا النوع من رذائل قوة الغضب من طرف التفريط، ومن نتائج الجبن.
- النوع الثاني: وهو محمود، وهو الذي يكون من الله ومن عظمته ومن خطأ العبد وجنايته، وهو من فضائل القوة الغضبية، إذ العاقلة تأمر به وتحسنه، فهو حاصل من انقيادها لها.